دام برس ـ طرطوس ـ سهى سليمان :

تمثّل الحرف اليدوية في طرطوس جزءاً من الثقافة الجمالية الأصيلة التي تعكس تاريخ الحضارة الإنسانية.. وتضفي متعة للناظر والمتأمل لتلك اللوحات التي تبدع أيدي الحرفيين في  صنعها، معتمدين على أدوات بسيطة ومستخدمين منتجات من الطبيعة ليعيدوا تشكيلها بشكل فريد ومتميز، كما تعكس تلك الحرف والصناعات اليدوية جوانب الهوية الوطنية وتساهم بدور كبير في تنشيط الحياة الاقتصادية والسياحية.
وعلى الرغم من التطور التقني في الصناعات بكافة أشكالها إلا أن قطاع الحرف والصناعات اليدوية لا زال صامداً إيماناً منه بالقيمة التراثية لتلك الحرف والمنتجات.
وفي متابعة لمؤسسة "دام برس" الإعلامية بتغطية فعاليات مهرجان الشيخ صالح العلي في دورته التاسعة عشر وبمناسبة الذكرى السبعين لعيد الجلاء (الاستقلال)، التقت المؤسسة عدداً من الحرفيين الذين شاركوا بأعمال متميزة في معرض للمهن التراثية لاتحاد الحرفيين ومعرض آخر للفن التشكيلي لفرع اتحاد الفنانين التشكيليين بطرطوس ومتحف الشيخ صالح العلي.
وقد عبّر الفنانون المشاركون في لوحاتهم عن تضحيات وبطولات الأجداد محاكين الأزمة وواقعها ومكرسين معاني الشهادة وصمود الجيش السوري في سبيل الوطن، إضافة إلى لوحات تراثية من البيئة الساحلية وطبيعتها الجميلة.
سيدة القش: المرأة فاعلة ومؤثرة من خلال عملها
الحرفية جمانة إبراهيم والحائزة على لقب سيدة القش في سورية وعلى جوائز فضية وبروزنة على مستوى العالم، تحدثت عن مشاركتها في المعرض كامرأة تحافظ على تراث وأصالة الأجداد، مشددة على دور المرأة في استكمال الرسالة من خلال إجراء دورات للنساء في المراكز الثقافية لتعليم صناعة القش والمنتوجات الحرفية المتنوعة، لتكون المرأة فاعلة ومؤثرة في المجتمع.
 كما قدمت الحرفية روجيه إبراهيم لوحات جديدة من شرانق الحرير مدخلة إليها بعض أنواع الورود ونماذج من الصناعات الحريرية كالملابس والشالات، في حين قدمت الحرفية ريم سلمان أعمال تتضمن مجموعة تزيينية مصنوعة من أسلاك ورقائق النحاس مع إضافة بعض أنواع الخرز وحجر البلور.
المهن اليدوية وضرورة الحفاظ عليها من الانقراض
بدورها أكدت السيدة نظمية ملحم إسماعيل رئيسة جمعية المهن اليدوية في الاتحاد الحرفيين على أهمية استمرارية المهن اليدوية والعمل على الحفاظ عليها من الانقراض خاصة في ظلّ عصر التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، وتوعية الأجيال القادمة بأهمية التراث الأصيل.
وتحدثت عن مشاركتها في المعرض من خلال بعض الأعمال الفخارية والرسم على اليقطين، موضحة أنه في فترات سابقة كان استخدام الفخار واليقطين يقتصر على تعبئة الطعام والشراب، أما اليوم يمكن استخدامه في أغراض الزينة من خلال الرسم عليه.
وأشارت السيدة نظمية إلى أنها مدربة مهن يدوية في جمعية الرجاء لذوي الاحتياجات الخاصة، وأن مشاركة الأطفال لها أهمية خاصة في إثبات دورهم وقدرتهم على التواجد بفعالية وعرض منتوجاتهم رغم كونهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.
طموح عالٍ، لأطفال جمعية الرجاء
الطفل علي محمد من جمعية الرجاء لذوي الاحتياجات الخاصة عبّر بطريقته الخاصة عن طموحاته الكبيرة، وعن مشاركته في رسم لوحات معبرة عن معارك الجيش وتضحياته، موجهاً تحياته وتقديره لجميع القائمين على الجمعية وعلى كل من يساهم في دعمهم خاصة السيدة الأولى أسماء الأسد.
كما قال إنه سيشارك مع رفاقه في مسابقات عالمية، مؤكداً على أنه يحمل سلاح التفوق والرسم ليكون جنباً إلى جنب مع الجيش السوري في معاركه لحماية الوطن وإعلاء كلمته.
سيدة في الخمسينات، وإبداع في تشكيل لوحات من البذور
أما السيدة دلال ديوب مواليد عام 1960، والمشاركة في المعرض لصناعة وإعادة تدوير وتشكيل لوحات فنية فريدة من البذور (المشمس والدراق والجوز)، ذكرت أنه من الضروري تطويع هذه البذور لتشكيل رسومات ولوحات تعكس الذوق الأصيل للمرأة العربية وقدرتها على إثبات دورها في المجتمع.
وبيّنت أن العمل على هذه اللوحات ممتع جداً من خلال تعتيق هذه البذور والتي تختلف عن اللوحات الصناعية، فهي تبرز الطبيعة والتراث القديم، إضافة إلى عدم الاستغناء عن هذه البذور ومحاولة صنع أشكال مختلفة تخدم لأغراض الزينة الجميلة.
ووجهت كلمة إلى جميع السيدات العاطلات عن العمل منبهة إياهن لأهمية الوقت وعدم إضاعته، واستغلال جميع الفرص للعمل البناء والهادف والمعبر عن تطلعاتهن وإبداعهن.
أهمية متحف الشيخ صالح العلي تأتي من رمزيته
وكان أمين متحف الشيخ صالح العلي السيد نبيل يونس أشار إلى رمزية المتحف كونه البيت الذي كان يقضي فيه الشيخ صالح العلي أغلب أوقاته، كما كان يعّد معقلاً من معاقل الثورة.
وأوضح أنه المنزل تحول إلى متحف دائم بعد تقدير وتكريم من السيد الرئيس لدور الشيخ صالح العلي ورفاقه المجاهدين.
وبيَن أمين المتحف أن جميع الفنون المعمارية القديمة والأثرية موجودة، حيث تجد الأسقف الخشبية والجدران والسواميك، والبناء مؤلف من الحجر الكلسي، ومجموعة من القاعات الغنية بكافة العناصر من حيث الوثائق التاريخية التي توثق فترة هامة من عام 1916 حتى السبعينيات، ونموذج لبيت ريفي قديم عاصر الثورات بكافة عناصره من أدوات المنامة والمطبخ والأدوات الموسيقية المستخدمة في ذلك الوقت.
كما ذكر أن المتحف يحوي قاعات تشمل مقتنيات خاصة بالشيخ المجاهد، من أدواته وحتى الأسلحة التي كان يستخدمها مع رفاقه وصور لزوجاته ووصيته.