دام برس - بلال سليطين :

قد تكون الصورة التي ظهر فيها مقاتلون من حزب الله يؤدون التحية لرئيس أركان الجيش السوري هي الصورة الأهم على الإطلاق في سجل الصور المنشورة عن الأزمة السورية لما تحمله من معانٍ ودلالات تقطع الشك باليقين حول طبيعة العلاقة بين الجيش السوري وحزب الله، لدرجة أن بعض المتابعين وصفوها بأنها صورة مشعة، مليئة بالصفاء والوضوح.

في الصورة بدا مقاتلون منظمون مصطفون وكأنهم في اجتماع لقطعة عسكرية في الجيش السوري وتقف باستعداد لاستقبال رئيس أركان المؤسسة العسكرية، وهم (مقاتلو الحزب) لا يختلفون في طبيعة الإصطفاف وشكل المشهد الذي ظهروا به عن تشكيلات الجيش السوري إلا في اللباس الذي يتميز به كل منهما وإن كانا طرفاً واحداً في هذه الحرب.

كما أن هذه الصورة لا تغفل الإشارة إلى أن كل ما قيل عن وجود المقاتلين غير السوريين على الأرض السورية وطبيعة هذا الوجود ليس إلا كلاماُ إعلامياً تحريضياً مجافياً للحقيقة التي توضحها الصورة بشدة، ومفادها أن هؤلاء المقاتلين القادمين من لبنان هم قوات داعمة للجيش السوري وتعمل تحت قيادته وتوجيهه، وقادة الجيش في سورية هم قادة كل القوات الرديفة أو مابات يعرف في سورية بالأصدقاء، الذين يسميهم الشارع السوري "الأصدقاء الأوفياء" في إشارة إلى وفائهم لسورية وقتالهم إلى جانب جيشها في هذا الحرب التي يخوضها ضد الإرهاب المتمثل بتنظيمي داعش والقاعدة.

وتذهب أبعد من ذلك بكثير في أن من تلقى له التحية هنا هو قائد في الجيش السوري وسوري الهوية، وهو صاحب الكلمة الفصل في أن يثَّبت وجود المقاتلين غير السوريين على الأراضي السورية، وهو من يقول انتهى دورهم، فيعودون إلى مواقعهم الأصلية في دولهم لمتابعة دورهم ضمن محور المقاومة، بينما هناك في المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة والتي تقاتل ضد الجيش السوري، من يقود المقاتلين غير السوريين؟ ومن يمون عليهم؟ ومن من السوريين هناك تلقى له التحية؟، فالوقائع تشير إلى أن القادة هناك معظمهم غير سوريين (شيشان، أفغان، سعوديون، كويتيون ... إلخ)، والسوري هو من يلقي التحية لهم، ولم يعد بمقدوره إخراجهم من البلاد وعلى العكس هم أخرجوه منها وقد غادرها إلى مخيمات اللجوء،  في حين يتصدر المقاتلون الأجانب المشهد وهم لايخفون أنهم جزء من تنظيمات غير سورية وأوامرها من الخارج كداعش وتنظيم القاعدة.

هذه الصورة التي التقطت في القلمون حيث دحرت منه جبهة النصرة مهزومة بعد انتصارات ساحقة حققها محور المقاومة في تلك المنطقة، تصب أيضاً (أي الصورة) في خانة تصحيح البوصلة التي أرادت بعض وسائل الإعلام حرفها من خلال عدم التطرق إلا لمقاتلي حزب الله في أخبار القلمون وكأن الجيش السوري غير موجود، فأراد الحزب من خلالها توجيه النصر بالاتجاه الذي يره الاتجاه الصحيح، أي للسوريين، كما وجه الرئيس الراحل حافظ الأسد قبل 15 عاماً نصر حزب الله في جنوب لبنان إلى اللبنانيين، أي أن النصر في جنوب لبنان حققه حزب الله وساعده الجيش السوري، وفي القلمون من حقق النصر هو الجيش السوري وحزب الله ساعده، وإن كانت مساعدة نوعية، وأكثر من ذلك هي قتال التآخي في الميدان فما عاد هناك فرق بين المقاتل في الجيش السوري والمقاتل من الأصدقاء في الميدان، فهم جميعاً في خندق واحد يجرحون، يستشهدون، يقاومون، وينتصرون.

كثيرة هي المعاني التي تحملها هذه الصورة ويمكن أن يكتب عنها الكثير هذا لسان حال معظم السوريين المحسوبين على محور المقاومة، والذين روت هذه الصورة عطشهم، وقد نظروا لها على أنها أنبل وأصدق التحيات في أهم الصور.

باختصار انها صورة صافية واضحة نقية وكل ما يكتب عنها لا يمكن أن يحسن التعبير الشامل عنها، فهي تعبر عن نفسها وإن كانت آلاف السهام سوف ترمى عليها من قبل المشككين والمصطادين في الماء العكر، إلا أنها تبقى كالدرع الذي يحطم كل السهام.