دام برس:

تعود معركة الصحراء السورية إلى الواجهة، بعد سلسلة من العمليات القتالية التي أدت إلى قطع القوات السورية لكل طرق الإمداد التي كان يستفيد منها تنظيم داعش في عمليات الإمداد، وتواجد الجيش العربي السوري على النقاط المتقدمة في ريف حمص الشرقي وصولا إلى مسافة 80 كم عن مدينة الرقة، أكبر معاقل التنظيم في سوريا.

المعلومات التي أكدتها صفحات التنظيم أن الحشد للمعركة بدء من الأراضي العراقية، حيث تشير المعلومات إلى أن نحو 8 آلاف مقاتل لفك الطوق عن معاقل التنظيم في ريف دير الزور، الغربي، التي تعد نقاط الارتكاز في نقل الإمداد، ولذا كان لابد من الهجوم على مدينة السخنة لفتح طريق بين مدينة الرقة و العمق الصحراوية للوصول مجدداً إلى طرق الإمداد، مما أدى إلى قيام القوات السورية بإخلاء البلدة، بكون الاجتياح الكبير لمسلحي داعش كان معتمداً على الفارق العددي الكبير، وبعد سلسلة من الرمايات الصاروخية العنيفة، عاد داعش لاستعمال تكتيك الالتحام المباشر، مما جعل المواجهة بالنسبة للقوات السورية المرابطة في المدينة أشبه بانتحار جماعي مجاني، فآثرت إخلاء مواقعها نحو مدينة تدمر، التي يضع تنظيم داعش عينه عليها.

وكالعادة، دخل داعش إلى السخنة وبدء بممارسة "التخويف" معدماً 26 مدنياً بتهمة العمالة للنظام، كما قام بأخذ "البيعة" لنفسه قسراً من المدنيين في المدينة، معلناً أن سلطته نافذة وأن قوانينه قيد التطبيق في السخنة، وأي مخالفة تستوجب الإعدام.في تدمر، تختلف المسألة أكثر، فإن كانت قوة داعش التي هاجمت السخنة قدرت على دخول المدينة نتيجة لصغرها، وسعة وكثافة تقدم داعش المستفيد من العربات المدرعة الأمريكية الصنع التي سيطر عليها من معسكرات الجيش العراقي التي اجتاحها خلال تمدده نحو الموصل والأنبار، فإن حسابات القوى في مدينة تدمر تختلف تماماً، فوسائل إعلام التنظيم نفسه، تؤكد أن عناصر التنظيم تعرضت لخسائر كبيرة في محاولة الهجوم نحو المدينة.يهاجم داعش المدينة من ثلاث محاور رئيسية، هي الشرق و الشمال الشرقي، والجنوب الشرقي، مستفيداً من التقدم السريع في المناطق الصحرواية ليلاً، الأمر الذي يواجهه الجيش السوري بعمليات رصد وكمائن متقدمة، إضافة إلى عمليات جوية كثيفة ورمايات مدفعية وصاروخية، وعلى تخوم المدينة في حسابات تنظيم داعش، أن تدمر لن تكون كالسخنة، فكثافة التواجد العسكري من قبل القوات السورية، ستعقد المسألة ولن تجعل من مهمة داعش مستحيلة وحسب، بل ستكون عملية انتحار لعناصره، التي فقدت في السخنة "أبو مالك – أنس النشوان" سعودي الجنسية، والذي يعتبر من أكثر قيادات التنظيم الميدانية خبرة بالقتال، بكونه من مقاتلي القاعدة ومن المتدربين على يد أسامة بن لادن، وكان يعتبر من قيادات البارزة زمن أبو مصعب الزرقاوي في العراق.

في الجبهة الشمالية من سوريا، عادت جبهة النصرة لمحاولة اقتحام مشفى جسر الشغور الوطني باستخدام سيارة « براد » مفخخة بكميات كبيرة من المفتجرات، إلا أن حامية المشفى رصدت السيارة قبل وصولها إلى سور المشفى، واستهدفتها على الفور ما أدى إلى انفجارها بعيداً عن المشفى، إلا أن انغماسيو ميليشيا "جند الشام" الذين كلفوا باقتحام المشفى قتلوا هذه المرة أيضاً بكامل العدد المهاجم، حيث تفيد المعلومات بأن عدد الانغماسيين هذه المرة كان نحو 20 مهاجماً، وأكدت مصادر بأن بعض من هؤلاء انفجرت أحزمتهم الناسفة التي كانوا يرتدونها فور إصابتهم بنيران العناصر المدافعة عن المشفى، وبدوره، نفذ الطيران الحربي السوري عدة غارات خلقت طوقاً نارياً حول المشفى، ما أجبر عناصر ميليشيا "جند الشام" على الانسحاب.

محاولات تشتيت الجيش العربي السوري، وسحبه نحو إيقاف معركة القلمون من قبل مشغلي الإرهاب، لم تثمر، فالمعلومات تفيد أن التقدم المستمر للجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية كل من طرفه في مرتفعات ستحسم المعركة بعد السيطرة على مرتفعات هامة، وتؤكد وسائل الإعلام الإسرائيلي مخاوف الكيان من هذا التقدم الكبير للجيش السوري، بكونه ينهي الوجود المسلح في منطقة كانت تعبر المنفذ الأساس للأسلحة والجهاديين المدعومين سعودياً وإسرائيلياً نحو الداخل السوري بتنسيق مع بعض شخصيات تيار المستقبل اللبنانين، وعلى ذلك يمكن القول أن العمليات السورية المستمرة والممنهجة نحو إنهاء معركة القلمون يرد عليها في الداخل بعملية ضمن الصحراء، في محاولة لتهديد مدن الشرق السوري ما سيعني أن الأيام القليلة القادمة ستكون معارك شرسة وكبيرة بين القوات السورية وتنظيم داعش.
عربي برس