دام برس - سهى سليمان :

رغم كلّ الظروف التي تحيط بنا التي تجعل البعض يائساً محبطاً، لكن هناك دائماً بارقة أمل عند البعض تساهم بشكل كبير في إضاءة الجوانب المظلمة في حياة الكثيرين... ولأن هذا الأمل يحيي حالة السبات المؤقت التي دخل إليها البعض، كان لا بدّ أن نشارك بدورنا في تسليط الضوء على هذه الظاهرة التي تضفي روحاً ونبضاً من الحياة، وذلك من خلال تغطية بعض نشاطات المركز الثقافي في بانياس.

وفي إطار متابعتها للفعاليات الثقافية والفنية التي تقوم بها المراكز الثقافية في محافظة طرطوس، مؤسسة دام برس زارت مدينة بانياس بهدف تغطيتها لبعض النشاطات والمحاضرات التي يستضيفها المركز.

معرض فني متميز... يتضمن لوحات تجسد روح الحياة والاستمرار

تمجيداً وتقديراً لتضحيات الشهداء افتتح في صالة المعارض بالمركز الثقافي في بانياس يوم السبت 9 أيار 2015 معرضاً فنياً للفنان محمد .س. حمود تحت عنوان: "تحية للشهداء".

وقد التقينا الفنان محمد. س. حمود وتحدثنا حول المعرض وأهم اللوحات التي تضمنها.

ماهي العناوين التي تشملها لوحات المعرض؟

هناك بعض اللوحات تمجد الشهادة والشهداء، وتقدر عطاءاتهم، فهم كما قال القائد المؤسس حافظ الأسد: "أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر"، كما تؤكد أن الاستمرار بالعمل الفني هو تقدير لتضحيات الشهداء الذين يستبسلون في الدفاع عن الوطن.

نجد أيضاً لوحة للشهداء تتضمن رمز الشعلة والعطاء والاستمرار، إضافة إلى شقائق النعمان التي تدل على أنهم باقون في الأرض ودماءهم تزهر وروداً، ولوحة أخرى ترمز إلى حب الشهيد واحترامه إما من قلب الأم أو الأب أو الحبيبة التي تضع له وروداً على قبره.

وجدنا نوع من الجرأة في بعض اللوحات تمثل جسد المرأة؟ ما رسالتك عبرها؟

وددت أن أعبر من خلال جسد المرأة عن الأرض والعطاء وعشتار والاستمرار بالحياة وتقديس لدور الأمومة، فالأم هي أقدس ما في الوجود، والجنة تحت أقدامها، كما يجب علينا احترام الأم.

ما هي أهم الأدوات المستخدمة في الرسم؟

نستخدم الألوان الزيتية أو الكرليك، والرصاص، كما أن كلّ موضوع ولوحة لها أدواتها التي تخدمها.

منحوتات تمثّل الوطن والديمقراطية الغربية المزيفة

هناك منحوتات متنوعة، لو تحدثنا عن بعضها؟

مثلاً: مجسم الجماجم التي تتكدس فوق بعضها، حيث أن أرض سورية امتلأت بجماجم المدنيين بشكل أفقي، ولكن أنا جسدتها بشكل عمودي بهدف أن تكون صرحاً لتوثيق أعمالهم الإجرامية.

وهناك أيضاً قطعة نحتية تتضمن أثداء للنساء مقطوعة الحلمات، وهي تمثّل قصة حدثت في ريف اللاذقية عندما دخلت المجموعات المسلحة وارتكبت جرائم يندى لها جبين البشرية، وقامت بتقطيع أثداء النساء لتصنع منها مسابح، فوددت أن أكرم هؤلاء النساء من خلال هذ العمل النحتي.

أيضاً هناك عمل نحتي لرجل يحضن زوجته الحامل وهي تمثل الوطن ورغم كلّ الصواريخ وقذائف الهاون التي تتساقط على المدنيين لكنهم مستمرون بالعطاء والحياة، والشعب لن ينهزم وينكسر وبفضل الشهداء مستمرون بالحياة.

أما لوحة الخيل فهي تضم 3 خيول اجتمعت حول أحد الخيول المجروحة والنازفة، وقد وقفت بجانبه للتعبير عن الوفاء، ومن المعروف عن الخيل نبله وخاصة الخيل العربي، الذي نتمنى أن تنعكس صفاته على بعض الناس في مجتمعنا، للوقوف جنباً إلى جنب مع بعضهم البعض والتضامن في ظلّ هذا الأزمة التي نعيشها.

أخيراً لوحة الديمقراطية التي تمثّل أشلاء وأجساد مقطعة اليدين، حيث يعتبر الغرب أنفسهم ممارسين للديمقراطية والحرية، وأنا رسمتها وأعلقها بطريقة مقلوبة، لتعبر عن تطبيقهم لمبادئ الديمقراطية بشكل معكوس، والتي لا تتماشى مع مبادئنا وقيمنا الديمقراطية.

الحياة مستمرة وبراعم الحياة ستتفتح

ومن الحضور السيدة شيرين حمود تحدثت عن لوحة الشجرة والوطن والياسمين، فهي تعجبها بشكل كبير، بما تعبر عنه حيث أن غصن الشجرة رغم كلّ الأحداث التي تمر بها في سورية، ورغم كلّ الدماء والقتل، وبفعل العوامل الداخلية والخارجية أصبحت الشجرة بلا أغصان، غابت الخضرة عن أوراقها فلا حياة ولا أوراق، لكن إلى جانب الشجرة العارية من الأغصان أزهرت شجرة الياسمين التي تمثل الحياة والاستمرار، ورغم كلّ الصعوبات تزهر هذه الشجرة، وهذا يدل على الحياة الجديدة، وأن الحياة مستمرة، ولا زال الأمل لدينا بأن سورية ستعود بخير، رغم كلّ محاولات اليأس والإحباط التي يحاول البعض زرعها في نفوسنا، وستعود أجمل وأفضل وسيزهر الياسمين من جديد.

الجمعيات الإنسانية تنمو وفق الزمان والمكان والتنوع الاجتماعي

الفعالية الثانية في المركز الثقافي ببانياس كانت لجمعية المحسن الخيرية للثقافة والعلوم والتي تتمحور حول الطاقات البديلة وظاهرة الاحتباس الحراري.

وقد افتتحت المحاضرة بكلمة للسيدة فيروز حمود رئيس جمعية المحسن الخيرية للثقافة والعلوم ركزت فيها على أهم نشاطات الجمعية وضرورة تفعيل دور هذه الجمعيات، ومن ثمّ كلمة للمدير العام للجمعية د.نمر عبد اللطيف محسن حيث أكّد أن الجمعيات والمنظمات الإنسانية تتميز عن مؤسسات الدولة بقدرتها على النمو وفق الزمان والمكان والتنوع الاجتماعي، فهي تضم جميع الألوان السياسية والدينية والثقافية ضمن إطار وطني تختلف الرؤى ويتوحد الهدف الوطني لهم، كما أوضح أن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة يساهم بتخفيف تكاليف الإنتاج ويساعد على تحقيق الهدف المنشود وهو زيادة الإنتاج وجمع هذه الطاقات وتسخيرها لخدمة البناء والتنمية الاقتصادية، وتحديد أولويات التنمية عبر الاتصال المباشر بمختلف فئات المجتمع لتشكيل الرؤية الواضحة للقرار ونقلها لصناعه وتخفيض تكلفة الإنتاج والنفقات الحكومية إلى أكبر حد ممكن.

تطبيقات الطاقة الشمسية والكهرضوئية

ثم قدم السيد المهندس وسيم الصباغ ماجستير في الطاقات المتجددة، ويعمل في المركز الوطني لبحوث الطاقة لمحة عن تطبيقات الطاقة الشمسية من خلال خطة المركز الوطني لبحوث الطاقة في نشر الوعي الطاقي وتطبيقات الطاقات المتجددة ومن خلال التعاون مع جمعية المحسن.

وعرض السيد الصباغ ورقة عمل بعنوان: "تطبيقات الطاقة الشمسية" تضمنت محاور عدة تركزت حول: التطبيقات الشمسية الحرارية وهي الاستفادة من الطاقة الشمسية لتسخين المياه حيث تعتبر استخدام السخانات الشمسية من أهم وأنجح تطبيقات الطاقة الشمسية فنياً واقتصادياً، إضافة إلى التطبيقات الشمسية الكهرضوئية، كما تمّ طرح فكرة الاستفادة من الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء بشكل مباشر باستخدام الخلايا الكهرضوئية وتطبيقات هذه التقنية الواعدة، ومنها الاستفادة من الطاقة الكهربائية المولدة عن طريق الخلايا الكهرضوئية لتغذية الأحمال اللازمة في المنازل والمحلات التجارية.

وأشار إلى أهمية الاستفادة من تقنية الخلايا الكهرضوئية في ضخ مياه الآبار والتي تعتبر هذه الأنظمة رغم حداثتها ذات جدوى اقتصادية مرتفعة، سواء كانت هذه المشروعات مشروعات صغيرة منزلية أو كبيرة للجهات العامة والخاصة.

الاحتباس الحراري ودور الطاقات المتجددة في الحد منه

بدوره السيد المهندس عبد اللطيف محمد قدم محاضرة تحت عنوان: "الاحتباس الحراري ودور الطاقات المتجددة في الحدّ منه"، حيث أوضح مفهوم الاحتباس الحراري ومسبباته ونتائجه، إضافة إلى طرق تقليل وتخفيف مظاهره، وبعض النصائح إلى ترشيد الطاقات المتجددة وأهم الطاقات المتجددة وكيفية تخفيف والحد من انتشار ظاهرة الاحتباس باستخدام هذا النوع من الطاقات.

وأوضح أن الاحتباس الحراري هو ظاهرة عالمية تتمثل في ازدياد حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضية، وهذا الاحتباس هو نتيجة ارتفاع مفرط للغازات الدفينة، وهي على الأرجح نتاج الثورة الصناعية، والتي بدورها عملت على زيادة التقلبات المناخية والبيئية في يومنا هذا.

وعن أهم نتائج الاحتباس الحراري ذكر أنه يؤدي إلى زيادة درجة الحرارة بدرجات قليلة، إلا أن هذه الزيادة البسيطة ستؤدي إلى خلل كبير وستكون لها آثار كارثية على مستويات البحار والحياة البرية وحتى على الوجود البشري، مسلطاً الضوء على الخطر القادم والمحتمل نتيجة هذا الأمر الذي سيمس موارد رزقنا والطبيعة واقتصاد الدول.

وقدم بعض النصائح لترشيد الطاقة من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية (كالسخانات الشمسية وغيرها)، واستعمال مصابيح جيدة لضمان استمرار عملها لفترات أطول وعدم إضاءة الغرف غير المستعملة في المنزل، والتأكد من ملصق الطاقة عند شراء الأجهزة يبين حاجة الجهاز للطاقة وكفاءة التحويل، إضافة إلى الاستغناء عن أجهزة الحاسوب المكتبية ذات الاستهلاك العالي والاكتفاء بأجهزة اللاب توب، وغيرها الكثير.

جمعية المحسن الخيرية للثقافة والعلوم

مبادرة لخدمة المواطن السوري بشقيها الإغاثي والعلمي

وفي إضاءة من مؤسسة دام برس على نشاطات جمعية المحسن الخيرية للثقافة والعلوم كان لنا لقاء مع رئيس الجمعية وبعض أعضائها:

السيدة فيروز أحمد محمد رئيس الجمعية ذكرت أن الجمعية أشهرت بالرقم /1208/ منذ حوالي 6 أشهر بإشراف المدير العام د.نمر عبد اللطيف محسن بشقيها الإغاثي والعلمي، ورغم عمرها الزمني القصير لكنها أنجزت شيئاً كبيراً وكانت رائدة ضمن الجمعيات الأخرى المشابهة.

وأضافت بالنسبة للشق الإغاثي: قامت الجمعية بالفترة الأولى بتوزيع المعونات على شريحة كبيرة من المجتمع ومراكز الإيواء، إضافة إلى حملة تبرع لصالح الجيش السوري وجرحاه، وتوزيع الأغطية وألبسة الأطفال والمواد الغذائية والصحية في الشهر الثاني من إشهار الجمعية.

وتابعت السيدة فيروز حديثها بالنسبة للشق الثقافي والعلمي أن الجمعية وقعت مع وزارة الكهرباء مذكرة تفاهم من أجل الطاقة المتجددة (البديلة) وبحضور د.يونس علي مدير مركز بحوث الطاقة في طرطوس، إضافة إلى مذكرات تفاهم أيضاً مع وزارتي الإعلام والبيئة لأنها تصب جميعها في بوتقة واحدة وهي خدمة المواطن، مشيرة إلى أن الجمعية الآن تقوم على عقد لقاءات عدة في المراكز الثقافية بما يتعلق بالطاقة المتجددة البديلة كالطاقة الشمسية وغيرها، حيث قامت بإجراء محاضرة في المركز الثقافي في طرطوس، وبانياس ومن ثم إلى صافيتنا والشيخ بدر والقدموس وبرمانة المشايخ.

وأكدت أن هدف الجمعية هو المواطن السوري، لأن الأزمة انعكست بشكل خطير على صعيد شبكات الكهرباء أو الماء أو حتى الغاز، لذلك وجب البحث عن الطاقات البديلة، موضحة أن الجمعية قامت بحملات تشجير في منطقة الواسطات في صافيتا، إضافة نشاطات ضمن محافظة طرطوس لإعداد كوادر مرضية وتشغيل للناس، بهدف تأهيل أكبر عدد ممكن من الشباب، وخاصة العاطلين عن العمل.

وعن تمويل الجمعية ذكرت رئيس الجمعية أن هناك منظمات دولية تساهم في التمويل، لكنها شددت على أن التمويل غير مهم، فالأهم هو خدمة المواطن بالدرجة الأولى.

من أهدافنا: خلق فرص عمل للشباب العاطل

السيد محمد مهنا أمين سر في الجمعية ومسؤول العلاقات العامة تحدث أن الهدف الأساسي من مشروعات الجمعية هو العمل على خلق الإنسان من جديد، وتطوير الوعي عند الناس خاصة خلال الظروف الراهنة بشكل عام، إضافة إلى التركيز على الناحية الخدمية، وتقديم المعونات والمساعدات لأهالي الشهداء والجرحى مجاناً من خلال المعالجة الفيزيائية في مركز زيد للمعالجة الفيزيائية على نفقة الجمعية.

كما أوضح أن الجمعية تعمل على خلق فرص عمل للشباب العاطل عن العمل من خلال تأهيلهم وإجراء دورات تدريبية لهم على مهن عدة مثل: (ميكانيك كهرباء أو سيارات أو دورات خياطة أو تمريض وحلاقة وغيرها)، ليستطيع هذا المتدرب أن يوجد له فرصة عمل، أو عندما تكون الجمعية بحاجة أي أحد منهم، فلهم الأولوية في توظيفه.

هدفنا إتاحة الفرصة للسيدات أن يكونوا منتجين في المجتمع

أما السيدة غصون فرح العيسى وهي عضو في الجمعية ومسؤولة عن العمليات التنظيمية، أوضحت أن أهم المشروعات التي تعمل الجمعية على استكماله هو مستوصف في منطقة دوير الشيخ سعد، وذلك لعدم وجود أي مستوصف (لا حكومي ولا خاص)، إضافة إلى قيام الجمعية بتدريب عدد من النساء على دورات تمريضية بهدف توظيفهم في المستوصف وخدمة أهل المنطقة، والأهم هو خدمة المهجرين الذين تزيد نسبته معن 18 ألف نسمة، كما تعمل على مشروع خياطة للسيدات المتواجدين في منازلهم، لإتاحة الفرصة لهم ليكونوا منتجين لأنفسهم وأسرهم وللمجتمع أيضاً.

لنكن جميعنا أيادٍ بيضاء

أخيراً قدم المشاركون في الفعاليات شكرهم لمؤسسة دام برس الإعلامية على جهودها، والتي بدورها تشكرهم جميعاً وتخص بالشكر رئيس المركز الثقافي في بانياس الأستاذ خالد حيدر على استضافته الكريمة وجهوده المشكورة.

كما تؤكّد المؤسسة أن كلّ مبادرة هي خير، وكلّ يد تساهم في بناء الوطن وإعادة خلق الإنسان وجعله منتجاً غير متكل في المجتمع، هي يدٌ بيضاء، فلنكن جميعنا أيادٍ بيضاء، كلّ في موقعه، وعلى قدر استطاعته... لأن البلد يعمر بأياديكم... كلّ التقدير والشكر لجهودكم.