دام برس - سهى سليمان :

ثلاثون عاماً من العمل الصحفي والمتميز، لم يتعب قلمه الحرّ والمبدع، يقدم الاقتراح تلو الآخر دون كلل، يوّسع اهتماماته لتشمل كلّ قضايا المجتمع، لا شيء يثنيه عن تأدية رسالته.

الأستاذ هيثم يحيى محمد مواليد طرطوس عام 1960، يحمل إجازة في الحقوق من جامعة دمشق، مارس العمل الصحفي في جريدة الثورة منذ عام 1982، وسمي مديراً لمكتبها في طرطوس منذ عام 1990 ولغاية عام 2014.

كُلّف بتسيير أمور المركز الإذاعي والتلفزيوني في طرطوس منذ عام 2008 وحتى عام 2010 وقد حقق المركز المرتبة الأولى بين المراكز الأخرى من حيث المتابعة، كما انتخب رئيساً للجنة الصحفيين في المحافظة لدورتين متتاليتين منذ عام 2005 ولغاية عام 2011.

يعدّ برنامجاً تلفزيونياً في الفضائية السورية تحت عنوان: "نقاط على الحروف" منذ بداية عام 2012 ولغاية الآن.

انتخب عضوا في المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين السوريين لدورة 2011-2016.

عضو مجلس محافظة طرطوس لدورتين متتاليتين (1999 ـ 2007)، وعضو قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي حتى آذار 2015، ويشرف الآن على مكتب صحيفة الوطن السورية في طرطوس.

مؤسسة دام برس الإعلامية زارت الأستاذ هيثم في مكتبه بطرطوس وكان لنا هذا اللقاء:

المشكلة في بعض الجهات التي تمنع المعلومة عن الإعلام

من أهم وظائف الإعلام التأثير بالرأي العام، إلى أي حدّ استطاع الإعلام السوري أن يحقق هذه الوظيفة؟

أعتقد أنه لم ينجح في تحقيق هذه الوظيفة كما يجب لأسباب مختلفة، منها ما يتعلق بمحدودية الهامش المتاح للإعلام السوري على مدى العقود الأربعة الماضية، ومنها ما يرتبط بالكوادر في مؤسساته، أو الإدارات التي تعاقبت على تلك المؤسسات والتي كانت تسمىّ بعيداً عن الأسس والمعايير الصحيحة، إضافة إلى غياب حالة التنافس في الإعلام داخل بلدنا قبل عام 2000، لكن بعد ذلك يمكن القول إن هناك تحسن وخاصة بعد صدور قانون المطبوعات الجديد برقم 50 لعام 2001، ومرسوم الإذاعات الخاصة ومن ثم قانون الإعلام /108/ لعام 2011.

ما هو السبب في وجود هوة أو عدم ثقة إلى حدّ ما بين المتلقي السوري والإعلام الرسمي؟

الثقة ليست معدومة، فالإعلام الرسمي له مصداقية فيما ينشر ويذيع ويبث لكن المشكلة في عدم تغطيته للكثير من الأحداث التي تحصل في البلد تحت حجج مختلفة، وبالتالي يضطّر المتلقي للبحث عن الخبر في وسائل إعلام غير رسمية، وأحياناً معادية أو غير حيادية.

وفي هذا المجال يمكنني القول إن المشكلة ليست في الإعلام الرسمي والقائمين عليه بقدر ماهي في الجهات الرسمية في الدولة والتي تمنع المعلومة عن الإعلام، ولا تسمح له بتغطية الكثير من الأحداث إلا وفق رؤيتها وقرارها، وأجزم أن الاستمرار في هذه السياسة من شأنه بقاء الهوة قائمة، والتأخير في حصول الثقة المطلوبة.

المطلوب التغطية السريعة غير المتسرعة

وجهت الكثير من الانتقادات للإعلام الرسمي من حيث غيابه عن تغطية بعض الأحداث، في حين أبدى اهتماماً بتغطيته لبعض الفعاليات الأخرى؟

ومثال على ذلك دخول إحدى القنوات السورية موسوعة "غينس" كأطول برنامج تلفزيوني في حين غاب عن تغطيته الكثير من الأولويات الأخرى المتعلقة بمشكلات المواطنين، مثلاً لماذا لم يتم التركيز على جرائم ذبح الجنود السوريين في الرقة واستغلال ذلك كوثيقة إعلامية تدين وتفضح جرائم المجموعات المسلحة ومن يدعمها، ولماذا لم يتم استغلالها دولياً؟

أنا من أنصار التغطية السريعة غير المتسرعة من قبل إعلامنا الوطني قبل غيره لأي حدث أو فعالية تهم المجتمع والدولة، ومع التركيز على القضايا التي تمسّ معيشة المواطن وحياته وتسليط الضوء على مظاهر الخلل والفساد ونشر ملفات الفساد بعد الحصول على الوثائق  التي تحمي الصحفي من الدعاوى القضائية التي قد يرفعها هذا المتهم أو ذاك عليه بعد النشر.

أما بالنسبة لمحاولة دخول قناة تلاقي موسوعة "غينس" فهذا شيء والتغطية للأحداث الأخرى شيء آخر، فمثل هذه المبادرة من القناة ومن أيّ وسيلة اعلام خرى يفترض ألا تمنعها من النجاح في مواقع عملها الأخرى، والقيام بدورها على أكمل وجه تنفيذاً لرغبة مشاهديها ومتابعيها.

ضرورة الاهتمام بالبث المحلي ووجود وسائل إعلام رسمية وخاةص

هل ترى أن محافظة طرطوس نالت حقّها في التغطية الإعلامية؟

المطلوب بشكل عام تغطية أفضل في كلّ المحافظات ومنها طرطوس، وهذا يعود للقائمين على المؤسسات الإعلامية في العاصمة وللزملاء في المحافظات. وهنا أود الإشارة إلى ضرورة الاهتمام أكثر بالبث المحلي من المركز الإذاعي والتلفزيوني وبحيث يعكس شؤون وشجون المحافظة بكلّ جرأة وموضوعية، ويصل لكلّ المشاهدين، ويتمّ التفاعل مع المواطن والمسؤول من خلاله، وهذا ماكنا نقوم به عندما كنت رئيساً للمركز بين عامي 2008 و2010، وكانت نسبة المشاهدة للبث المحلي كبيرة. وضمن هذا الإطار أطالب بقناة تلفزيونية محلية بطرطوس وصحيفة محلية ووسائل إعلام مختلفة رسمية وخاصة، وهذا لا يعني التخفيف من تغطية أخبار المحافظة من قبل وسائل الإعلام التي تبثّ أو تصدر من العاصمة دمشق.

إلى أي حدّ تلعب الشائعة دوراً في حياة المجتمع الريفي البعيد عن وسائل الإعلام الجديد؟

تلعب الشائعة دوراً في المجتمع بوجود الإعلام أو بعدم وجوده، ويكون هذا الدور سلبياً كلما انتشرت الشائعات في بيئة يتفوق فيها الجهل على العلم، أو عندما تنتشر بين مواطنين لا يشغّلون عقولهم عندما يسمعون شائعة ما.. وهنا أشير إلى أن غياب المعلومة السريعة والدقيقة عن المواطن في إعلام بلده خاصة خلال وقوع حدث ما يجعله عرضة للشائعات التي يبثّها أشخاص أو جهات لأغراض مختلفة، وبالتالي أرى ضرورة إعطاء المعلومة للإعلام من قبل الجهات المسؤولة دون تأخير لنشرها أمام الرأي العام في الوقت المناسب.

وسائل الإعلام الإلكترونية ليست بالسرعة المطلوبة

هل استطاعت وسائل الإعلام الإلكترونية أن تعوض عن دور الإعلام الرسمي (الإذاعة والتلفزيون)؟

تعد المواقع الإخبارية الإلكترونية دقيقة لكنها ليست بالسرعة المطلوبة، ومع ذلك تساهم بالتغطية الجيدة، لكنها حتى الآن لم تعوّض عن دور الإعلام الرسمي. 

أيضاً هناك صفحات التواصل الاجتماعي في طرطوس والتي بعض منها يتخصص بتغطية الأخبار في المحافظة، ولا ينقصها سوى الدقة والموضوعية والبعد عن الأسماء الوهمية.

ما رأيك بمواقع التواصل الاجتماعي، وما هو تأثيرها على المواطن السوري بشكل عام ومحافظة طرطوس بشكل خاص؟

كما ذكرت تلك المواقع ناشطة وهي تؤثر في الرأي العام ولو لزمن محدد في بعض الأحيان، وتحديداً عندما لا تكون المعلومات المنشورة دقيقة، لكن رغم عدم الدقة في أحيان كثيرة فقد ساهمت صفحات التواصل في الحّد من الأخطاء والمخالفات عند قسم من المعنيين الذين باتوا يحسبون حساباً أكثر من الماضي لتصرفاتهم. وأنا أتمنى من كلّ مواطن لديه صفحة على "الفيسبوك" أن يمارس دوره كإعلامي صادق ودقيق وحريص وليس العكس.

يعدّ الإعلام السلطة الرابعة، أين هو دور الإعلام الرقابي مما يقوم به تجار الأزمة من خلال تسليط الضوء على مشكلات المواطنين كغلاء الآجار والأسعار أو النقل والمازوت وغيرها؟

أعتقد أن الإعلام لا يقصر في الحديث عن معاناة المواطنين المتمثلة بالغلاء والاستغلال والاحتكار، لكن الحديث لا يدخل في العمق ولا يسمي الأمور بمسمياتها، والسبب ليس بالإعلام بقدر ما هو في من يحجب المعلومة الموثقة عنه، وفي من يمتنع عن تقديم الشكاوى الخطية له. وبالتالي فإن متطلبات الإعلام الاستقصائي غير متوفرة، وعلى الحكومة أن توفرها، وعندها سيلعب الإعلام دوراً كبيراً في مكافحة الفساد وفق ما وجه به السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم.

الصحيفة الإلكترونية في طرطوس تنتظر الموافقة

أقامت مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر صحفاً محلية تابعة لها في المحافظات (الفداء، الجماهير، الفرات، العروبة)، أين أصبح مشروع فتح جريدة رسمية في المحافظة تتبع للمؤسسة؟

عندما كنت عضواً في قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي بطرطوس قمت بإعداد دراسة من أجل إحداث صحيفة محلية، وقد وافقت قيادة الفرع عليها، واتخذت قراراً في شهر آب 2014 يتضمن اقتراحاً بإحداث الصحيفة من قبل وزارة الإعلام ـ مؤسسة الوحدة، وتمّ رفع القرار للقيادة القطرية التي رفعته لوزارة الإعلام عن طريق رئاسة مجلس الوزراء، وعلمنا أن مؤسسة الوحدة أعدت الدراسة المطلوبة ورفعتها للسيد وزير الإعلام مع اقتراح الموافقة على إحداثها بشرط أن تكون في البداية صحيفة إلكترونية، ونحن بانتظار موافقة السيد وزير الإعلام.

أنشأت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي موقعاً إلكترونياً للحزب على شبكة الإنترنيت في السابع من نيسان 2001 ويعد أول موقع إلكتروني لحزب من أحزاب الجبهة؟ ما أهمية وجود موقع  إلكتروني في التواصل مع الجماهير خارج وداخل القطر وكلّ من يؤمن بالفكر القومي؟

إن ذلك مهم جداً جداً، ويجب أن تكون لدى الحزب خطة أو رؤية استراتيجية في هذا المجال، وأن يتمّ التنسيق بين كلّ المواقع وصفحات التواصل التابعة للحزب، وتأهيل كوادر متخصصة للعمل في هذه المواقع، مع نشر كلّ ما يخص الحزب ومبادئه وفكره وسياساته ونشاطاته المختلفة بأسلوب شيق ومتطور وبعيد عن النمطية.

إلى أي حدّ يمارس الإعلام الحزبي دوره في تغطية نشاطات وفعاليات الحزب، وفي تعميق الفكر وتعزيز الثقافة الحزبية؟

يتمّ ذلك بشكل جزئي خاصة من خلال جريدة البعث، ولا بدّ من تفعيل التعاون والتنسيق بين وسائل الإعلام الحزبية ووضع آليات عمل محددة في هذا المجال وعلى التوازي تطوير الإعلام الحزبي نحو الأفضل، فواقعه الحالي أقل من الطموح، وهذا ما عمل ويعمل عليه بجد مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري على الأقل في مجال الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة لحزب البعث.

تطبيق قانون الإعلام الجديد نصاً وروحاً

ما هي أهم المقترحات لتطوير الإعلام السوري والارتقاء به ليصبح ناجحاً ومؤثراً وفاعلاً بشكل أكبر؟

تطبيق قانون الإعلام الجديد (108 لعام 2011) نصاً وروحاً، واختيار إدارات للمؤسسات الإعلامية وفق أسس ومعايير دقيقة بعيدة عن الشخصنة، ومنح تلك الإدارات بمن فيها رؤساء التحرير صلاحيات واسعة في العمل بكافة جوانبه، إضافة إلى وضع سياسة إعلامية وطنية وآليات تنفيذها بمشاركة متخصصين وأصحاب ذهنيات منفتحة وفكر نيّر، وتأهيل الإعلاميين على تقنيات العصر ودعمهم مادياً ومعنوياً.

من خلال تجربتك الخاصة ما هو تقييمك لأداء الإعلام السوري الرسمي والخاص؟

بشكل عام لابأس، وقد كان الزملاء الإعلاميين خلال الحرب على سورية أبطالاً إلى جانب أبطال جيشنا الباسل، ونأمل أن يكون الأداء أفضل في الفترة القادمة، وفي مجال الإعلام الخاص أستطيع القول إن أداء جريدة الوطن السورية كان ولا زال جيداً، وهكذا قناتي سما والدنيا وبعض المواقع الإلكترونية الخاصة ومنها موقعكم دام برس.

رسالة أخيرة تود توجيهها عبر مؤسسة دام برس الإعلامية؟

أودّ أن أركز على ضرورة تعزيز سلطة الإعلام الوطني في سورية لأن ذلك يصبّ في مصلحة البلد وتطويره نحو الأفضل في المجالات كافة، ودعم مؤسساته بالوسائل المناسبة لمواجهة الحرب الإعلامية التي تشنّ علينا مع الحرب الإرهابية التكفيرية التدميرية، والأهم من ذلك أن يرتقي كلّ منّا في عمله وأدائه لمستوى الأزمة والحرب العدوانية التي نتعرض لها للسنة الخامسة على التوالي.

وفي الختام شكر الأستاذ هيثم يحيى محمد مؤسسة دام برس على هذا اللقاء، وبدورنا نشكره على استضافته لنا بمكتبه في طرطوس، متمنين له ولجميع الإعلاميين الارتقاء بالإعلام السوري ليكون جبهة رديفة للجيش تساهم في التصدي ومواجهة كلّ أشكال الحروب على الوطن.