دام برس:

شكلت انتفاضة أهلنا في الجولان السوري المحتل تجسيدا عمليا لمقاومة الاحتلال وسياساته الجائرة بالضم والتهويد عندما ثار أبناؤه في 14 شباط عام 1982 بإعلانهم الاضراب العام والمفتوح لمدة ستة أشهر احتجاجا على القانون الجائر الصادر عن الكنيست الإسرائيلي في 14-12-1981 القاضي بضم الجولان وتطبيق ما سمى "القوانين الإسرائيلية" ورفض استلام الهوية الإسرائيلية.

واليوم وبعد 32 عاما يثبت أهلنا في الجولان العربي السوري المحتل تمسكهم بهويتهم الوطنية السورية وافتخارهم بها وبالمقاومة وتشبثهم بأرضهم ومواقفهم الوطنية التي حطمت جبروت الاحتلال وأسست قاعدة صلبة لحركة المقاومة وانتصاراتها على العدو الصهيوني على طريق العودة إلى حضن الوطن الأم سورية.

ويؤكد أهلنا في الجولان المحتل أن الاحتفال هذا العام بالذكرى 32 للإضراب الوطني يعبر عن ثقتهم بأن الجولان سيرجع إلى حضن الوطن الأم مهما طال الزمن وستخرج سورية منتصرة على أعدائها وسيندحر الإرهاب عن كل شبر من أرضها بفضل تضحيات شهدائها الأبرار والبطولات التي يسطرها الجيش العربي السوري الباسل في مواجهة أعداء الوطن وأدواتهم الإرهابية على الأرض.

ويرى محافظ القنيطرة معن صلاح الدين علي في حديث لمراسل سانا ان لهذه الذكرى الوطنية الخالدة معاني كبيرة ودلالات وطنية كونها تستذكر انتفاضة ابناء الجولان السوري الصامد على قرار الكنيست الإسرائيلي القاضي بفرض ما يسمى "قانون ضم الجولان".

وتشير المعطيات والوثائق إلى أن الاطماع الإسرائيلية بالجولان تعود إلى ما قبل قيام الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة عام 1948 حيث رسم الإرهابي بن غوريون الذي أصبح أول رئيس وزراء للعدو تصوره لحدود كيانه المزعوم عام 1918 بحيث تضم النقب برمته ما يسمى يهودا والسامرة إضافة إلى الجليل وسنجق حوران وسنجق الكرك ومعان والعقبة وجزء من سنجق دمشق وأقضية القنيطرة.

ويؤكد محافظ القنيطرة أن هذا الرسم جاء في المذكرة التي تقدمت بها المنظمة الصهيونية العالمية إلى المجلس الأعلى لمؤتمر السلام في باريس عام 1919 ما يؤكد حقيقة الحقد الدفين الذي يضمره زعماء العصابات الإسرائيلية للأراضي العربية مبينا أنه جاء في المذكرة حرفيا "إن جبل الشيخ هو أبو المياه الحقيقي بالنسبة لفلسطين ولا يمكن فصله عنها دون انزال ضربة جذرية بحياتها ولذلك يجب ان يبقى تحت سيطرة اولئك الذين هم اكثر رغبة واقدر على اعادته إلى نفحة الأقصى".

ويشير المحافظ إلى السياسة التعسفية التي انتهجتها سلطات الاحتلال بحق الجولان أرضا وسكانا ففي حزيران 1967 تعرضت المنطقة العربية للعدوان الصهيوني السافر حيث طردت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وهجرت السكان في العديد من قرى الجولان وارغمتهم على النزوح بعد تدميرها تدميرا شاملا وأقامت مستوطنات على انقاضها بحيث لم يبق من أبناء الجولان البالغ عددهم انذاك 154 ألف مواطن الا 16 ألف مواطن في 5 قرى هي مجدل شمس وبقعاثا وعين قنية ومسعدة والغجر وذلك نتيجة تدخل قوات منظمة الأمم المتحدة.

ويشير المحافظ إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمدت إلى تغيير المناهج العربية السورية في مدارس الجولان واستبدالها بمناهج صهيونية ووضع شروط تعجيزية أمام دخول الطلاب السوريين إلى الجامعات العربية في فلسطين المحتلة وذلك تمهيدا لإصدار الكنيست الإسرائيلي قراره الجائر في 14 كانون الأول عام 1981 والذي قضى بتطبيق اجراءات فرض قوانين الاحتلال على الجولان والذي كان كالشعرة التي قصمت ظهر البعير حيث انتفض أهلنا ضد هذه الاجراءات التعسفية موءكدين عروبة الجولان أرضا وشعبا وانهم جزء لا يتجزأ من الوطن الأم سورية.‏

ورغم مرور السنين وصمت المجتمع الدولي عن الممارسات العدوانية الإسرائيلية يتصدى اهلنا الابطال في الجولان الصامد للاحتلال الإسرائيلي البغيض مؤكدين تمرسهم بمكافحة الاجراءات الصهيونية وعدم تمريرها مستندين في ذلك إلى الدعم اللامحدود للوطن الأم سورية ولم ترهبهم سجون الاحتلال ومعتقلاته التي غصت بهم بعدما تلاحقت حملات الاعتقال وبدأ الاضراب الوطني الكبير في 14 شباط عام 1982 واستمر 6 أشهر ليشكل بذلك ملحمة بطولية من الكفاح والصمود والتمسك بالموقف الوطني.

وتؤكد الوقائع أن هذا الاضراب هو الاطول في تاريخ سورية النضالي ضد المحتلين المستعمرين حيث اصدر الأهل في الجولان بيانا شرحوا فيه اسباب الاضراب واعلنوه في الوثيقة الوطنية وفي معركة الهوية بتاريخ 31 آذار 1982 بعدما وزعت سلطات الاحتلال الهوية الإسرائيلية بالقوة على المواطنين السوريين فرفضوها مباشرة ومزقوها ورموها تحت اقدامهم وانتصرت الارادة الوطنية بفضل الصمود البطولي وتم اخراج شمعون بيريز من مجدل شمس في 25 شباط 1985 تحت ضغط المظاهرات العارمة وكان رئيسا لوزراء العدو انذاك وسقط العديد من الشهداء وهم يذودون عن الوطن ويدافعون عن حياضه.‏

ويشير محافظ القنيطرة إلى الرعاية الكبيرة والاهتمام اللامحدود الذي توليه القيادة السياسية للجولان السوري من خلال تعليم أبناء الجولان في جامعات ومعاهد سورية مجانا ومنحهم رواتب شهرية واعانات دورية وتعويض المعلمين المسرحين في الجولان بالرواتب والوقوف مع الاسرى والمعتقلين في سجون العدو والضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلي للافراج عنهم واستجرار تفاح الجولان للوطن للتخفيف من معاناة اهله اقتصاديا وافشال الحصار الصهيوني على منتجاتهم الزراعية.‏

وفي المحصلة يشكل احتفال أهلنا الصامدين بالجولان المحتل في 14 شباط من كل عام بذكرى الاضراب الوطني الكبير دليلا قاطعا على مدى تجذر أبناء الوطن في وطنهم ويمثل استحضارا لبطولات وتضحيات أهلنا في الجولان التي نستمد منها ومن عزيمة جيشنا البطل ودماء شهدائنا الأبطال وأسرانا الصامدين في سجون الاحتلال الثقة والقدرة على تحرير الجولان والقضاء على الإرهابيين المدعومين من إسرائيل وعملائها في مشيخات النفط ودول الغرب الاستعماري.

علي الاعور- سانا