Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 26 نيسان 2024   الساعة 12:46:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
لم تتخلَّ عن روحها.. روسيا بوتين .. قوة السياسة وسياسة القوة .. بقلم : بديع عفيف
دام برس : دام برس | لم تتخلَّ عن روحها.. روسيا بوتين .. قوة السياسة وسياسة القوة .. بقلم : بديع عفيف

دام برس:

في كلماتها الأخيرة قبل الطلاق، قالت السيدة ليودميلا بوتين إننا لا نتحادث أنا وفلاديمير.. هو منشغل بشكل دائم ببناء روسيا.. منذ 12 عاما وبوتين يعمل على بناء روسيا القوية.. فهو يعمل ليل نهار 16 ساعة يوميا ونادراً ما نراه؛ معها حق سيدة روسيا الأولى السابقة؛ فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديه اهتمامات أكبر وأوسع وأعمق؛ بناء روسيا القوية العصرية الجديدة لتعود صاحبة الدور القائد والحضور الدولي الفاعل والمؤثر، ولتكون رائدة القرن الحالي والمستقبل؛ هو يتابع بنفسه عمل مؤسسات الدولة، في سفر دائم داخل وخارج روسيا.

روسياـ بوتين تعلمت من أخطاء الاتحاد السوفيتي السابق؛ أدركت أنّ الحفاظ على دور قيادي فاعل على المسرح الدولي يحتاج إلى بناء القوة الذاتية، إلى الأصدقاء الأقوياء أيضاً إلى متابعة تحقيق المصالح؛ أدركت أنّ العلاقات الدولية ولاسيما مع الغرب ليست سهلة ولن تكون بمأمن في ظل عقلية غربية استعمارية تسلطية تسعى لإخضاع الجميع. من هنا عمل الرئيس الروسي الخبير والقادم من الـ كي جي بي، على "تنويع" مصادر القوة الروسية؛

انتهج الرئيس الروسي الحاذق سياسة قوية جديدة تقوم على الحزم مع الأعداء وتقليل عددهم، والمحافظة على الأصدقاء وزيادتهم؛ وفي هذا السياق ليس صعباً على أي مراقب عادي أن يلاحظ كيف تحولت روسيا في العامين الأخيرين إلى "محجّ" لقادة الدول الأخرى للمشاورة أو لطلب المساعدة لشراء السلاح أو لتنسيق المواقف أو لطلب الدعم، أو لبناء علاقات جديدة... الخ؛ وهذا ما أعاد روسيا قوة كبرى من جديد يحسب لها ألف حساب. ومن الملاحظ أن السياسة الروسية تقوم في الداخل على تقوية وتعزيز القدرات الروسية الذاتية الاقتصادية والمؤسساتية والعسكرية وتعزيز وحدة المجتمع الروسي، فيما تسعى في الخارج إلى التنسيق مع الحلفاء والأصدقاء لتحقيق المصالح المشتركة، وليس اعتماد مبدأ التبعية كما يفعل الغرب مع الدول الأخرى (أمريكا والخليج العربي مثالاً)؛ ويمكننا الإشارة في هذا الصدد إلى التنسيق الروسي مع الصين في مجلس الأمن الدولي واستخدام الفيتو المزدوج في المسألة السورية ضد القرارات الغربية المتعسفة، وكذلك سعي موسكو لإنشاء منظومة دول البريكس ومنظمة شنغهاي والاتحاد الأوراسي.. وغيرها من التحالفات الإقليمية والدولية التي تعزز موقع الاتحاد الروسي.

وتعتمد السياسة الروسية أيضاً على الاتصال والتواصل مع الدول الأخرى ولاسيما التي ليس لموسكو علاقات طيبة أو جيدة معها لمحاولة جسر الهوة وتقليل الخلافات، وبالتالي اعتماد مبدأ حلّ المشاكل من خلال الحوار والتفاهم والبناء على النقاط الإيجابية الموجودة وزيادة المصالح المشتركة, وليس خلق المشاكل والعقبات وإثارة النزاعات والفتن والحروب، كما يفعل الغرب بشكل عام؛ ولا يغيب عن البال في هذا السياق، الانفتاح الروسي على دول الخليج العربي مثلاً، وتحديداً السعودية وقطر، أو العلاقات المتجددة مع إسرائيل، أو البرغماتية "البوتينية" في إدارة الخلافات مع تركيا التي تسبب بها إسقاط طائرة "السوخوي" الروسية في تشرين الماضي فوق الأراضي السورية..

والسياسة الروسية القوية الجديدة تم تسويقها ـ إن صحّ التعبير ـ عبر وسائل عديدة؛ دبلوماسية نشيطة مرنة فاعلة تعرف ماذا تريد وكيف تصل إلى مبتغاها، لا تغيب عن وسائل الإعلام أبداً؛ وزير الخارجية الروسي، نوابه، الناطقة باسم الخارجية الروسية، الناطق باسم الكرملين، الكتّاب والمستشرقون والباحثون الروس وما أكثرهم؛ حضور إعلامي مكثّف وقوي في كل لحظة وعند كلّ حدث وتطوّر؛ يترافق ذلك مع منظومة إعلامية حديثة أشرف الرئيس بوتين شخصياً على بنائها وتطويرها، تجيد استخدام أفضل الوسائل التكنولوجية الموجودة في مجال الإعلام والاتصال، وتعتمد الكفاءة والمهنية العالية والصدق في إيصال المعلومة والتوضيح بعيداً عن تهويل الإعلام الغربي والنظرة الأحادية الجانب السائدة فيه منذ عقود، والتي ارتدت عليه سلباً فيما بعد.

إلى ذلك، من الواضح أن السياسة الروسية الجديدة لا تعتمد على "حسن نيّة" الأطراف الأخرى ولا على أخلاق الغرب وحسن تصرفهم والنوم باطمئنان على أمل تطبيق وعودهم؛ الرئيس الروسي المجرّب يعرف مُكر الغرب والأعداء الدوليين، ويدرك أن تحقيق المصالح وحمايتها يحتاج إلى أكثر من حسن النوايا؛ يحتاج القوة العسكرية الكاسحة. ولذلك عمل الرئيس بوتين خلال السنوات الماضية على تعزيز القدرات العسكرية الروسية الدفاعية والهجومية؛ في مجال القوات الجوية الفضائية والاتصالات والتشويش، وفي مجال الصواريخ المتنوعة وتحديث القوات البرية وأسلحتها وترسانتها وبناء غواصات روسية نووية تجوب البحار والمحيطات حول أوروبا والعالم، والأهم في هذا الجزء، هو إجراء التدريبات المستمرة لتحسين الأداء ورفع مستوى الجاهزية والعمل المستمر لتحقيق التفوق، وهذا ما يحصل الآن.

ولعل الحرب الغربية ـ وبعض العربية على سورية ونتائجها التي تطال الدور والمكانة الروسية بشكل مباشر، وتالياً، الدعم الروسي العسكري المباشر للجيش العربي السوري كنتيجة لها، بل وانخراط أسلحة روسية مختلفة الصنوف في هذه الحرب؛ من طيران وصواريخ وقاذفات وحوامات ومدرعات وأساطيل وحاملات طائرات تجوب البحر المتوسط.. لعلّ كل ذلك، قدّم الآلة العسكرية الروسية بحلّة جديدة وأعطاها صورة حديثة، وكانت هذه الحرب مناسبة "عملية" للإعلان والدعاية للسلاح الروسي المتطور، ومناسبة أيضاً، لتجريب هذا السلاح لتلافي أي ثغرات قد تكون موجودة فيه. وغني عن القول أنه عند السعي لتطبيق وإنجاز أهداف السياسة الروسية سوف تؤخذ هذه القوة العسكرية المتطورة الداعمة بالحسبان، كما حصل في سورية أيضاً.

وبالتأكيد فإن الجانب الآخر لضمان نجاح سياسات روسيا هو العمل على بناء اقتصاد متين يعتمد على تنوع مصادر الدخل وتنوع الصادرات وزيادتها بما يضمن استمرار التنمية والتطوير في المجالات المختلفة، وهذا كلّه يحتاج إلى علاقات دولية ناجحة وواسعة، كما تفعل موسكو في هذا الإطار.

لكن الدرس الأهم الذي ربما تعلمته روسيا على ما يبدو من "فشل" سياسة منافستها الأولى الولايات المتحدة، هو المحافظة على الروح الروسية الأصيلة القائمة على المشاركة والتعاون والاحترام والتنسيق مع الأطراف الأخرى وليس استعبادهم أو إخضاعهم أو إلحاقهم بها كما يفعل الغرب؛ روسيا ليست جمعية خيرية، ولكن لم يقتلها غرور القوة؛ وهذه ثقافة لا يعرفها الغرب الاستعماري المتسلط والمتغطرس؛ الأمريكيون أنفسهم مختلفون هل بلادهم أعظم دولة في العالم أم لا، فكيف نصدّق نحن أنها كذلك؛ يمكن لروسيا إذا استمرت بهذا المنحى الإيجابي أن تتقدّم أكثر وأن تغيّر مسار العلاقات الدولية وفق رؤيتها البناءة، لاسيما وأنّ سياسات الغرب "من ليس معنا فهو ضدنا" قد أثبتت فشلها وضررها.. وليست الولايات المتحدة فقط في حالة تراجع وانحطاط، فقد فشلت فكرة المشروع الأوروبي وأصبحت بريطانيا خارج السرب، والإرهاب يحاصر رعاته ومنشئيه الأول، فيما تتخطى روسيا وحلفاؤها العقوبات الغربية الغبية وتعبّد طرقاً أوسع نحو مستقبل أفضل تكون فيه النموذج المحتذى..؟!!

 المصدر : محطة أخبار سورية


 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz