Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 00:47:47
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
العثمانية الجديدة والسقوط الثاني للإمبراطورية .. بقلم : يونس أحمد الناصر
دام برس : دام برس | العثمانية الجديدة والسقوط الثاني للإمبراطورية .. بقلم : يونس أحمد الناصر

دام برس:
المتابع لصعود تيارات الإسلام السياسي و المتمثلة بحزب العدالة والتنمية إلى سدَّة السلطة في تركيا في أواخر القرن العشرين يلاحظ  انشقاق هذه التيارات في سباقها إلى السلطة حين وقع الخلاف داخل الحركة الإسلامية التركية وانقسم حزبها المسمى الفضيلة وارث حزب الرفاه الذي تم حلّه إلى حزبين منفصلين هما "السعادة" و"العدالة والتنمية"، فاختلط الأمر على كثير من المراقبين، بل وأبناء الحركة الإسلامية خارج تركيا نفسها، الذين حسب غالبيتهم أن ما جرى هو مجرد خلاف في وجهات النظر في التعامل مع النظام العلماني، أو ربما تنزيل لمشروع الحركة الإسلامية في أكثر من كيان تنظيمي، بل ذهب كثيرون من أبناء الحركة أو تمنوا أنه ربما كان تكتيكاً متفقاً عليه بين قيادات الحركة للهروب من العلمانيين والعسكر الذين كانوا قد قاموا بانقلاب على زعيم الحركة الإسلامية نجم الدين أربكان أسقطه من رئاسة الوزراء، وحل حزبه، ومنعه من ممارسة السياسة.
وصولاً إلى الأخواني الطامح لإعادة عرش السلطنة وتربعه سلطاناً أسوة بأجداده الغزاة الذين انطلقت خيولهم من هضبة الأناضول يميناً و يساراً و عملت سيوفهم عملها في رقاب كل الشعوب الأخرى وصولاً لتأسيس السلطنة و تالياً الاستعمار العثماني لشعوب الدول المجاورة و منهم العرب الذين أسدلوا على السلطان الغازي  لقب الخليفة و على استعمارهم لقب الخلافة  العثمانية ،بعد تسلل العنصر العثماني إلى قصر هارون الرشيد عن طريق زوجته التركية والدة  الأمين و المأمون و الإمبراطورية العثمانية هي إمبراطورية إسلامية أسسها عثمان الأول بن أرطغرل، واستمرت قائمة لما يقرب من 600 سنة , بلغت الدولة العثمانية ذروة قوتها خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، فامتدت أراضيها لتشمل أنحاء واسعة من قارات العالم القديم الثلاثة: أوروبا وآسيا وأفريقيا، حيث خضعت لها كامل آسيا الصغرى وأجزاء كبيرة من جنوب شرق أوروبا، وغربي آسيا، وشمالي أفريقيا
وصل عدد الولايات العثمانية إلى 29 ولاية، وكان للدولة سيادة اسمية على عدد من الدول والإمارات المجاورة في أوروبا، التي أضحى بعضها يُشكل جزءًا فعليًا من الدولة مع مرور الزمن، بينما حصل بعضها الآخر على نوع من الاستقلال الذاتي, وكان للدولة العثمانية سيادة على بضعة دول بعيدة كذلك الأمر، إما بحكم كونها دولاً إسلامية تتبع شرعًا سلطان آل عثمان كونه يحمل لقب "أمير المؤمنين" و"خليفة المسلمين"
ووصلت هذه الإمبراطورية إلى دور الانحلال وخاتمة الإمبراطورية التي  تقلصت و انحسرت بتركيا الحالية بين  (1908–1922) و بقيت تغتصب أجزاء كبيرة من دول الجوار .
و لكن حلم عودة هذه الإمبراطورية بقي حلماً يراود الكثيرين من الأتراك و منهم أردوغان وفقاً لوهم إعادة الخلافة الإسلامية , و من المعروف عن هذا الأردوغان بأنه ركع شاباً أمام قلب الدين حكمتيار
و صلاته القوية مع حكام السعودية و الحركة الوهابية أيضاً و بأنه كان من أول الداعمين لصعود تيارات الإسلام السياسي إلى السلطة في البلدان العربية ( الولايات العثمانية حسب اعتقاده )  و التي ستأتي به سلطاناً جديداً, أقام لسلطنته قصراً جديداً بحجة الصراصير,  استعاد من خلاله حلم السلطنة و ألبس حراسه ألبسة تاريخية تذكره بأجداده السلاطين و ليعيش سكرة خلافتهم ,و لتحقيق هذا الحلم اصطدم أردوغان مع الداخل و الخارج , ففي الداخل اصطدم مع المؤسسة العسكرية التي تعتنق الأتاتوركية و اصطدم مع القضاء الاتاتوركي كما اصطدم مع الأحزاب العلمانية الراغبة بالحفاظ على مكتسبات الدولة الأتاتوركية كما انقلب على سياسة وزير خارجيته داوود أوغلو صاحب نظرية صفر مشاكل مع دول الجوار ليحولها إلى صفر علاقات , وانقلب أيضا على صديق عمره عبدالله غول ووجه له كلمات نابية في دعوة إفطار دعت إليها (جمعية الصداقة) يوم أمس,  أما في الخارج , فقد ظهر أردوغان بمظهر اللص و الغادر بتعامله مع سورية وهو الذي كان يظهر الصداقة الشخصية للسيد الرئيس بشار الأسد و يبطن العداء و المراوغة ,فسهَّل مرور الإرهابيين إلى سورية و دعَمَهم بكل أصناف الدعم من التسليح إلى التدريب و كل ما من شأنه -كما يعتقد - بإسقاط الدولة السورية و سهَّل شراء كل أنواع المسروقات التي يسرقها المرتزقة الوهابيون من النفط إلى معامل المدينة الصناعية إلى الآثار السورية , إلى كل شيء تصل إليه أياديهم القذرة , كما فعلها قبله أجداده السلاطين الذين نهبوا خيرات بلادنا على مدى أربعمائة عام , و متاحف السلاطين أجداده تغص بمسروقاتهم من بلداننا العربية التي زُرتها قبل العدوان على سورية و ضاق صدري بما رأيت من النهب لآثارنا و ثرواتنا تحت مسمى الخلافة .
أيضاً بدأ أردوغان يتخبط في علاقات تركيا الخارجية  بسبب تصريحات بابا الفاتيكان , البابا فرانشيسكو مؤخراً وخلال قُدّاس في كنيسة القديس بطرس بمناسبة ذكرى ما يقول الأرمن إنها مذابح تعرضوا لها على يد الأتراك العثمانيين، إن هذه الأحداث كانت "أول إبادة جماعية في القرن العشرين".
فرد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بغضب على ما قاله البابا فرنسيس عن قتل الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى في تركيا ووصفه ما جرى بالإبادة، قائلاً إن "لعب رجال الدين دور مؤرخين تكون نتيجته التحريف وعدم الواقعية", واستخدم أردوغان لهجة مشددة في الرد على كلمة البابا داعياً إياه إلى "عدم تكرار الخطأ" بحسب تعبيره.
و الاعتراف بالمجزرة من قبل الفاتيكان سيجرُّ على تركيا التي تُنكر الإبادة الويلات ,  أقلها دفع تعويضات لأهالي الضحايا و إعادة الأراضي الأرمينية التي تحتلها تركيا و التي تعادل ثلاثة أمثال مساحة أرمينيا الحالية , بما ينذر بتفكك تركيا بسبب سياسات الأرعن أردوغان
و سقوط الحلم الأردوغاني العثماني الذي دفعت تركيا ثمنه غالياً و ستدفع ,  من علاقات تركيا و اقتصادها ,  بسبب انتصار سورية و جيشها و شعبها على العدوان الدولي الذي استهدفها و الذي كان فيه أردوغان رأس الحِراب التي تكسَّرت على صخرة الصمود السوري, يعتبر السقوط الثاني للإمبراطورية العثمانية .

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz