دام برس:
سعادةُ الواعين بالنصر ، شعورٌ لا يساور جاهلين ، ولا يحيط بحاقدين ، وإنّما يتمتع به من هُم نواة الدولة العُظمى ، التي أُعِجِبَ بصمودها المتعطشون لمعاني الكرامة ، واستغرب من ثباتها المتحوِّلون المسيَّرون عديمو الانتماء ، وفي ذلك سرّ أرهقهم ، وأفقدهم صوابهم ، وأضاع أرواحهم وأموالهم . فحساباتهم التي نجحت في أماكن أخرى ، وتواريخ أخرى تبعثرت على أرض سورية العظمى ، وديست تحت قدميِّ مقاتل وطنيِّ أصيل ، وأيمان شعب عريق ، وقائد قويٍّ مؤمنٍ . فلم يستطع الأعرابيّ بجهله ومدِّ أمواله وولائه أن يهزم القلوب ولا العقول ، ولم تقدِرِ الخطط اللئيمة التي رسمها أسيادهم أن تهزَّ العزم ، أو تنال من الإرادة ، فعلى الرغم من الألم وفقدان بعض الأحبة ، إلاّ أن الذات أهدتْ عنفوانها بلا حساب ؛ لأنها أدركتْ أنَّ الأمر عظيمٌ ، والخسران فيه أعظم ، فرخُصَ كلَّ ما هو غالٍ أمام نداء سوريّةَ العظمى ، فكان لها ما أرادت .
فتوقفوا عن الحبك والسفك أيّها الملوك الصِّغار الدافعون منكم ، والآكلون ، فلن تدفعوا إلاَّ نفوسكم الذليلة ، ولن تشربوا سوى الذلّ والخسران ، فالنارُ التي أوقدتموها ستكويكم ، والطُّعم الذي مددتموا أنتم لاقفوه ، فذلّكم وخيبتكم على وجوهكم بدتا ، والنور الذي لطالما سيّج الشام نحن نراه . فالبشرى لنا ، والويل والخيبة لكم ، فلا تسيِّجوا قلوبكم العفنة بَعْدُ بالدِّين العظيم ، ولا تخدعوا الشباب بادعاءٍ أنتم فيه جاحدون ، لقد مثّلوا إدانتكم أمام الله والناس حينما قطعوا رأس فتاة مسلمة طاهرة ( بعين العرب ) فأدانوا قلوبكم وصوّروا فحواها العتيم . فإن لم تمت بقايا الضمائر ، فأنتم المقتولون بعدها ، وأنتم الهالكون ؛ لأنّكم مجرمون . أمّا الحياة فهي لسوريّة العظمى ، وقائدها وشعبها الذي لن يموت .
عبد الفتاح أحمد السعدي
كاتبٌ وشاعرٌ عربيّ فلسـطينيّ ســوري