Logo Dampress

آخر تحديث : الاثنين 29 نيسان 2024   الساعة 18:42:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
بعد آخر للأزمة السورية... الهجرة .. بقلم: علاء أوسي
دام برس : دام برس | بعد آخر للأزمة السورية... الهجرة .. بقلم: علاء أوسي

دام برس:

تعد الهجرة ظاهرة عالمية تصيب مختلف البلدان بدرجات متفاوتة، إذ يهاجر الكثيرون بحثاً على العمل أو سعياً لتحسين وضعهم الاقتصادي خارج مدنهم أو دولهم، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة أو نتيجة لعوامل أخرى سياسية أو اجتماعية أو علمية أو هرباً من الخدمة العسكرية، أو نتيجة تضييق الحريات على العقول المبدعة...، وتعني الهجرة: الخروج من بلد إلى آخر، ويسمى الشخص مهاجراً عندما يهاجر ليعيش في أرض أخرى بفعل ظلم ظالم لا يعرف الرحمة، أو المغادرة إلى أرض ثانية طلباً للأمن والعدل والعيش. وتصنف الهجرة إلى نوعين: هجرة اختيارية تتم برغبة الشخص دون أي ضغط من أية جهة، كما هو الحال في هجرة كثير من الشباب وأصحاب الكفاءات في مختلف دول العالم طلباً لتحسين المستوى المعيشي، أو للبحث عن مساحة أكبر من الحرية أو غيرها من الأسباب، وهجرة إجبارية وهي التي تتم بواسطة قوة خارجية كالسلطة السياسية أو قوات الاحتلال، مع الإشارة إلى أن الهجرة تطول بشكل لافت الأعمار الشابة أو حتى الفئات العاملة، وهو ما يؤدي إلى هرم المجتمع.
استحدث البريطانيون عبارة (هجرة العقول أو الأدمغة Brain Drain) لوصف خسارتهم من العلماء والمهندسين والأطباء بسبب الهجرة لخارج بريطانيا، إلا أن العبارة أصبحت تطلق على جميع المهاجرين أصحاب المؤهلات العليا، سواء من ناحية الشهادات الأكاديمية أو الخبرة العملية من بلدانهم الأصلية إلى بلدان أخرى، مع الإشارة إلى أن مفهوم الكفاءة لا يعني فقط أصحاب الشهادات الجامعية، بل أيضاً أصحاب المؤهلات والخبرات، وبالنسبة لمنظمة اليونسكو فإن (هجرة العقول) هي نوع شاذ من أنواع التبادل العلمي بين الدول يتسم بالتدفق في اتجاه واحد (ناحية الدول المتقدمة) أو ما يعرف بالنقل العكسي للتكنولوجيا، وذلك لكون هجرة العقول هي نقل مباشر لأحد أهم عناصر الإنتاج، وهو العنصر البشري (الاتحاد البرلماني العربي، 2001).
وبالنسبة لسورية فإن الهجرة ليست وليدة اليوم بل إنها قديمة وتفاقمت بعد الهجرة الواسعة من الريف إلى المدينة، في حين اصطدام الشباب في حياتهم المدنية الجديدة بالبطالة وزيادة مصاريف المدينة وأعباء المعيشة، مما خلق مجموعة مشاكل اقتصادية واجتماعية وسكانية ألقت بأعبائها على المجتمع بأكمله، فحصل نقص حاد في القطاع الزراعي وتضخّم سكاني ملحوظ وبطالة متفشية في المدن، وتركّز الكفاءات في المدن وقلتها في الريف والمدن الأخرى، كما أوجد هذا النوع من الهجرات تفككاً في التركيبة الاجتماعية والتوزع الديمغرافي في سورية، مترافقاً مع غياب الخطط التنموية المتساوية للمناطق السورية، إضافة إلى عدم الاهتمام بالشباب خاصة من قبل الحكومات السورية المتعاقبة، وغير ذلك من الأسباب التي فاقمت هجرة الشباب إما بمفردهم أو بصحبة عائلاتهم، فتحولت الحالة سريعاً إلى تيار هجرة خارجية ازدادت خاصة بعد تطبيق السياسات النيوليبرالبية في العقد الماضي، التي حابت رأس المال على حساب السواد الأعظم من السوريين، وما ترافق مع ذلك من انتشار الرشوة والفساد والمحسوبية في التعيين فضلاً عن البيروقراطية، ففي ظل وضع لا يتسم بالعدالة هرب الشباب السوري نحو الخارج.
لكن، بعد انقضاء ثلاث سنوات من عمر الأزمة السورية، تفاقمت معدلات الهجرة سواء نزوحاً داخل سورية أولجوءاً خارجها مسجلة أرقام مخيفة نتيجة التردي الأمني وتضاعف معدلات الفقر والبطالة، وبالتالي قلة الدخل اليومي وتراجع قيمة العملة الوطنية، فباتت الظاهرة تدق ناقوس الخطر مع هجرة شرائح كبيرة من السوريين العاملين وأصحاب الاختصاصات العلمية المختلفة، فقد خسرت سورية جزءاً كبيراً من الرأسمال المعرفي ومن العمالة المدربة، وهو ما يؤثر سلباً على التنمية الاقتصادية والتقدم العلمي والتقني الذي يرتكز على دعائم العلم والمعرفة، فالخسارة ليست بهجرة الرساميل بقدر ما هي خسارة إنسانية، تتمثل في هجرة العقول والكفاءات التي يتطلب تدريبها وإعدادها ملايين الليرات السورية، وهو ما تؤكده العديد من أدبيات التنمية الاقتصادية مشددة على دور رأس المال البشري المؤهل في تطور اقتصاد البلد، شريطة توفر الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية المؤاتية.
وبغضّ النظر عن أرقام الهجرة ومعدلاتها التي يختلف عليها الباحثون في ظل الأزمة، إلا أنهم يتفقون جميعاً أن سورية أفرغت من (عقولها) وعمالتها المؤهلة، وهي طاقات كبيرة يعوّل عليها للقيام بدور كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل الظروف الراهنة، فهجرة الكفاءات خسارة جديدة ستحصد البلاد نتائجها في المستقبل القريب في مرحلة إعادة الإعمار والبناء.
وهنا تبرز ضرورة العمل على إلغاء مسببات الهجرة أو الحد من تأثيرها، وترسيخ دعائم اقتصاد متين يركز على مصالح الشعب أولاً والاستفادة من الطاقات الشابة في بناء الوطن.. اقتصاد يكون قادر على تنمية المجتمع، بإقامة مشاريع تستوعب العمالة الموجودة حالياً والمتزايدة سنوياً.
وكذلك ضرورة إيجاد حلول سياسية للواقع الحالي ووضع خطط ومشاريع للحد من الهجرة تعتمد بالدرجة الأولى على وقف العنف وإحلال الأمن والأمن، وإطلاق الحريات السياسية وتوفير الجو المناسب للعمل الحزبي، بالتزامن مع إعادة تدوير عجلة الاقتصاد الزراعي والصناعي بالدرجة الأولى، ووضع مشاريع وخطط تنموية لكل المناطق السورية بغية تثبيت المواطن في منطقته وتشجيعه على البقاء فيها.
العمل على تقديم قروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ودعمها فهي تستوعب عمالة كبيرة.
تهيئة المناخ المناسب للإبداع والابتكار من خلال دعم العمل والبحث العلمي وإعطاء القيمة للعمل على حساب الريع والمصادر الريعية، مع الإشارة إلى أهمية إعادة استقطاب (الأدمغة) التي أفرغت منها سورية بشكل أو بآخر، فهم بإمكانهم أن يساهموا وأن يحدثوا تغيرات نوعية وجذرية في التنمية والتقدم، وهو ما يتطلب تطوير الوسائل والأدوات في سبيل حياة أفضل من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.
 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   الهجرة تغزو سوريا
الوضع السياسي التي تمر به البلاد أثر على كل الأوضاع منها الاجتماعي الثقافي الأخلاقي ولكن بالأخص الاقتصادي الذي زاده سوء ظاهرة الهجرة التي تغزو سوريا فهجرة الأدمغة مشكلة خطيرة فنحن بحاجة هذه الأدمغة لإعمار بلدنا
حنان  
  0000-00-00 00:00:00   كلنا لسوريا
إذا كل شخص اصبح معه شهادة جامعية ترك البلاد وهاجر فلمن بقيت هذه البلد نطلب من الغريب أن يحميها أو نقدمها لهم هدية دون مقابل
تحسين الآغا  
  0000-00-00 00:00:00   واجب
عودة أبناء البلد إلى حضنها أمر واجب وعليهم العودة بأسرع وقت ممكن لأنها بحاجة إلى وجدهم معها ليس فقط لتحسين الوضع الاقتصادي بل أيضا لحميتها والدفاع عنها
يزن منصور  
  0000-00-00 00:00:00   حلول مناسبة
الحلول المذكورة بالمقال حلول جيدة وتساعد كثيرا في حل هذه الظاهر فلمالا تأخذ بها الحكومة وتنظر بها على محمل الجد
شهرزاد  
  0000-00-00 00:00:00   جهود مكثفة
تحسين الوضع الاقتصادي يتتطلب جهود مكثفة من الدولة والمواطنين وتضحية من قبل الجهتين
رامز  
  0000-00-00 00:00:00   بسرعة
عودة المغتربين إلى سوريا أمر ضرور وحاجة ملحة لا يمكن التأخر أكثر من ذلك
قاسم السواح  
  0000-00-00 00:00:00   سنعمرها
سوريا محتاجة لإبنائها ومحتاجة للمتعلمين والمثقفين وصحاب الكفاءات والخبرات لإعمارها من جديد أفضل من قبل
سامي برهان  
  0000-00-00 00:00:00   هذه هي الحكاية
المدارس السورية تقدم العلم بالمجان وتقدم أفضل المعلومات لطلابهاوالجامعات كذلك الأمر تعطي أفضل الشهادات المعترف عليها بكل أنحاء العالم وهي تتوقع من هذا الطالب أنه يدرس ليخدم البلاد إلا أنه يذهب ويخدم بلاد الغرب والخليج
سهاد وطفي  
  0000-00-00 00:00:00   الوضع الاقتصادي
لا يعود الوضع الاقتصادي إلى حاله إلا بعودة الاستقرار السياسي وحل النزاعات والخلافات وعودة الأمن والأمان
ابراهيم ابراهيم  
  0000-00-00 00:00:00   الإرهابين والتخريب
كيف ستقوم الدولة ببناء المشاريع الجديدة وهي كل ما تحاول تصليح مشروع قديم من تخريب الأرهابين يكونوا ضربوا مشروع أخر
شاكر ديب  
  0000-00-00 00:00:00   لا توجد مبررات
ظروف الحياة صعبة وشاقة وخصوصا" في سوريا ولكل إنسان مشاكله الخاصة لكن هذا لا يبرر ترك الشباب لبلدهم والتخلي عنها ونسيان فضلها عليه
أحلام موسى  
  0000-00-00 00:00:00   أرقام مخيفة
الإطلاع على الأرقام والنسب التي تتسجل على صعيد الهجرة والنزوح هي أرقام مخيفة وضخمة للغاية فإذا ضلت الأمور هكذا فلن نجدا شاب في البلد
شادي المالح  
  0000-00-00 00:00:00   لا مجال للتأخير
على المسؤولين النظر إلى هذه المشكلة بشكل جدي ومعمق وإجاد الحلول سريعا" لأن الأسباب واضحة أمامهم والحلول معظمها كذلك فلا مجال للتأخير
ربيع ديان  
  0000-00-00 00:00:00   مساعدة في إجاد الأعمال
انتشار البطالة في البلد بنسبة عالية بسبب تخريب المنشأت الصناعية و هؤلاء الشباب الذين فقدوا عملهم علينا تعويضهم بلدلا من تركهم فيصبح الحل الوحيد لهم هو الهجرة
هيام  
  0000-00-00 00:00:00   باعوا وطنهم
وأيضا هناك من دفع له ليكي ينزح ويصور ويعرض على شاشات الإعلام المعرض ويمثل دور المسكين والمظلوم في بلاده
حسام صافي  
  0000-00-00 00:00:00   هجرة العقول ودورها
هجرة العقول والأدمغة ليست بالمسألة البسيطة والسهلة لأن وجود هذه العقول هي من ترفع البلد على جميع الأصعدة وغيابها من يخفضها
جميل السيد  
  0000-00-00 00:00:00   حل سريع
فعلا" ظاهرة الهجرة في سوريا تفشت بشكل كبير وملحوظ ويلزمها حل سريع وفعال كي لا يتدهور الوضع فيصبح أكثر سوء
ديانا  
  0000-00-00 00:00:00   ليست بحاجة
من تخلا عن خدمة بلده وهي في عز أزمتها وهي بحاجة لأبنائها لا تاعي من عودته الآن عند اقتراب انتهاء الأزمة
هيفاء عيسى  
  0000-00-00 00:00:00   كيف ستستعيد
كيف ستستعيد البلاد قوتها وتقف في وجه أعدائها بعد رحيل عدد نصف أبنائها والنصف الأخر في الجيش منهم من استشهد ومن منهم من اصيبة إصابة بالغة منعته من العمل ومنهم من خان رفاقه وشرف أمانته واصبح يقاتل ضدهم
كمال عزوز  
  0000-00-00 00:00:00   مشكلة الأمان
إن المشكلة الرئيسية لظاهرة الهجرة في سوريا هي مشكلة الأمان فكل إنسان يخاف على نفسه وعلى أطفاله وأهله ومن كان يعيش في جو الأمان في سوريا قبل الأزمة سيختلف عنه كثيرا" بالأزمة .فمن الأمان المطلق إلى عدم الأمان في معظم المناطق من البلاد
ياسر شاهين  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz