دام برس:

أصبح الإتحاد الخليجي حلماً مؤجلاً نظراً لخوف بعض دول الخليج من التنازل عن سيادتها وعدم إقتناعها الكامل بفكرة الأمن المشترك، كما أنه لا يمكن إنكار وجود مشاكل بين دول مجلس التعاون بسبب تدهور علاقات بعض دول المجلس بباقي الدول العربية والإقليمية كتوتر العلاقات بين مصر وقطر في الفترة الأخيرة.
شهدت العلاقات بين مصر وقطر توتراً وخاصة بعد ثورة المصريين ضد نظام الحكم الإسلامي وملاحقة الجيش والشرطة لقيادات جماعة الإخوان الذين إحتضنتهم قطر، فموقف الدوحة الداعم لجماعة الإخوان المسلمين، أزّم الموقف مع القاهرة التي ثارت ضد الحكم الإسلامي.
واليوم يدخل القطريين في مواجهة مع مصر، وفي قلب النزاع يكمن دعم قطر لهذه التي أعلنتها مصر جماعة إرهابية، وكذلك معارضة الدوحة للنظام الحالي في مصر، وتغطية قناة الجزيرة لثورة 30 يونيو وما تلاها من أحداث وتحولات، فضلاً عن إحتضان الدوحة للشيخ يوسف القرضاوي الذي أضاف إلى معارضته للسلطات الحالية معارضته للأزهر، فالخلاف بين قطر ومصر أصبح الآن حول بعض من جوانب السياسية الخارجية، ولاسيما  إشتراك قطر مع تركيا في وصف ثورة 30 يونيو بالإنقلاب، وإصرارهما على الترويج لشعار رابعة، وإستضافة البلدين لقيادات إخوانية فارّة وتتنقل، وفق السلطات المصرية، بسهولة بين البلدين وتعقد اجتماعات لإسقاط الحكم الجديد في القاهرة.
وفي سياق متصل لم تنجح السعودية حتى الآن في إجبار قطر على إنتهاج نفس الخط السياسي الذي تتبناه أغلب الدول الخليجية المحافظة، والمبادرات التي شملت سحب السفراء الخليجيين من قطر ليست فعالة، فلا تزال الدوحة هي قاعدة الإخوان المسلمين وقائدهم الروحي يوسف القرضاوي الذي عتاد شن هجوم عنيف على مصر، وبالتالي إن حاكم قطر لن يرضخ على الأرجح للمطالب السعودية التي من شأنها أن تحد إستقلال بلاده، وموازاة ذلك أعلن السعوديين ضمناً إلى إمكانية تصعيد الضغوط عليه من خلال العقوبات الإقتصادية مثل فرض قيود على إستخدام المجال الجوي والحدود البرية.
ويبدو أن مصر وقطر قررا السير تجاه تعميق الخلافات بينهما إستكمالاً لمسلسل العام الماضي، خاصة أن مصر لن تقبل بغير تبديل قطر لسياساتها تجاه القاهرة من أجل إستعادة العلاقات، فيما لا يظهر من الجانب القطري أي بوادر أمل أو نية لحل الأزمة الدبلوماسية مع مصر.
وفي إطار ذلك يمكنني القول إن العلاقات المصرية  القطرية تبدو حالياً أمام خيارين أساسيين: الأول هو إستمرار حالة التوتر والصدام، أما الخيار الثاني فهو عزم القاهرة والدوحة على إستجابة لوساطات خليجية وعربية محتملة، فالوقائع والإحداثيات القائمة والمنظورة تذهب إلى ترجيح الخيار الأول، لا سيما أن الخيار الثاني يعني إنعطافه في السياسة الخارجية القطرية، لذلك أستبعد عودة قريبة بالعلاقات المصرية القطرية الى مسارها الصحيح، فإستمرار قطر في توفير الملاذ الأمن والدعم اللوجستي لعناصر جماعة الإخوان سيؤخر عملية تطبيع العلاقات بين البلدين.الى فترة غير محددة
أن العلاقات المصرية القطرية لن تتحسن طالما إستمر الغضب الأمريكي من 30 يونيو، لأن مصر أفشلت المخطط الغربي للشرق الأوسط، الذي هدف الى تعزيز الفرقة والتشتت بين الأقطار العربية وعلى الأخص سورية ومصر، من أجل ألا تقوم قائمة للعرب، وهذا ما يخطط لسورية ومصر حالياً من خلال زعزعة إستقرارهما.
وهنا يمكنني القول إن الكرة الآن تسير في الملعب القطري، حيث يتطلب منها الأمر اللجوء الى الحوار والتخفيف من حدة الإعلام تجاه مصر، هذا ما أكده المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، "إن ما تطلبه مصر من قطر واضح وهو عدم مضيها قدماً في المسلك الذي تنتهجه مع مصر حالياً، لذا على قطر التوقف ومراجعة مواقفها".
فالحقيقة التي يجب ان ندركها بيقين إن المستفيد الأول من هذه القرارات وتصدع مجلس التعاون الخليجي، والتنافر بين الدول العربية فيما بينها هي إسرائيل التي تترقب وبشوق لحصول أي فرصة فتنتهزها وتبث سمومها في المنطقة، واليوم هذه الدول تقدم لها الفرصة على طبق من ذهب.
وأخيراً ربما يمكنني القول إن مستقبل العلاقات بين مصر وقطر مرشحة للتأزّم خلال الفترة المقبلة، فالأزمة الحالية هي التحدي الأكبر الذي تواجهه القاهرة، وهو ما يستلزم قراءة عقلانية متأنية من متخذي القرار، والتأمل في سيناريو التصعيد والمناقشة الهادئة لسيناريو التهدئة لنزع فتيل الأزمة أو التعاطي مع توابعها، وخاصة بعد أن وضعت القاهرة إستراتيجية على وضع نهاية لعصر الإعتماد على الشركاء الأجانب فى الأولويات الإستراتيجية.
Khaym1979@yahoo.com