Logo Dampress

آخر تحديث : الاثنين 29 نيسان 2024   الساعة 22:07:35
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
في ذكرى (الثورة المعظمة) ما الحصاد ! .. بقلم: د. بسام أبو عبد الله
دام برس : دام برس | في ذكرى (الثورة المعظمة) ما الحصاد ! .. بقلم: د. بسام أبو عبد الله

دام برس:
بعد أيام سوف يتذكر السوريون بدء انطلاق أحداث ربيعهم المشؤوم، الذي يؤرخ له في شهر آذار تيمناً بالربيع وزهوره، وجماله، وروعته.
لكن هذه الذكرى فعلاً مشؤومة، وستبقى مشؤومة في ذاكرة السوريين لأجيال، فقيادة هذا الربيع كانت عبر قنوات إعلامية متصحرة، وذقون مهترئة، وفكرٍ خاوٍ إلا من أمراض الشيخوخة لدى نواطير النفط- والغاز...
ربيعٍ يقوده (برنارد هنري ليفي) من اليمن إلى ليبيا إلى مصر، إلى السودان، إلى دمشق- ليلحقها مؤخراً في القائمة كييف، وكاراكاس، وكأن هذا الملهم قد تحول إلى رسولٍ، ومبشرٍ لطموحات الشعوب، وتطلعاتها!!!
ربيع سورية المشؤوم كان الأكثر دموية، وتخلفاً، وعولمة لأدوات القتل، وطرق النصب والاحتيال بالإعلام، والسياسة، والاستخبارات، وحجم القوى المشاركة فيه داخلياً، وإقليمياً، ودولياً، وكأن هذا الربيع كان متخيلاً أن يكون نموذجاً يعمم في العالم حتى يصل إلى بلاد الصين...
ربيع سورية أزهر أساطير في الكذب، والخداع من شهود العيان إلى ضخ إعلامي وصل في بعض الأحيان إلى خمس عشرة ساعة يومياً، وكأن هذا الضخ يهيئ لولادة عالم جديد يبدأ من سورية، فلم يبق شخصية من الاسكيمو حتى تورا بورا إلا سمع بأسماء القرى، والمناطق والأحياء السورية، التي وضعت تحت مجهر مراكز البحوث، والدراسات، وأجهزة الاستخبارات، وقيادات الأركان في العالم لدراستها منطقة- منطقة، وقياس حجم التقدم، والتراجع، وتحولت مدن سورية إلى بارومتر يُصعد وينزل ضغط هذا الرئيس، أو ذاك، ويحدد المستقبل السياسي لهذا الزعيم- أو ذاك، أو لنظام سياسي وآخر.
إنه الربيع السوري المعظم... الذي انتج لنا داعش، والنصرة، والجبهة الإسلامية، وثوار سورية، وحركات الأحرار من كل أنحاء العالم!! ومنظمات باسم السلطان عبد الحميد، والملك عبد العزيز آل سعود، وملكة بريطانيا، والجنرال غورو، وحمد بن خليفة، ورجب طيب أردوغان وأحمد داوود أوغلو... والأهم بنيامين نتنياهو.
الربيع السوري المعظم شَغَلَ كل المرتزقة، والعاطلين عن العمل على أرصفة أوروبا، والولايات المتحدة، وحولهم إلى زعماء سياسيين، ومعارضين، وقدم لهم المال، والإعلام، ونفخ بهم حتى أعتقد البعض منهم أنه باراك أوباما، أو فلاديمير بوتين، فيشطب دولاً عن الخريطة، ويخرج أخرى من منطقة الشرق الأوسط، ويسب ويشتم من يشاء، ومن تشاء لأن المهم أن يرضى صاحب الأمر، والممول، وأن تكون الكلمات مُرضية لحقد آل سعود، وآل ثاني، أو المندوب الأميركي، والتركي، والقطري، والبريطاني، وذاك التافه الفرنسي...
الربيع السوري المعظم.... قدم لنّا الجربا، وكيلو، وسيدا، والشقفة... والمبدع في الكذب لؤي صافي، واختلطت فيه المفاهيم السياسية، والأحزاب، والقوى، والدول، فتحالف العلماني مع التكفيري، والوهابي مع الإخونجي، والليبرالي مع الاشتراكي، والماركسي مع كل هؤلاء، وتشكلت تحالفات للدول في الإقليم، والعالم لا يجمعها شيء في العالم سوى سقاية هذا الربيع، وتغذيته، والارتزاق عليه... حتى اجتمعت الدول باختلاف أنظمتها الدستورية، والتشريعية، من الكونغرس الأميركي والبرلمان الفرنسي ومجلس العموم البريطاني إلى مجلس الشورى السعودي والقطري!!!
الربيع السوري المعظم.... دمر لنا المدارس، والجامعات، والبنى التحتية، والمصانع، والمعامل، وقتل رجال الدين المسيحي والإسلامي، واقتحم الجوامع والكنائس، وقدم لنا نماذج من السلوك البشري- والنازي والحقير لم نعرفه في حياتنا، وقسم المجتمع، وحتى الأسرة الواحدة، إلى مولاة ومعارضة، وإلى مذاهب، وطوائف واتنيات، وشطب من قاموسنا كلمات مثل الوحدة، والكرامة، والوطن، وفلسطين، والمقاومة، والسيادة- لينقل بدلاً منها التفرقة، والذل، والإمارات، والصهيونية، وقبول الوصاية والاحتلال، واستباحة السيادة بدءاً من تقبيل أقدام الناتو، وأوباما، حتى أصغر زعيم تنظيم في الصومال ليرسل رجاله من أجل أن يُزهر هذا الربيع المعظم.
ما من شك أن حجم الألم في قلوبنا كبير، وذاكرة السوريين تحمل الكثير من الآلام، ولكن الشعوب العظيمة لا تنكسر، وتحول التهديد إلى فرصة لإنتاج ربيع آخر يقوم على الكرامة، والسيادة والحياة المتجددة، ربيع أنتجه رجال الجيش العربي السوري الذين زرعوا شقائق النعمان في كل بقعة من أرض سورية، والذين اثبتوا مع الشعب السوري العظيم أن الربيع لن يكون إخونجياً، أو وهابياً، بل ربيعٌ سوري بنظامه السياسي التعددي، وديمقراطيته التي ستفاجئ الجميع، وصموده الذي أذهل شعوب الأرض، ومقاومته التي ستبقى جوهر فلسفته في هذا الشرق الكبير.
ربيع سورية القادم سيزهر بدماء الشهداء، وبالمحبة، والمصالحة والانفتاح، وتجاوز الأخطاء، وتعلم الدروس من الماضي بإيجابياته وسلبياته، وأهم درس تعلمناه أن التاريخ يصنعه الرجال- الرجال وليس أنصاف الرجال، وأن البقاء على الخريطة في غابة هذا المجتمع الدولي يحتاج إلى أسود، وليس نعاجاً تساق إلى المذبح بإرادتها...
قديماً قال القيصر الروسي الكسندر الثالث (لدى روسيا صديقان فقط، هما جيشها، وأسطولها)- ونحن نقول إن (لدى سورية جيشها، وشعبها، وأصدقاءها الأوفياء)...
وعلى أمل أن يزهر ربيع سورية الحقيقي زهوراً- ووروداً تفوح برائحة عطرها على المنطقة- والعالم....

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   شكراً يا دكتور!
لقد أوجزتَ و أوضحتَ. شكراً يا أخي و صديقي! المجد لسوريا العظيمة و الخلود للشهداء
السّا موراي الأخير- الجولان المحتل  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz