Logo Dampress

آخر تحديث : الاثنين 29 نيسان 2024   الساعة 10:35:34
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
في ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة لا زالت سورية مثخنةً بجراحها .. بقلم: الدكتور عاصم قبطان
دام برس : دام برس | في ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة لا زالت سورية مثخنةً بجراحها .. بقلم: الدكتور عاصم قبطان

دام برس:

لا بد أن تعود بنا الذاكرة و نحن نغادر السنة السادسة و الخمسين على إعلان قيام الجمهورية العربية المتحدة في الثاني و العشرين من شباط لعام 1958 ، لقد عشنا تلك المرحلة التي استطاعت فيها القوى الوطنية و القومية انجاز أول وحدة عربية حقيقية في التاريخ المعاصر  تحققت بقيام الجمهورية العربية المتحدة ، لا بد في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة العربية  من العودة و توضيح بعض النقاط الهامة التي ميزت المرحلة التاريخية من النصف الثاني للقرن العشرين ، و التي تميزت بانتصار القوى الوطنية  و الفكر القومي  و التي أفشلت كل محاولات أمريكا و بريطانيا و فرنسا و إسرائيل لتطويق المارد العربي الذي انطلق من عقاله بقيام ثورة الثالث و العشرين من تموز عام 1952 و التي قام بها الضباط الأحرار في مصر بقيادة القائد جمال عبد الناصر ، قد  تتسائل  الأجيال الحاضرة  ؟؟ التي  لم  تشهد و لم تعاصر الإنتصارات القومية  لماذا  ترفع صور القائد جمال عبد الناصر بعد مرور اربعةٍ  و أربعين عاماً على رحيله ، أليس في ذلك مدعاةٌ للإستغراب و قد رحل قبله و رحل بعده العديد من الرؤساء و القادة في العالم و في العالم العربي و لم يخلدوا ذلك الذكر و لم يحظوا بذلك الإهتمام ، قد يتميزُ جيلنا  بأنه لامسَ و عاش الإنتصارات المتلاحقة التي حققتها القيادةُ الفذة للرئيس جمال عبد الناصر  و التي كان لها  الأثر الكبير في التفاف جماهير الشارع العربي من المحيط إلى الخليج حول زعامتة  و التي اعترف له الأعداء قبل الأصدقاء بنظافة اليد و نقاء السريرة .
لقد اتسمت مرحلة ما بعد الاستقلال في سوريا بصراعات عديدة ما بين القوى المحليةِ المختلفة  ذات المصالح المتياينة  و بدون شك تميزت تلك المرحلة أيضاً بترسيخ أسس الديمقراطية و تشكيل الأحزاب السياسية و شرعية صندوق الانتخاب إلا أن المؤامرات التي كانت تحاك ضد سورية و التي تميزت في تلك الحقبة بما اصطلح على تسميتها بمعارك الأحلاف ( حلف بغداد ) و التي كانت تهدف إلى إبعاد المشرق العربي عن مغربه  و محاولة تطويق المد الثوري الذي أفرزته نجاحات ثورة 23 تموز يوليو 1952  و التي تجلت بالقضاء على الاستعمار و أعوانه في مصر و رحيل القوات البريطانية المستعمرة بعد سبعين عاماً من الاستعمار ، و كيفَ  ردت القيادة الثورية الناصرية  على سحب البنك الدولي لعرضه بتزويد مصر بالمعونات اللازمة لبناء السد العالي بتأميم قناة السويس  الذي أفقد القوى الاستعمارية صوابها و قامت  بالعدوان الثلاثي العسكري على مصر لاستعادة السيطرة على القناة  ، و لكن ثبات القيادةِ الناصرية و استبسال القوات المصرية و جماهير الشعب المصري في الدفاع عن مصر الكنانة  أدى إلى دحرِ العدوان و تثبيت أقدامِ الثوار ، و  كل تلك الانتصارات جعلت من ثورة الثالث و العشرين من تموز قبلةً للمناضلين العرب و أنصار الحرية  في كل مكان  و لم تجد القوى الوطنية  السورية  مناصاً من مد جسور الوحدة و التلاقي مع الشقيقة الكبرى مصر بقيادتها الفذة .
نعم لقد فامت وحدة 1958 و أعلنها الرئيسان شكري القوتلي و جمال عبد الناصر في الثاني و العشرين من شباط و توالت المؤامرات على الجمهورية العربية المتحدة إلى أن استطاعت   القوى المتآمرة  في صباح الثامن و العشرين من أيلول 1961 ذلك اليوم الأسود في تاريخ سورية و في تاريخ الأمة العربية  حيث ذبحت الوحدة بأيدي أبنائها و ما زالت تذبح حتى يومنا هذا ، و انتصرت بكل أسف الاقليمية و المذهبية و العشائرية و الشعوبية  ، و هذه سورية اليوم مثخنةً بجراحها لا يلتئم لها جرح و هي تنعي شهدائها كل يوم  من كل مكونات الشعب السوري ، رغم شعورِ كلِ مواطنٍ سوري بجسامة الخطب ، و بالدماء التي تراق و من كلِ الاتجاهات و التيارات و رغم الإرهاب الذي عم البلاد و التدخلاتٍ لا تتوقف من كل القوى الإقليمية و الدولية و التي تحركها مصالحها الخاصة و التي لا تعطي أي اهتمام لمصالح الشعب السوري الجريح ،

نقف اليوم لننظر و نحلل و نتسائل هل هناك من طريقٌ للخلاص ، نحن نعتقد أن ما تعانيه  سورية اليوم بكلِ مكوناتها كانت بدايته في مؤامرة الانفصال ، و أن أعداء الأمة العربية قد استجمعوا قواهم و خططوا و نفذوا ، و الأكثر من ذلك استطاعوا النفوذ إلى العقلِ العربي  حتى لا تقوم لهذه الأمةِ قائمةً بعد تدمير الوحدة و أصبح التفكير في الوحدة ضرباً من الخيال  ،  نحن لا زلنا نعتقد بأن الخلاص لهذه الأمة لن يكون إلا باستعادة عزيمتها  و توحيد رؤيتها ، و بناء دولتها الواحدة في هذه المنطقة الهامة جداً من العالم ، و لا بد لنا أن نذكر بأن كل انتصارات الأمة العربية لم تتحقق في أي يومٍ من الأيام إلا بوحدة مشرق العرب و مغربه و في لقاءِ سوريةَ مع مصر . 
لقد فشلت كل الجهود المبذولة حتى الآن في استعادة الوئام و السلم الأهلي في سورية الغالية و لا يمكن تفسير هذا الفشل إلا في سيطرة النزعة المصلحيةِ الشخصية لدى الفرقاء ، و لم يعد كافياً الإدعاء بالالتزام و التمسك بحضور مؤتمر جنيف 2 و القبول بتوصيات جنيف 1 الصريحةِ و الواضحة ، و أخيراً فإننا نحسب أن حل القضية السورية لن يتحقق إلا بيد أبنائها عندما تتوفر الرغبة و النية الصادقة في الحل العادل و الذي تتحقق فيه المصلحةُ المتوازنة لكلِ الفرقاء ، لقد  كان المؤمل أن يكون جنيف 2 و ما يتلوه مدخلاً مناسباً لانعقادِ مؤتمرٍ وطنيٍ شامل يضم كل الفعاليات السياسية و الوطنية في الداخلِ و الخارج و تحت رعايةٍ دولية ، بستطيع فيه السوريون أن يصلوا إلى قواسم مشتركة تنقذ الوطن و المواطن مما آلت إليه التداعيات ، و سنبقى نكرر الدعوة لهذا المؤتمر و ما لم يتحقق ذلك ستبقى آمال و أحلام السوريين في مهب الريح تتقاذفها المصالح الدولية و الإقليمية للقوى المحيطة و التي لا تقيم وزناً إلا لمصالحها على حساب مصالح الشعب السوري الجريح .
 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz