Logo Dampress

آخر تحديث : الأحد 28 نيسان 2024   الساعة 23:47:43
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
إسرائيلي في عقر دارنا .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | إسرائيلي في عقر دارنا .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:

إن المجالس التشريعية في كل دول العالم تسن القوانين لكي تطبقها على مواطنيها ولكن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تعمل على فرض سيطرتها على المنطقة العربية لإستغلال ونهب ثرواتها، فحكوماتنا العربية في سبيل السياحة، وتنشيط الإقتصاد، وتشغيل مرافق الدولة، والحرص على الصورة والسمعة والمظهر، تغمض عينيها عن الإختراقات الإسرائيلية لبلادنا، ومحاولات التسلل إلى مختلف مرافق الحياة فيها، فإسرائيل باتت تستخدم كل أشكال الإنقسام والفوضى السياسية بصنيعة أمريكية وإسرائيلية وبمساعدة دول عربية، كي يمرروا مشروعاً هو الأكثر خطورة على الدول العربية من كل المشاريع السابقة.
إن العدو الذي يقطن بيتنا أو عالمنا العربي حاول منذ تموقعه في خاصرة الوطن العربي إختراق الشعوب العربية وتطبيع علاقته معها، وهو ما قسم الدولة العربية بين دول تقبل التطبيع على أرضها وأخرى تتمسك بالمقاطعة وعددها في الإنحسار، وفي كل ذلك بقيت الشعوب العربية لا تحتكر قرار التطبيع من عدمه، فالتطبيع زرع ألغاماً داخل الجسد العربي، واليوم يريدون تفجير تلك الألغام بإثارة مسألة الفتن الطائفية والمذهبية أو بشراء الذمم للتطبيع مع الكيان الصهيوني وبث الفرقة داخل هذه الأمة المنهمكة.
إن هدف إسرائيل هي تمزيق البلاد إلى دويلات كنتونية تحارب بعضها بعضاً، ونحن بكل أسف لم ندرك خطورتها على الأمن القومي لبلادنا ولم ننظر إلى الأحداث من حولنا بعيون مفتوحة قارئة للمستقبل، بل وضعنا كل أملنا في الغرب وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية لكي تساهم في إستقرار المنطقة العربية، ولكن نظراً لقوة جماعات الضغط الإسرائيلية في أمريكا "صانعي القرارات في امريكا "لم يستطيعوا منع اسرائيل من بناء المستوطنات في فلسطين وتجريف الأراضي وهدم البيوت على رؤوس أصحابها وبناء الجدار العنصري.
واليوم يخطئ العرب عندما يعتقدون أن بلادهم آمنة ومستقرة، وأن أرضهم وحدودهم مصانة وسيادتهم كاملة، وأسرارهم ووثائقهم محفوظة وغير مكشوفة للآخر، وأن إتصالاتهم ومكالماتهم محمية، وأن إجتماعاتهم ومؤتمراتهم المختلفة آمنة في كل مكان من المنطقة.
فالكثير من ضباط الأمن الإسرائيليين، ومن عملاء مخابراتها المختلفة، ممن يحملون جنسيات مزدوجة، سواء كانت أوروبية أو غربية، يزورون بلادنا العربية ويقيمون في عواصمنا ،  ويشاركوننا التجارة والعمل، ويعملون معنا في الصحافة والإعلام، وفي النفط والغاز، وفي البنوك والمصارف والبورصات، وفي الزراعة والصناعة، وفي السياحة والفندقة، وفي الإتصالات والمواصلات، حتى أصبح الإسرائيليين يتجولون في شوارعنا، ويجوبون أسواقنا ويقفون في مياديننا، ويجلسون على مقاهينا، ويدخلون نوادينا، ويأخذون الصور التذكارية، ولا يوجد أحد من يعترضهم، أو يعرقل مهمتهم التي جاؤوا من أجلها.
وفي الوقت نفسه يعفون الإسرائيليين من المسؤولية، ولا يحاسبون ولا يعاقبون على أخطاءهم وأفعالهم، فلا يسجنون ولا يحاكمون، ولا يطردون الى بلادهم، بحجة أنهم أجانب، ولهم سفارات تتابع شؤونهم، وتعارض المساس بهم، أو الإعتداء عليهم، كما أنها ترفض توقيفهم، ولا تسمح بمساءلتهم وإستجوابهم في غياب محاميهم أو من يمثل سفارة بلاده.
وفي سياق متصل عمدت إسرائيل الى تشكيل أذرع جديدة لها، تسمح لها بإختراق الساحة العربية من منافذ حساسة وهامة في بنية المجتمعات العربية، من الإقتصاد، الذي يعتبر الباب الرئيسي لحياة الدول، خاصة تلك التي تعتمد إعتماداً مطلقاً على الإستيراد، وعلى مختلف أنواعه، حيث دخلت البضائع والسلع الإسرائيلية دون دمغة "صنع في إسرائيل"، مستخدمة أسماء مستعارة، وحتى هويات مستعارة، وأصل منشأ مستعار، فالخروقات الإسرائيلية تنوعت وتعددت، وتخطت المألوف لتشمل مختلف المجالات الحياتية واليومية للمواطن العربي، ومن أبوابها الكبرى، فمثلاً الخروقات المالية إذ دخلت شركة باينير العالم العربي تحت غطاء تسهيل المعاملات المالية والتي تعتبر واحدة من أكبر شركات التعامل المالي الإلكتروني، التي تعمل على تسهيل الدفع عبر البطاقات الإئتمانية  حيث يستطيع المستخدم القيام بعمليات سحب وإرسال الأموال حول العالم، وإستطاعت هذه الشركة عبر مصارف أجنبية تسويق خدماتها بشكل واسع لدى المصارف في الدول العربية، فضلاً عن إختراق الإتصالات "الإنترنت"  الذي يعتبر من أخطر الإختراقات التي قامت به الشركات الإسرائيلية، من خلال خدمة تبادل النصوص والصور والتخاطب "الفايبر"، حتى  خدمات الترجمة لم تسلم بدورها من هذه الإختراقات، وتم ذلك عن طريق  شركة  بابيلون، التي تحتوي برمجياتها على قواميس بجميع اللغات حيث يمكن للمستخدم إستخدام البرمجيات عن طريق الإنترنت.
فالحقيقة هنا التي يجب أن ندركها بيقين أن "إسرائيل" تلاحق العرب جميعاً وتتجسس عليهم، وتتابع حركتهم حتى في بيوتهم، وتتجسس على أقرب المقربين إليهم، وترصد أسواقهم التجارية، ومقدراتهم النفطية، وتتابع تجارتهم الداخلية والخارجية، وتعرف الوافدين الداخلين إلى بلادهم والخارجين منها، ويهمها أن تعرف تفاصيل الحياة اليومية، وأنشطة المواطنين الإعتيادية، فضلاً عن معرفة البنى العسكرية والأمنية، والمؤسسات الاقتصادية داخل هذا البلد أو ذاك.
يجب أن نعي ونفهم، أن المخابرات الإسرائيلية، وخاصة جهاز الموساد المعني بالأمن الخارجي للكيان الصهيوني، لا يتوقف ليومٍ واحد عن محاولات السعي لإختراق أمن الدول العربية كلها بلا إستثناء، وله في بلادنا خلايا ومجموعات، وعنده أجهزة ومعدات، فهو يستغل كل السبل والإمكانات، ويسخر كل الطاقات والكفاءات، ويتسلل إلى كل الساحات المختلفة من هذه اليلاد لتحقيق أهدافه ومصالحه.
وليس بعيداً عن الفكر الذي يؤمن بنظريات المؤامرة والتخطيطات الإستراتيجية، فما يحدث في الوطن العربي من أزمات لم يأت بمحض الصدفة، بل يعد تخطيط إستراتيجي للصهيونية التي تنادي بتقسيم المقسم وتجزيء المجزأ وذلك لضمان إستقرارهم السياسي والإقتصادي والعسكري والسيطرة على موارد المنطقة العربية وإيقاف عملية التنمية والرجوع الى الوراء وإنهيار الأمن ومنظومات القيم والأخلاق وتفتيت النسيج الإجتماعي بين مختلف فئات الشعب العربي.
وموازاة ذلك إن كل ما يجري في سورية من تدمير وتخريب لمعالمنا الثقافية هو مخططاً رهيباً وحاقداً لإزالة شواخص سورية وبنيتها الحضرية، يريدون من خلاله القضاء على ذاكرتنا ...وحضارتنا... وثقافتنا... وتراثنا... وإستبدال العلم بهمجية التخلف والوفاء والمحبة بالبغض والكراهية، كما فعل الكيان الصهيوني الذي دمر وما زال يدمر حضارة فلسطين وآثارها وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية ومن ورائها الغرب الذين سرقوا حضارة العراق ونهبوا متاحفه.
وهنا يمكنني القول إن المسألة التي ينبغي أن نعي خطورتها ونقر بها هي أن إسرائيل بدأت بوعد بلفور عام 1917، وسرعان ما أصبحت كيان دولة وتم توسعتها عام 1948، وتوسعت بشكل أكبر بعد حرب 1967، حيث إستولت على بعض المناطق والأراضي العربية، ولم يكن بمقدور دولة الصهاينة المحتلة أن تتمركز ويتوسع كيانها ويستقر بها المقام وتزداد فيها المستوطنات لو لم تكن بعض الأنظمة العربية متواطئة معها.
ومع كل ذلك كنت أعتقد أن مقولة  إسرائيل من النيل الى الفرات تبقى حلم، وتبين لي في السنوات الثلاث الأخيرة (سنوات الربيع العربي) أن ذلك ليس حلماً، بل أصبح حقيقة، بل ومخطط مدروس ومرسوم، إنما تقود إلى تفكيك وتقسيم الدول العربية لدويلات، كما حدث في السودان، ويلحق به العراق  واليمن، وتدمير ليبيا ونهب ثرواته، بل وتقسيم مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية، وما ستشهده كل من سوريا ولبنان، وإشعال الفتنة في مصر التي ربما تؤدي لحرب أهلية، وإشغال دول المغرب العربي بنزاعات مماثلة، وإلهاء دول الخليج العربية بالتمويل لكل تلك الصراعات وتعويض خسائرها ،كل ذلك هو لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد المحقق للحلم المخطط له لدولة الصهاينة "من الفرات إلى النيل".
إن إسرائيل اليوم، أصبحت لغماً خطيراً في الجسد العربي كله، وتحت أقدام العرب كافة، فهي كيان  فوق القانون الدولي، وهي حالة شاذة عن السياق الإنساني العالمي بمجمله، وهي حظيرة عسكرة خالصة، لا وجود في نهجها لعرف أو مبدأ أو قيمة، فقد منحها الدعم اللامحدود من جانب القوى الكبرى، حتى وهي تغتصب أرض الآخـــرين، والصمت الدولي المريب عن جرائمها عبر العقود، منحها قناعـــة راسخة، بأن منطق القوة العسكرية وحده، هو سبيلها للبقاء والهيمنــة
وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن هذا الواقع ، يدق ناقوس الخطر عند رؤوس العرب والمسلمين جميعاً فنحن نعرف استراتيجيتهم العسكرية، وندرك خططهم الأمنية، ونعرف أنهم يستهدفون منطقتنا العربية، كما يستهدفون العلماء العرب دون تمييزٍ لهويتهم الوطنية، فقتلوا مصريين وعراقيين وسوريين ولبنانيين وسودانيين وإيرانيين  ومغاربة، فلنحذر ولننتبه، ولنفتح عيوننا لحماية بلادنا وأمنها، وضمان مستقبلنا المشرق، وإلا فإننا سنصحو يوماً على حقيقة إختراق الكيان الصهيوني لعمقنا، وامتلاكه لكل شئٍ عنا، كونه ينظر إلى العرب والمسلمين جميعاً على أنهم أعداء وخصوم له ينبغي قتالهم.
khaym1979@yahoo.com
 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz