Logo Dampress

آخر تحديث : الأحد 28 نيسان 2024   الساعة 01:40:30
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
بعد أن دمروها وأحرقوها، المليشيات المسلحة تنجح بإشعال نار الحرب الأهلية في ليبيا ..بقلم: الدكتور خيام الزعبي
دام برس : دام برس | بعد أن دمروها وأحرقوها، المليشيات المسلحة تنجح بإشعال نار الحرب الأهلية في ليبيا ..بقلم: الدكتور خيام الزعبي

دام برس:

قليلة هي الأخبار التي ترسم تفاصيل دقيقة للمشهد الليبي، بعد نجاح حلف الناتو والميليشيات المنضوية تحت عباءة المجلس الوطني في إسقاط نظام  القذافي، فمحطات التلفزة العالمية التي كانت تزدحم بها العاصمة الليبية طرابلس او شقيقتها بنغازي التي شهدت الشرارة الأولى للإحتجاجات، غادرت فور إنتهاء عمليات حلف الناتو ولم تعد تهتم بما يجري الآن من تطورات، أو ترصد الأعراض بإستمرار وجود المليشيات القبلية وفوضى السلاح، ومظاهر التخبط والإنقسام وشلل الحكومة، وإنهيار كافة مؤسسات الدولة والقطاعات الخدمية، ومع هذا وذاك لا يوجد زعيم واحد حتى الآن يمكن أن يترأس الحكومة أو جماعة سياسية معينة، كل هذا يؤدي منطقياً إلى حقيقة أننا نلاحظ ما يحدث الآن في هذا البلد الشقيق.
فالجماعات المسلحة في ليبيا باتت تملك نفوذاً كبيراً يحول دون بناء دولة مستقرة، في وقت كان يحلم فيه الليبيون أن تصبح بلادهم الغنية بالنفط بمثابة دبي جديدة، لكن ما يخشونه الآن هو إندلاع حرب أهلية في بلد غير مستقر، إذ غالباً ما تعلو الولاءات والخصومات المحلية والقبلية والإيديولوجية على الإنقسام بين الاسلاميين والليبراليين، فضلاً عن إشتباكات بصورة منتظمة بين الميليشيات أو القبائل، ولشراء السلام وزعت السلطات الإنتقالية بشكل مكثف ملايين الدولارات على عشرات الميليشيات، ما أتاح المجال أمام إنحرافات مافياوية، وعندما تتوقف الحكومة عن توزيع الحوافز والمكافآت أو تسعى الى حل الميليشيات، فإن الأخيرة لا تتوانى عن مهاجمة مؤسسات الدولة وخطف مسؤولين أو تعطيل المواقع النفطية.
تسارعت اليوم وتيرة الأحداث الأمنية في عدة مدن ليبية عقب إعلان الجيش الليبي حالة النفير العام، إثر سيطرة مجموعة مسلحة محسوبة على نظام القذافي، على قاعدة "تمنهنت" العسكرية، التي تعد أكبر قاعدة للجيش الليبي جنوبي البلاد، وقد تزامن مع هذه الأحداث، خروج أعداد ممن وصفوا بأتباع النظام السابق، حاملين صور معمر القذافي في بعض المناطق غربي البلاد، ما دفع رئيس الوزراء علي زيدان الثوار، إلى مواجهة أي تحرك يمس ثورة 17 فبراير.
تطور الأحداث بهذا الشكل، يدفعنا إلى التخوف من سيناريو الحرب الأهلية الذي يهدد ليبيا، كما إن إعلان النفير العام في كل مناطق ليبيا، التي تحكمها وتسيطر عليها مليشيات مسلحة، قد يتسبب في ضياع هيبة الدولة، لأنه ليس مؤكداً أن يلبي جنود الجيش هذا النداء، وفي نفس الوقت هناك من ينتظر مثل هذه الفرصة، لكي يقوم بأعمال تخريبية، أو إثارة الفتنة تحت شعار "النفير العام"، كما إن عدم الإستجابة لنداءات الدولة مقابل الإنفلات الأمني من شأنه أن يضع ليبيا في موقف محرج مع العالم الخارجي الذي قد يصنفها بأنها دولة فاشلة.
وفي سياق متصل فإن ليبيا الجديدة اليوم أصبحت بلد تحكمها المليشيات، وحتى الآن لم تنجح السلطات الإنتقالية، في كبح جماح هذه المليشيات، وإضطرت إلى أن تتعاقد معها، للمساعدة في تأمين البلاد، وقد كان الهدف من الإعتماد عليها أن يكون ذلك خطوة مرحلية، من أجل بناء الجيش والشرطة، إلا إن ضعف الدولة وغياب دورها، جعل شوكتها تقوى ويزداد تمسكها، بأن يكون لها دور وتواجد مؤثر في الشارع الليبي.
فالحكومة الإنتقالية في ليبيا، طالما تحدثت عن خططها نحو دمج الميليشيات المتناحرة، في قوة أمنية متماسكة، بالشكل الذي يساعد على إستقرار البلاد، ويبني "ليبيا الديمقراطية"، فإن دخول المليشيات المتناحرة في أعمال عنف، سواء ضد بعضهم البعض، أو ضد المواطنين المعارضين لهم، يصعب على الدولة تحقيق ذلك، فالدولة الليبية أصبحت الآن بين نارين، فهي من جهة تريد نزع سلاح هذه المليشيات، خوفاً من "الحرب الأهلية"، وفي نفس الوقت ليس لديها القدرة على حفظ الأمن وحدها، فهذه الميليشيات تتفوق على قوات الجيش والشرطة، من حيث الأعداد والتنظيم وترسانة الأسلحة، بالإضافة إلى أن هذه المليشيات المتناحرة، ترفض من الأساس فكرة نزع السلاح أو حتى الإندماج في الجيش النظامي.
وبموازاة ذلك يمكنني القول إن الوضع في ليبيا مخيف وخطير، وأن شبح التقسيم، لم يعد فقط يطل برأسه، بل تحول اليوم بفعل هشاشة الدولة وضعفها إلى أمر واقع في ليبيا الجديدة، التي باتت تغرق في العنف والفوضى، التي تمارسها المليشيات المسلحة والجماعات المرتزقة، فإن هذه الحالة من الفوضى غير الخلاقة لن تنتج سوى مزيداً من العنف والموت والدمار والخراب، فليبيا الآن تعيش في قاع مخيف يزداد سوءاً بإستمرار، إذ أن المرحلة إنتقالية التي تعيشها ليبيا لم تحقق أهدافها بعد، ولم تنجح في إنشاء دولة المؤسسات، لمواجهة الولاءات المناطقية والجهوية والمليشيات والكتائب المسلحة، التي باتت تهدد الأمن الإقليمي والدولي في المنطقة.
وفي المحصلة تعكس الحال التي وصلت إليها ليبيا مؤخراً دليلاً آخر يقدمه الغرب على مدى الخراب الذي يخلفه وراءه في كل مكان يتدخل فيه معتبرين أن واقع الحال في ليبيا يشكل الرد البليغ على دعوات التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول والإستقواء بالأجنبي.
لقد كانت ليبيا دولة واحدة موحدة، وباتت اليوم تعيش حالة من الشقاق والفراق والتفتت، فها نحن نرى ما يجري في شرق ليبيا من محاولات إنفصالية، حتى وإن رفعت راية الوحدة الفيدرالية أو الكونفدرالية، ولاحقاً سنرى قبائل الجنوب تحذو حذوها، ثم يبقى الغرب الليبي لنتفاجئ بين عشية وضحاها بظهور ثلاث دول عوضاً عن دولة واحدة مركزية، مع تبعات وإستحقاقات ذلك من إضطرابات وفوضى أمنية في الداخل، وتأثير على مقدرات الثروات النفطية الليبية بشكل خاص، وما ينتجه هذا التفكك من تدخلات غربية حكماً لا تصب في الصالح العام الليبي.
ولا يخفى على أحد أن هناك أطرافاً إقليمية ودول جوار لا يسرها وصول ليبيا إلى حالة من الأمن والاستقرار، وأن تمضي في طريق التنمية والإزدهار، ولهذا تعمل على إشاعة الفوضى في ربوع الشقيقة ليبيا، وهي تعلم جيداً أنه إذا وقعت ليبيا ضحية للعنف والفوضى فإن بقية حبات مسبحة العالم العربي حتما ستكر واحدة تلوه الأخرى. لذا يجب على الليبيين إيجاد حل سريع للتوتر المتصاعد في أنحاء المناطق الليبية لتفادي إنزلاق البلد نحو حرب أهلية من شأنها أن تؤدي إلى معاناة إنسانية واسعة النطاق.
وأخيراً يمكنني القول إن إستمرار الصراع هو المصير الوحيد الذي ينتظر ليبيا في المستقبل، وهذا الصراع يمكن أن يستمر نظرياً إلى أجل غير مسمى، وخير مثال على ذلك الصومال، وهي واحدة من بلدان جامعة الدول العربية، التي تعيش على هذا المنوال منذ أكثر من 20 عاماً، لا مخرج من هذا الوضع السيئ إلا بمصالحة وطنية حقيقية، لذا لا بد ان يجلس الليبيين على طاولة الحوار ويبحثون عن الحلول التي تجعل الجميع يشاركون في صنع القرار، ويجب على الساسة الجدد في ليبيا إفساح المجال لغيرهم بدلاً من إفتعال الأزمات في المنطقة.
اللهم احفظ بلادنا من المرتزقة والقتلة والعملاء للأجنبي الذين يتمسحون بالوطنية بينما هم يبيعون الوطن في سوق النخاسة بحفنة من المال.
Khaym1979@yahoo.com

الوسوم (Tags)

المسلحة   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz