دام برس:

 لسنا مضطرين للتأكيد دوما أن قرار الرئيس عباس وحركة فتح بالاستجابة للضغط الأميركي والذهاب للتفاوض مع حكومة الاستيطان والتهويد كان أحد أسوء القرارات السياسية في الفترة الأخيرة، وأنه كان قرارا مخالفا للإجماع الوطني والشعبي، ولكن لا بد وباستمرار من اعادة تذكير من قررادارة الظهر للتوافق الوطني أن دولة الاحتلال لن تمنح الرئيس وفتح وبالتالي الطرف الفلسطيني اي فرصة من خلال نهج التفاوض لتحقيق أي مكسب سياسي يسجل لها في ظل الظروف الراهنة..

حكومة نتنياهو التي لا تقف كثيرا أمام بيانات الرئاسة الفلسطينية وكبير مفاوضيها المنددة والمستنكرة والصارخة ضد نشاطها الاستيطاني، المتسارع بوتيرة تفوق ماكان قبل الرضوخ لأمريكا، نشاط لا حدود له وكأنه يعلن رسميا أن التفاوض هو"الغطاء الرسمي" لتنشيط الفعل الاستيطاني، ولم تعد المسألة تناقش في اطارالسرية أو اتفاق لترضية وزير وحزب شريك لنتنياهو، بل تحول لعمل "دؤوب" يتمالاعلان عنه بكل الوسائل الممكنة، ووجدت لها تأييدا أمريكيا نادرا عندما اعلن وزيرخارجية أمريكا عن بقاء أكثر من 85 % من المستوطنات ولن يلحق بها "اذى" ،تصريح  لم يجرؤ اي من ناطقي الرئاسة و"دائرة التفاوض" الضيقة أن تمر عليه ولومن باب اللوم أو العتب، لانهم لا يستيطعون استنكار أي كلام يصدر عن "الأسياد"..

ولأن الاستيطان لم يعد يشكل "عقبة" أمام الحديث التفاوضي، فقد حاول الطرف المفاوض أن يبيع "الوهم" بقيمة قراره المستنكر وطنيا بإسم صفقة الإفراج عن أسرىما قبل أوسلو، صفقة حاول اعلام الطرف المفاوض أن يجعل منها قيمة تعويضية لما أقدم عليه، متحديا كل قوى الشعب بها دون أن يحسب حسابا لأن مستور الصفقة لن يدوم طويلا، وكأنهم تغافلوا أن دولة الاحتلال لن تبقي مكسبها السياسي الكبير وماأنجزته عبر المصيدة الأميركية، وهاي هي تعلن أخيرا حقيقة الصفقة التي استخدمت كـ"قميص عثمان"..

رسميا أعلنت دولة الاحتلال الجدول الزمني لصفقة الإفراج وطريقة تنفيذها، افراج سيكون على مراحل 4 الأولى تم دفع ثمنها بـ 26 عشرين اسيرا يتم تحريرهم معبداية الجولة الجديدة، وبعدها تدخل الصفقة في "نفق الشروط" و"الاختبار"، فكل دفعة تكون مرتبطة بـ"التقدم التفاوضي"، ويمكن قراءة هذه العبارة بقبول دولةالاحتلال بنتيجة التفاوض، اي انها لن تفرج عن أي أسير ما لم ترض حكومة نتنياهو والقوى الاستيطانية عما تم التفاوض عليه، ولذا فلا افراج عن أي اسير الا برضا فريق الاستيطان اليهودي الشريك الأهم في الحكومة، ولا نعتقد أن اي فلسطيني لايعلم ما هو الموقف الذي يرضي هذا الفريق..

فلو حدث اتفاق توفاوضي سيكون عمليا منسجما مع رؤية ذلك الفريق الأكثر تطرفافي دولة الاحتلال، ولو لم تكن نتائج التفاوض كما يريد ستتوقف عملية الإفراج عنالأسرى، وبالتأكيد لا يمكن أن لا يكون الطرف الذي اختار ارضاء أمريكا علىحساب ارضاء الشعب، وذهب لخيار البيت الأبيض بدلا من خيار البيت الفلسطيني،يعلم بتلك المعادلة التي تم صياغتها قبل أن يرسل مندوبه الى واشنطن ليلتقي بمندوبة حكومة الإستيطان..

لنفترض حسن النية في أن دولة الإحتلال تمارس الخديعة والكذب فيما أعلنته، هل يصارحنا كبير المفاوضين الذي وصف لنا أن استمرار الاستيطان "خطر عظيم"، أنما اعلنته حكومة الاحتلال من جدول زمني شرطي هو كذب وعار من الصحة، وأنالرئيس عباس سيطلب من واشنطن توضيح الحقيقة كاملة، ولو كان غير ذلك فإنها ستتوقف عن الذهاب الى الدولة القادمة من التفاوض في داخل اسرائيل، وتقدماعتذارا للشعب الفلسطيني عن "الشرك الذي نصب لها" وأنها قررت أن تعودلحاضنة الاجماع الوطني، وتطلب السماح من أهل الأسرى الـ 26 الذين كان يفترض اطلاق سراحهم، لأن كرامة الشعب الفلسطيني لن تسمح بتمرير تلك الصفقة المخزية،وبالتأكيد أسرى الحرية وأسرهم سيقفون وبقوة الى جانب القرار الوطني..

أما الاستمرار في التفاوض بعد اعلان تلك الصفقة المخجلة، والاستمرار في النشاط التهويدي – الاستيطاني، فلن يكون سوى وصمة خزي سياسي لمن يصر عليه مديرا ظهره لقرار الاجماع