Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 17:53:35
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
من دفتر الوطن - لو كانت الكلمة مسدساً... بقلم: حسن .م.يوسف
دام برس : دام برس | من دفتر الوطن - لو كانت الكلمة مسدساً... بقلم: حسن .م.يوسف

دام برس:

«قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق». في هذا المثَل لا يضع أجدادنا الرزق كمعادل للحياة وحسب، بل يرون أن قتل المرء أهون من قطع رزقه. والحق أن المواطن السوري العادي، الذي لم يقامر في السياسة ولم يتاجر بموقفه ولم يهاجر، تعرض خلال المأزق الوطني الذي يمر به وطننا لمحنة مركبة طالت حياته ورزقه في آن معاً.


لست أريد أن أقف هنا عند من يسرقون حياة السوريين بقوة السلاح، فأنتم تعرفونهم خيراً مني، ولا فائدة ترجى من الحديث معهم أو عنهم، فهم يرتدون دروعاً مضادة للكلمات، إلا أنني أود أن أتحدث عن أغنياء الحرب الذين استغلوا الفرصة التي أتاحتها لهم الأزمة فاحتكروا الأغذية والملابس والأدوية، ثم رفعوا أسعارها وراحوا يكوون الناس بنارها، فتضاعف رأسمالهم من خلال إضعافهم لوطنهم ولمواطنيهم! والمؤسف أن ظاهرة أغنياء الحرب هذه، ترافقت مع ظاهرة الأبطال الزائفين الذين يسرقون الضوء من الأبطال الحقيقيين، وبين هؤلاء بعض المحللين الذين لا يحرّمون شيئاً ولا يلتزمون قيماً. وأسوأ هؤلاء هم الدخلاء على الثقافة والسياسة من تجار الكلام الذين يستغلون ظروف أوطانهم المأساوية للرقص على أوتار الحزازات بين القوى الإقليمية والعالمية لزيادة مرابحهم المالية!
في روايتها «أنا أحيا» تقول ليلى بعلبكي: «... واشتعلت الأرض بنيران الحرب العالمية الثانية، فإذا الحياة تتبدل وتنطلق بسرعة جنونية، وإذا نحن أثرياء: نحن أغنياء حرب. هل هو الحظ، أو الصداقة، أو تدبير من الله. أو... أو... يقظة والداي، هي التي رفعتنا إلى مرتبة وجهاء المدينة؟ إنهم يطلقون على أسرتنا تعبير «من كرام وجوه البلد». بضعة أكياس خيش من القمح كان يطرحها والدي في الزاوية قبل الحرب، منحتنا أسهماً عديدة في أكثر الشركات، وأبدلت البيت القديم بشارع تربض على جانبيه بنايات فخمة، وهي ملك لنا.
كان كيلو الطحين بقروش قليلة، قبل الحرب. وإذا كيلو الطحين الصافي بأكثر من ليرة بعد الحرب، فإذا نحن بومضة عين، كما يحدث في الأساطير، أثرياء.
بكل وقاحة يتباهى والدي بجهاده في جمع الثروة، وبصداقته للفرنسيين في عهد الانتداب، كأن هذه النعمة التي يضيع فيها، ليست من حرمان ألوف الأسر التي أطعمها الفرنسيون طحين الترمس والشعير والذرة البيضاء على شكل إعاشات».
بهذه الأسطر المعبرة توضح لنا ليلى البعلبكي كيف ينبت أغنياء الحروب في المجتمعات كالفطر عقب ليلة عاصفة. يقول المثل إن «الثروة تأتي كالسلحفاة وتذهب كالغزال». لكن هذا المثل ينطبق على الثروة الطبيعة، أما ثروة أغنياء الحروب السرطانية فهي تأتي كالغزال، والله وحده يعلم كيف تذهب وإلى أين!
لقد قام تجارنا الأشاوس خلال الأشهر الماضية بالاستثمار في الأزمة بكل شطارة وضراوة فصح فيهم قول أبو الطيب المتنبي:
«بِذا قَضَتِ الأيام ما بَينَ أَهلِها مَصائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوائِدُ»
نعم، لقد قام تجار سورية بقلب الدنيا فوق رؤوس من لم يهاجروا ولم يتاجروا من إخوتهم المواطنين، خاصة المساكين من العمال المياومين، وأصحاب الحرف والصناعات الصغيرة التي توقفت، وذوي الدخل المحدود الذين نزلت قوة رواتبهم الشرائية إلى أقل من الربع علماً أنها لم تكن تكفيهم حتى قبل أن يمسخها التضخم!
أجدادنا كانوا يقولون: «لا تجارة كالعمل الصالح» وقد شط تجارنا كثيراً وبالغوا في شططهم واستغلالهم حتى لأكاد أقول: « لا عمل صالح في التجارة»!
أنا شخصياً لست من أنصار العنف، بكل أنواعه، فعندما ذبحت ديكاً ذات يوم في صدر شبابي راعني ملمس الدم على يدي لدرجة أنني لم أكرر التجربة أبداً. صحيح أن كتاباتي، المقروءة منها والمرئية، قد تنطوي على شيء من العنف، لكنني في المآل الأخير أهدف من خلال ذلك لإبلاغ القارئ أو المشاهد رسالة مضادة للعنف.
تعلمون أنني عشت حياتي خادماً للكلمة، لذا يطربني أي قول أو فعل يبرز أهمية (سيدتي) لكنني، رغم ذلك، لم أرتح يوماً لقول الفيلسوف والأديب الفرنسي جان بول سارتر: «الكلمات مسدسات محشوة». فأنا أؤمن أن الواجب الأسمى للكلمة هو أن تنير الحياة وأن تدافع عنها،
لكن يبدو أن الظروف غيرتني إذ بت أتمنى لو كانت الكلمات مسدسات محشوة كي أطلقها على من يسرقون اللقمة من أفواه الجياع!
 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   يا رب
الله يخلص سوريا من هالأزمة و ترجع بلدنا للأمن والأمان والسلام يارب
وعد رياحي  
  0000-00-00 00:00:00   العنف
عندما نرغب بالتخلص ممن يزيدون في معاناة الشعب السوري تجار الأزمة لا نكون من أنصار العنف بل من أنصار استمرارية الحياة لأن ما يفعله التجار سيقضي على حياة السوريين
جعفر حسن  
  0000-00-00 00:00:00   التجار في بلدنا فوق القانون
التجار في بلدنا فوق القانون وهذا يتأكد لنا يوم بعد يوم
ريتا صقر  
  0000-00-00 00:00:00   مستمرين في المطالبة بالمحاسبة
سنبقى نطالب بمحاسبة التجار الارهابيين محاسبة علنية أمام الشعب السوري حتى يتم الاستجابه لطلبنا
حسناء مصطفى  
  0000-00-00 00:00:00   التجار ارهابيين
التجار ارهابيين مثلهم مثل من يحمل السلاح الاثنين يقتلون المواطن السوري بأساليب مختلفه
سمر الخطيب  
  0000-00-00 00:00:00   ؟؟؟
كان يدعي التجار انو الدولار غالي لهيك السلع عم يرتفع سعرها...طيب الدولار نزل ليش أسعار السلع ما نزلت
وجد الخولي  
  0000-00-00 00:00:00   أمنية الجميع
كلنا نتمنى أن تكون الكلمات مسدسات في وجه كل من يتآمر على المواطن السوري
عدي سمعان  
  0000-00-00 00:00:00   ضجرنا من الشكوى
الشعب السوري ضجر من الشكوى اللي ما منها فائدة وضجر من المطالبة بالمحاسبة لأن ما حدا عم يسمع
سوري  
  0000-00-00 00:00:00   التجار السوريين
هذا ما اتبعه التجار السوريين مصائب قوم عند قوم فوائد
فهد الحمصي  
  0000-00-00 00:00:00   لا يوجد أحد مع العنف
لا يوجد أحد مع العنف أو يريد عنفا في البلاد لكن سوريا في حالة حرب ضد كل دول العالم وضد عملاء الداخل وبالتأكيد لن نقف متفرجين على ما يجري في بلدنا!!!
لين الأشقر  
  0000-00-00 00:00:00   لو
لو كانت شكوى المواطنين رصاصات تأتي في قلب كل من تسول له نفسه محاربة المواطن السوري بلقمة عشه من تجار الأزمة
ليلى عمران  
  0000-00-00 00:00:00   أين المحاسبة
لو تم محاسبة واحد من هؤلاء التجار أعداء الشعب السوري لكان البقية تراجع عن هذه الحرب التي يخوضها ضد أبناء بلده
مجدولين الناصر  
  0000-00-00 00:00:00   ماوراء السطور
في سياق جميل وضعتهم في سياق (اقصد تجار الازمة والفاسدين الذين كانوا قبلا كذلك وتابعوا فسادهم بطريقة أكثر وقاحة) وضعتهم بكلام جميل في سياقات تاريخية أزالت عنهم كثير من بشاعة اللحظة...ياسيدي لم يبنى وطن واحد على الاخلاق والمسالمة...بلد في حالة حرب فإن لم تكن كلماتك محشوة كمسدس فتخلى عنها واعتمد تلك التي تقول الاشياء كماهي بشاعة...هؤلاء لصوص وبعضهم خونة والسلطات التي تسكت عنهم وعن الفاسدين بين جنباتها حامية للصوص ... لم تذبح ديكا ولكن يذبحوننا كديوك كل يوم...
حسن2  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz