دام برس:

يدهش المراقب المتابع للمواقف الحكومية الأردنية وللإعلام الأردني ولبعض الكتّاب والصحفيين الأردنيين بسبب ما يلمسه من تناقض صارخ وغير مفهوم وغير مبرّر حيال موقفهم من الإسلام السياسي في مختلف الأقطار العربية ( في مصر وسورية كمثال ) .
ففي الوقت الذي رأينا فيه وزير خارجيتنا العابر للحكومات ( ناصر جودة ) يحاول جهده لاختلاق مشكلة مع سعادة السفير السوري في الأردن على خلفية بعض كتابات السفير على صفحته الخاصة في موقع التواصل الإجتماعي ( الفيس بوك ) ، رأينا نفس الوزير يزور القاهرة ويجتمع مع الرئيس المصريّ المؤقت عدلي منصور ، معربا عن أمنياته القلبية لمصر وشعبها تجاوز الظروف الصعبة التي تمرّ بها ... والتي تسبب بها الإسلام السياسي نفسه .

لسنا ضد الزيارة من حيث المبدأ ، ومن الواضح تماما أنها تأتي في سياق الموقف الرسمي الأردني المتبلور حديثا من ( خطورة ) الإسلام السياسي على كل دول الإقليم وشعوبه ، إذا ما قيّض للإخوان المسلمين أو غيرهم من الإسلامويين الوصول الى سدّة الحكم .
ونشر في الإعلام أن الوزير جودة بحث مع نبيل العربي / الأمين العام للجامعة العربية تطورات الأوضاع في سوريا وضرورة وقف العنف من خلال حل سياسي يعيد الأمن والاستقرار الى سوريا ويلبي الطموحات المشروعة للشعب السوري ويحافظ على وحدة النسيج الوطني السوري. وعبر الجانبان عن قلقهما من ازدياد العنف الطائفي ومخاطر تفكك النسيج المجتمعي السوري وأثره على مستقبل سوريا وامن المنطقة...
والسؤال هنا ... ما الذي يمنع الأردن من أن يكون موقفه الرسمي واضحا وشفافا ومعلنا مما يجري في سورية الشقيقة على يد مختطفي الإسلام ( من جبهة النصرة الى الإخوان المسلمين ) كما هو واضح في موقفه مما يجري في مصر ؟
والسؤال نفسه نوجهه الى بعض الصحفيين والإعلاميين الأردنيين ...

هم يدينون الإخوان المسلمين في مصر ويدينون تجربتهم في الحكم ( وأنا أيضا أدينها وأحذّر من تكرارها في أيّ بلد عربيّ ) ، بينما نراهم لا يدينون كل هذا الدمار الماثل للعيان والذي ما زال ( الإسلامويون ) قومون به في طول سورية وعرضها ...
فعندما يكون الحديث عن سورية ، نجدهم ( في أحسن الحالات ) يدينون ( العنف ) ... هكذا بالمطلق ، ودون أن تكون لديهم الشجاعة أو الرغبة في الإشارة الى المتسبب في هذا العنف ...
هذا النوع من الممارسة السياسية لا يخدم الأردن ولا الشعب الأردنيّ ولا المصالح العليا للدولة الأردنية .
لقد آن لحكومتنا وصحافتنا ومفكرينا وسياسيينا أن يدركوا أن خطر الإسلام السياسي سيظل قائما ويهدد الأردن وأمنه القومي والسلم الأهلي فيه ...
إن سكوتنا على ما يقوم به الإسلام السياسي الرجعي في جوهره والظلامي التدميري في ممارساته ، يعتبر ( تواطؤا ) معه ، وهو سكوت غير مبرر على الإطلاق ، خصوصا بعد انفضاح مخططاته وأجنداته وارتباطاته خلال عام من استلامه الحكم في مصر ...
المطلوب الآن وفورا ودون تأخير ... مراجعة الموقف الأردني مما يجري في الشقيقة سورية ، والإعلان بكل شجاعة ومسؤولية عن انحياز ( الدولة الأردنية ) الى جانب ( الدولة السورية ) في حربها ضد القوى الظلامية التي تهدد الأردن بنفس القدر الذي تهدد به سورية ... هل وصلت الرسالة ؟