Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 12:43:53
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الكماشة مجدداً .. بقلم: عفيف دلا
دام برس : دام برس | الكماشة مجدداً .. بقلم: عفيف دلا

دام برس:

كما الحجارة تتدحرج من قمم الجبال فتتناثر وتبقى الجبال شامخة، وكما الأوراق الصفر تتساقط عن الأشجار إذ هي لا تليق بها، وكما حروف الزيادة في العبارة تكون عبئاً على سبكها ومتنها فيأتي اللغوي الحاذق فيشذبها ويحذفها ويشكل العبارة من جديد على مبدأ خير الكلام ما قل ودل .. ذاك ما فعله الفريق السيسي بالمدعو محمد مرسي فدحرجه من قمة مصر إذ هو عار عليها وأسقطه عن شجرة الدر إذ هو لا يليق بها وشذب تاريخ مصر بحذفه من متنه إذ هو زائد على معناه وعلة في صرفه وعبء على مبناه ولا محل له من الإعراب .. 
فلغة مرسي لم تكن لغة شوقي والبارودي وإبراهيم ولم تكن من قاموس ضيف وحسين فهي لم تكن عربية يوماً بل كانت غربية القاموس عبرية المعنى ولذلك كانت غريبة الوقع على آذان شعب ألف مفردات عبد الناصر العربية المرفوعة بالكرامة المنصوبة على الشموخ ..
باطل قالها أهلنا في مصر .. ومشت الجموع تلو الجموع مشية حساب تجاه من أراد إلباس أبو الهول برقعاً وإسدال الستار على أهرامات الجيزة وأراد تجفيف النيل العظيم وردم خندق النضال مع الشقيقة سورية وتغيير اتجاه البندقية من تل أبيب إلى دمشق ..
باطل قالها المصريون .. فاستجاب جيشهم المغوار المولود من رحم شعبه المنتمي لحارات مصر العتيقة المرتدي لعباءة شمس صعيدها السمراء فتحدث ليس فقط باسم الملايين المحتشدين في ميادين مصر بل أيضا باسم تاريخ مصر وحضارة مصر وفراعنة مصر وقادة مصر وشهدائها ..
فعزل مرسي بعد مهلة الساعات الثمان والأربعين أنقذت البلاد من منزلق خطير كان سيؤدي بها إلى هاوية لا قيامة بعدها فمصر التي كانت مرتكز المشروع القومي كان يراد لها أن تكون مرتكز المشروع الإخواني الصهيوني في المنطقة الأمر الذي سيقتضي بالضرورة تفتيت البنية السياسية والعسكرية والاجتماعية المصرية ورهن اقتصادها بالمطلق لدول البترو دولار الخليجية وكلاء الصهيونية العالمية في المنطقة فأي سيناريو كان ليكون أكثر ظلامية من هذا السيناريو الذي كان من الطبيعي ألا يتوقف الجيش المصري ولا الشعب المصري متفرجين على تحققه يوماً بعد يوم ..
فليسموه ما شاؤوا انقلاباً عسكرياً .. انتهاكاً للشرعية وأياً تكن مواقف الدول في المحيط الإقليمي أو الدولي مما جرى في مصر فالمهم أن تبقى مصر مصرنا التي نعرف وتبقى قاهرتها قاهرتنا نحن انتماءاً وقاهرة إسرائيل فعلاً فكان من الطبيعي أن يكون موقف كل من تونس وتركيا رافضاً لرحيل مرسي الذي يعبر عن مشروعهم ذاته والذي كان يشكل ركيزة من ركائز تحقيقه في المنطقة ، فلماذا على سبيل المثال لم يعبؤوا بالملايين التي خرجت رفضاً لمرسي ليقولوا عنهم أنهم طلاب حرية كما وصفوا الرعاع في سورية ؟؟ ولماذا يعتبرون عزل مرسي انقلاباً على الشرعية في الوقت الذي كانوا يعلون الصوت بطلب التنحي من الرئيس الأسد بوقاحة سافرة على خلفية مظاهرات مزعومة في إعلامهم ؟؟؟
إذا هو المشروع نفسه ذاك الذي تواجهه سورية والتي انتصرت عليه بفضل صمود شعبها وبطولة جيشها وحكمة قائدها والتي مهدت الطريق لشعوب المنطقة لإدراك ما جرى حقاً في بلدانها ومعرفة انه محض مؤامرة صهيونية أمريكية بأموال خليجية الأمر الذي أدى إلى إعادة تكوين الموقف الشعبي الجمعي العربي والانطلاق في عملية تصحيح ولو متأخرة لكن لا بد منها قبل أن يسبق السيف العذل ..
هي كلفة باهظة جداً تلك التي دفعتها سورية لأجل الشعوب العربية ولجل الكرامة العربية ولأجل أن تبقى للعرب أو ما تبقى منهم قضية يمسكون بها حقاً ويناضلون من اجلها وينتصرون على أعدائهم بفضلها ويحجزون بذلك موقعاً لهم في متن التاريخ لا على هامشه .
وعلى الرغم من خطورة وحساسية الواقع  في الساحة المصرية وما جهزه الإخوان من أدوات قتل وإرهاب تحدث عنها مرسي في خطابه الذي كرر فيه كلمة الشرعية أكثر من سبعين مرة وتحداها بذات الوقت عندما أنكر مطالب الشعب صاحب الشرعية الأول والأخير عندما تحدث عن التمسك بشرعيته الزائفة ولو دفع ثمنها دماً ، وعلى الرغم من أن الفوضى التي تطل برأسها اليوم في مصر تفيد الولايات المتحدة إذ إنها تؤسس لمرحلة صراع طويلة ربما سياسياً واجتماعياً وما يرتبط بذلك من انهيار محتمل للبنية الاقتصادية بالكامل وهذا ما يكشف حقيقة الدور المنوط بالإخوان المسلمين ولماذا تم اختيارهم لتركيبهم في السلطة في كل دول الربيع العربي المزعوم ، فهم الأقدر على تهيئة البيئة الملائمة لصراعات مذهبية وطائفية وسياسية لا أحد يعلم أين ومتى تتوقف، فهم فعلاً يتقنون هذا الدور أكثر مما يتقنون العمل السياسي بكثير فهم عصابة لا مؤسسة وجماعة لا حزب ، تجار دين ودم ومنافقون يتسترون خلف مفردات الدين ليتحصنوا بها ثم ليطعنوا الدين ذاته وكل ما يرتبط به خدمة لأعدائه .
على أي حال لا ينفصل المشهد القطري وإزاحة الحمدين من واجهته عما يجري في تركيا وما جرى في مصر وبالتالي نحن أمام خارطة سياسية وربما جغرافية جديدة بإرادة أمريكية على تغيير منظوماتها الحليفة في المنطقة واستبدال أوراقها القديمة بأخرى جديدة تنسجم وطبيعة متطلبات المرحلة القادمة فلا رهان على حصان خاسر؛ وفي حاصل المشهد هي الفوضى التي أرادتها الولايات المتحدة حتى في البلدان التي ظن حكامها أنهم حلفاء وما عرفوا أنهم مجرد أدوات رخيصة في المشروع الصهيو أمريكي فالمخطط الأمريكي يقتضي أن يتم إشعال الفوضى في كل دول المنطقة بشكل يتم معه تطويق منظومة المقاومة وخنق عمقها الإستراتيجي وتعميم الاضطراب في محيطها الإقليمي فضلاً عما خسرته هي نتيجة الحرب المفروضة على سورية على مدى أكثر من عامين ونيف وبالتالي تكون إسرائيل قد حققت فعلا ما حملت به من تمييع للمحيط الإقليمي وإشعال الفوضى داخله وإدارة حروب أهلية وطائفية ودينية فيه تتفتت معها جغرافيتها وتتشظى وتتلاشى عوامل قوته تدريجياً إلى حد تصبح فيه إسرائيل فعلاً القوة الإقليمية الكبرى في المنطقة ..
ورغم كل ذلك لا زلت أرى خسارة المشروع الصهيوني في المنطقة حقيقة حية طالما أن الشعوب لدينا فيها من الحياة ما يجعلها قادرة على التغيير ولو متأخرة وما دامت سورية في خندق المقاومة شعباً وجيشاً وقائداً محاولة أن توظف انتصارها في تحقيق أكبر قيمة مضافة لحساب مشروعها المقاوم وليس لحساب تسوية تخرج فيها بنصف انتصار من خلال إنهاء الصراع فيها فقط؛ فسورية القائد بشار الأسد اليوم تدرك أنها تخوض معركة الأمة بكاملها أكثر من أي وقت مضى لأن تداعيات حربها ستكون على مستوى الأمة بكاملها سلباً أو إيجاباً وإما أن نكون أو لا نكون .. وثمن الانتصار على هذا المشروع دفع في سورية دماء وأرواحاً وسيدفع في كل الساحات العربية في سبيل الانتصار على المشروع الإخواني وتوأمه الوهابي في المنطقة والذي لن يتحقق إلا بالقضاء على مصدره وقطع رأس الأفعى المتمثلة بآل سعود الوهابيين في بلاد نجد والحجاز.
هي أيام عصيبة حقاً تمر بها الأمة لكن وعلى الرغم من كل الآلام والأوجاع نستعيد اليوم مشهد الكماشة السوري المصري الذي سيعيد أمجاد العروبة عندما يعود التوأمان لخندقهما كطرفي كماشة مجددا على عنق إسرائيل ويسطران معاً ملحمتهما التاريخية.
 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   سورية هي القبطان
لطالما كانت سورية هي القباطان الذي يدير دفة المقاومة في الأمة العربية ولا خوف على سورية فبعد ان واجهت ماوجهت في ازمتها الأن هي في بر الامان تسير بقوة نحو انتصاراتها القادمة
عماد الدين  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz