Warning: session_start(): open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_qtq3ukvjcmbtuln93rjri9rsv5, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: session_start(): Cannot send session cache limiter - headers already sent (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 93
عندما صلب المسيح على خشب التوت الدمشقي .. بقلم: اياد ابراهيم

Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 12:43:53
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
عندما صلب المسيح على خشب التوت الدمشقي .. بقلم: اياد ابراهيم
دام برس : دام برس | عندما صلب المسيح على خشب التوت الدمشقي .. بقلم: اياد ابراهيم

دام برس:
من لا يقرأ التاريخ لا يفهم الحاضر..
جاء في قاموس الجغرافيا القديمة والحديثة المطبوع في باريس عام 1854 حول مدينة دمشق أنها المدينة الأكثر أهمية صناعياً في الشرق كله، فقد أصبح الحرير الذي أعطته اسمها مطلباً للغرب يقطع البحار بحثاً عنه، كذلك الأسلحة الفولاذية ذات النصال القاطعة، وماء الزهر وغيرها من الصناعات والمنتجات.
في كتابٍ أخر ورد أن صيدا التي لا تبعد كثيراً عن دمشق باتت المدينة الأولى في مكانتها الاقتصادية في الشرق بعد أن شكلت جسراً لمنتجات دمشق الجميلة والثمينة من أقطان وأقمشة حريرية وأجواخ إلى مصر وأروبا، (آنذاك لم يكن المحنكان سايكس وبيكو قد بلغا سن الرشد بعد)، بالتالي كان لبنان لايزال امتداداً حيوياً وشرفة بحرية مهمة لدمشق)، خلال الفترة ما بين 1845 و1869 تعرضت المنطقة من صيدا إلى حي "القيمرية" في دمشق لأحداث مفجعة ذهب ضحيتها نحو عشرة آلاف مسيحي، وصفت بأنها أحداث طائفية.
الفترة ذاتها شهدت حدثاً اقتصادياً كارثياً تسببت به دودة الحرير عندما أصيبت بمرض طال عائلتها من الصين إلى باريس، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار الحرير.
استفادت دمشق من هذا الحدث بشكل طبيعي، حيث غدت أكبر مركز صناعي لإنتاج الحرير والاتجار به في العالم، دفع ذلك إلى نهضة صناعية واكبت آخر التطورات التقنية الصناعية أي نظام الجاكار الميكانيكي، ما أدى إلى ازدهار تجاري واقتصادي كبير وتوسع للأسواق وأصبحت الأقمشة الحريرية الدمشقية  تصدر إلى القدس ومصر ودول كثيرة مثل تركيا وايران وحتى أوروبا نفسها، ساعد على ذلك مرفأ صيدا القريب من دمشق.
وربما كان من غير المعروف للكثيرين اليوم أن صناعة الحرير الدمشقي كانت غالباً بأيدٍ مسيحية دمشقية، وأن ورشاتها الأساسية تمركزت في الحي المسيحي، وكانت هذه الورشات والمعامل تكفي لاستيعاب كامل انتاج الحرير في لبنان وسورية وتميزت بنوعية ممتازة وبأسعار معتدلة بشهادة رحالة من القرنين الثامن والتاسع عشر مثل لامارتين الذي كان واحداً ممن عبروا بوضوح عن دهشتهم لتنوع ورخص المنسوجات الحريرية وجودتها في أسواق دمشق.
باتت صناعة الحرير في دمشق تشكل خطراً حقيقياً على صناعة الغرب واقتصاده، ولو قدر أن تستمر الأحوال على هذا المنوال، ولو أن سوريا بمحيطها العثماني آنذاك أدركت مركزها القوي في ظل الحاجة الغربية للحرير لتمكنت من السيطرة على الأسواق الأوربية والعالمية لسنوات طوال لكن الدولة العثمانية كانت (الرجل المريض) الذي تسيطر عليه السفارات والقناصل الأوربية.
من هذا الواقع التاريخي الخطير جاء التخطيط الغربي لحوادث 1860 في لبنان ودمشق، حيث رصدت الميزانيات الضخمة وجرى إعداد سيناريو المذابح وتحديد أماكنها ومن ينفذها " من الغوغائيين وضعاف النفوس والمتآمرين" والبدء ببث الشائعات الدينية وتأجيج النعرات، مما أدى إلى هجرة الطبقة البرجوازية الصناعية في دمشق وحرفييها الذين كانوا في غالبيتهم من العائلات المسيحية، للأسف إن معظم المؤرخين لم يدركوا أن الهدف من وراء تلك الحوادث كان تأمين الحصول على الحرير، واستهداف الصناعة السورية، وتقويض النهوض الحضاري لها والقضاء عليه، بدليل ما طلبته الحملة العسكرية الفرنسية عام 1860 من البطريرك الماروني ذلك الوقت للمساعدة في نقل بعض الفلاحين  للإقامة في بلاد الجزائر والعمل في زراعة وانتاج الحرير، واستغلال التجاور الجغرافي لخفض كلفة الانتاج والنقل لمنافسة دمشق وبخبرات سرقت من بين جدران بيوتها العريقة.
إلا أن الرفض كان قاطعاً، على الرغم من توقع خطورة ردة الفعل التي وصلت حد أحراق منازل المسيحيين وأحيائهم وورشهم، ومن ثم تجميعهم في قلعة دمشق وترحيلهم في قوافل إلى بيروت فمصر ثم إلى فرنسا، كل قافلة ضمت أكثر من ثلاثة آلاف شخص أبحروا محملين بذكريات أليمة بقيت في وجدانهم عن أحداث استهدفتهم لم يعرفوا من كان ورائها.
الخوف من تكرار تلك الأحداث حال دون عودتهم، فنجح الفرنسيون في القضاء على بذور المنافس الحقيقي للاقتصاد الغربي، الأمر الذي أفضى بطبيعة الحال إلى استحواذ فرنسا على المادة الأولية للنهضة الصناعية السورية (الحرير)، وفتحت أبواب الأسواق السورية على مصراعيها أمام المنتجات الأجنبية بعد أن أتت الأحداث على كبار تجار الحرير في لبنان ودمشق مثل بشار صوصة و"آل المسابكي".
الارتباط الاقتصادي الذي نتج عن تلك الحوادث مهّد لاحتلال سياسي عسكري لسوريا ولبنان تحت عناوين " الانتداب" أو " الحماية " بحجة عدم قدرة هذه البلاد على مواكبة التمدن والتقدم الحضاري والصناعي وبالتالي الحؤول دون أي أمل لعودة الترابط الاقتصادي والصناعي بين لبنان ودمشق وحوض البحر الأبيض المتوسط، وقام الانتداب الفرنس بعزل جزئي لهم من الجغرافيا السورية تحت مسمى لبنان الكبير عام 1920 وتنصيبه حاجزا جغرافيا سياسيا اقتصاديا لخنق دمشق وقطع صلتهم بالمنافذ التجارية في صيدا أو بيروت أو طرابلس.
من سخرية التاريخ أن وزارة النفط في عراق القرن العشرين كانت تكرارا لحالة بنائين لاستخراج خيوط الحرير في قرية حمانا اللبنانية آنذاك، لفتا نظر الباحث "فرانسوا لونورمان" كيف بقيا صامدين فيما دمر كل ما حولهما، وعندما سأل لونورمان الجنود عن سبب نجاة هذين البنائين من الدمار، كان الجواب " جاءتنا الأوامر بألا نتعرض لهما"..
الأمر ذاته كان سيتكرر في مبان كثيرة لو أن سوريا هزمت اليوم، بل ربما تكرر بطريقة مبتكرة، فالمصانع والمنشآت التي كانت ستعفى من التدمير سرقت ونهبت محتوياتها، ولو نظرنا بإمعان إلى خارطة الدمار التي تعرضت لها سوريا منذ بدء الحرب، لوجدنا أنه ثمة خارطة رسمت بدقة قبل أن تقطع بطريقة " البازل/ puzzl " وتوزع على " مستثمري التخريب " ، شملت قطاعات بعينها نضجت وتعاظمت خلال السنوات الأخيرة، في مقدمتها الصناعات الدوائية التي انتجت في سوريا 95% من الأنواع الدوائية العالمية، ووجدت لها سوقاً في 75 دولة حول العالم، كذلك صناعة النسيج التي خطت خطىً واسعة وحققت أرباحاً أكثر عندما خفض القائمون عليها كمية المادة الخام المصدرة، وعملوا على استثمار الجزء الأكبر في انتاج الخيوط والأقمشة.
اضافة إلى صناعة الاسمنت التي وإن كانت لاتزال في بدايتها إلا انها شكلت هاجساً مخيفاً كمنافس لصناعة الاسمنت في تركيا لاسيما في هذا التموضع الجغرافي لسوريا في " حلق " الفضاء الاقليمي، ناهيك عن التخريب الذي شمل منتجات اخرى كالنفط والقمح والثروة الحيوانية.
بين 1860 و2011 تطابق إلى حد الاستغباء، فعراب الدم واحد، والهدف واحد، والتابوت لايزال محتفظاً  برائحة دم من ذات المكان، ليبقى الفرق محصوراً بين خطوط العرض والطول في جغرافية منطقة يرى البعض أنها لاتزال خصبة للاختزال، وديموغرافية يصرّ الغرب على توزيعها في خنادق متقابلة متصارعة بصورة بهيمية تعمي البصيرة عن حقيقة الصراع.

اياد ابراهيم

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   و يبقى الوطن
مقال رائع و موثق بالأسماء و التواريخ الصحيحة . كان أهل دمشق و سيبقوا رمزا\" للعيش المشترك والمحبة و الاحترام . لخفافيش الشر و الظلام أقول : لن تستطيعوا تدمير حضارة عمرها ألاف السنين لأننا سنبقى صامدين فخورين بقوميتنا و حضارتنا و انسانيتنا ولا بد للحق أن ينتصر و يبقى الوطن.
نور حسن  
  0000-00-00 00:00:00   سنبقى ممانعين
مهما حاولوا كسرنا من الداخل سنبقى صامدين ممانعين ونحن نعرف بأن عدونا بالداخل أخطر من عدونا في الخارج ولكننا سنبقى مثل الخنجر في أعناقهم لن ينالوا من كرامتنا وعزتنا .
هيبة سعيد  
  0000-00-00 00:00:00   الهدف واحد
عراب الدم واحد والهدف من كل هذا هو إضعاف لبنان وسوريا وإضعاف المقاومة الشريفة التي صمدت رغم كل التحديات .
جلنار محمد  
  0000-00-00 00:00:00   المعارضين اللبنانيين
لا أحد ينكر بأن مايحدث في لبنان يؤسفنا ولكن بعض المعارضين اللبنانيين ساهموا بإيصال الأسلحة إلى سوريا ولكن العلاقات لاتزال قائمة .
داني حداد  
  0000-00-00 00:00:00   تجار الأزمة
للأسف الشديد التاريخ يعيد نفسه وتجار لأزمة موجودين للأستغلال في هذه الظروف الصعبة ولكننا نقول لهم ياويلكم من عذاب الله .
يزن علي  
  0000-00-00 00:00:00   أنا هو خبز الحياة
يقول السيد المسيح فى الكتاب المقدس للجياع ( انا هو خبز الحياة ) للعميان (انا هو نور العالم ) للهالكين ( انا هو الباب ) للمفقودين ( انا هو الراعي الصالح ) للتائهين ( انا هو الطريق ) للموتي ( انا هو القيامة والحياة ) لغير المثمرين ( انا الكرمة الحقيقية ) لنا جميعا (وها انا معكم كل الايام والي انقضاء الدهر
جرجس محمد علي  
  0000-00-00 00:00:00   مقال محترم
مقالك اخي الكريم محط احترام لما فيه من حرفية ومصداقية صحيحة , والآن ياتي الدور على مهنة الصاغة والذهب ولا أدري في المستقبل غذا ما اوجدوا بدائل لرهبان ورجال الدين المسيحي ايضا . لا حضارة في الشرق بلا مسيحيي الشرق وفهم الأخوة كفاية.
SAMI EMIL  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz

Warning: Unknown: open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_qtq3ukvjcmbtuln93rjri9rsv5, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in Unknown on line 0

Warning: Unknown: Failed to write session data (files). Please verify that the current setting of session.save_path is correct (/var/cpanel/php/sessions/ea-php56) in Unknown on line 0