دام برس:

في ندوة عقدت في اللاذقية في جامعة تشرين تحت عنوان التحديات الواقعية لاتفاقية الشراكة السورية الاوربية دعي اليها طلاب المعهد الوطني للادارة العامة مركز جامعة تشرين وكان لنا شرف الحضور للاستفادة من هذه الندوة وغيرها وقد سجلنا بعض الملاحظات والاستنتاجات التي نراها مفيدة جدا فلا بد من توسيع دائرة العارفين بها حيث قدم عبد الله الدردري تحليلا عميقا لهذه الاتفاقية وقال :

ان سورية ستوقع الاتفاقية عاجلا ام اجلا رغم ان الظروف السياسية الاقليمية والدولية المحيطة بنا لا تعطي مؤشرات ايجابية باننا سنوقع الاتفاقية بين ليلة وضحاها لكن في كل الاحوال لا عودة عن النص الموقع بالاحرف الاولى ولا مجال لاعادة التفاوض حول النص الموقع في بروكسل علما ان السيد الرئيس بشار الاسد وجه السوريين المعنيين وقال لهم باننا نريد هذه الاتفاقية ولكن ليس على حساب مصالحنا

ولقد اكد السيد نائب رئيس الحكومة ان هناك مصلحة بين سورية والاتحاد الاوربي لتوقيع الاتفاقية وتنفيذها فنحن لا نعيش اليوم عالم توازن القوى وحسب بل عالم توازن المصالح لانه لا مجال للمقارنة بيننا وبين اوربة في مجال القوى وبالتالي ليس لنا فرصة

اما في مجال توازن المصالح فنجد ان هناك توازنا كبيرا اذ تشكل التجارة مع الاتحاد الاوربي اكثر من 50 % من اجمالي تجارة سورية وتشكل التكنولوجيا الاوربية معظم القاعدة الصناعية والتقنية المتوفرة اليوم في سورية

وقد اعتبر الاستاذ عبدالله الدردري ان توقيع الاتفاقية هو في مصلحة سورية وان ما يمكن ان يحصل لنا من الاندماج في الاقتصاد العا لمي هو اقل بكثير من خطورة الانعزال عنه رغم كل سلبيات عولمة التجارة واثارها السلبية المحتملة والقائمة والمحققة 0

الاصلاحات ضرورية للشراكة ولغير الشراكة

لعل النقطة الهامة جدا التي طرحها الاستاذ الدردري هي ضرورة انجاز الاصلاحات التي تتطلبها الشراكة سواء وقعنا الاتفاقية ام لم نوقع وهذه الاصلاحات متعددة ومتشابكة واهمها اصلاح القوانين والانظمة والسياسات والمؤسسات والهياكل والنظم والكوادر البشرية واننا نربح عندما ننجز الاصلاحات لان فيها مصلحتنا وهي متطلبات الانضمام الي الشراكة والى منظمة التجارة العالمية والتجارة العربية الكبرى

واكد السيد الدردري ان الاصلاحات الحكومية مرتبطة بالخطة الخمسية العاشرة المتوقع اقرارها بداية شهر تشرين القادم علما ان هناك خطط تنمية متكاملة لكل محافظة ولكل اقليم

واوضح الدردري ان سورية تضع لاول مرة سياساتها الاقتصادية باسلوب المحاكاة لمعدلات النمو الاقتصادي

كما قال بانه لا بد من الاستعانة باقتصاد المعرفة لتحقيق القفزات المطلوبة الا ان هذا الاقتصاد يتطلب اضافة الي نقل التقانة وتوطينها تغيرا في المفاهيم الاجتماعية اي ان الانتقال من اقتصاد الريع الي اقتصاد القيمة المضافة المبني على المعرفة وهذا يشكل نقلة اجتماعية فكرية قبل ان يكون نقلة تخطيطية اقتصادية

تحديات الانتقال الي اقتصاد السوق الاجتماعي

اشار السيد الدردري الي ان اخطر مشكلات التنمية التي نعاني منها تتمثل في عدم مراكمة خبرات التنمية وعدم السير فيها برؤى واضحة والاكتفاء بادارة الامور يوما بيوم ومعالجة بعض المشكلات الانية دون رؤية استراتيجية واضحة لذا لا بد من معالجة الهم اليومي بوجود رؤية واضحة الي الامام

ولقد اكد الدردري ان التحدي الاساسي يتمثل في كيفية تجاوز حالة الاحتكار في الاقتصاد الوطني للوصول الي حالة تنافسية تؤدي الي انخفاض السعر وتحسين النوعية لصالح المنتج والمستهلك وبالتالي الانتقال الي اقتصاد السوق الاجتماعي لان المشكلة تكمن في اننا لا ننتقل من سوق اقتصاد اشتراكي الي اقتصاد حر بل ننتقل الان من اقتصاد سوق مشوه احتكاري اوليغاري  الي اقتصاد سوق اجتماعي وبذلك نصحح واقعا غير مقبول بالنسبة لاليات عمل اقتصاد السوق لاننا نعيش نصف حالة اقتصاد سوق فلا نحصل على ثمار اقتصاد سوق تنافسي اجتماعي ولا نحصل على ثمار اقتصاد اشتراكي مخطط مركزيا ولهذا يجب التقدم الي الامام نحو اقتصاد سوق اجتماعي تنافسي

لقطات ووخزات

طرح الدردري فكرة تثير التساؤلات وتستدعي التوقف هي ان العولمة تشهد اليوم حركة انتقال في مركزها من اوربة الغربية وشمال امريكا باتجاه الصين واسيا والهند وماليزيا واندونيسيا وفي هذه الحركة ينتقل مركز العولمة الفكري والاقتصادي من الغرب الي الشرق

تحدث السيد عبد القادر صبرا في محاضرة عن قطاع النقل البحري في سورية وتحدث عن مواقع المرافىء السورية قائلا :

انها بكل اسف احتلت المرتبة الاخيرة في المنطقة حتى مرفا بيروت سبقها وذلك بسبب تعقد اجراءاتها وانخفاض تقنياتها وعدم استعمال الحاويات في الشحن والتفريغ

تركزت معظم مخاوف الحضور والسائلين على تاثير الشراكة الاوربية على مستوى الدخل والمعيشة وسعر صرف الليرة ومشكلات العمل والبطالة ومساالة مستقبل القطاع العام

تحدث احد الحضور عن مصداقية الحكومة والتناقض بين الاقوال والافعال وقال ان لا احد يحاسب الحكومة لماذا ؟ ثم طالب بان ندخل في الجد وان نجد الية زمنية ورقمية لمحاسبة الحكومة على برامجها وخططها حتى لا تظل الحكومة تبيع الكلام وتتاجر بالاقوال وتصدر الوعود والتسويفات 0

لاوربة مصالح معلنة وليست خفية في الشراكة

الباحث سمير سعيفان اشار في محاضرة هامة جدا الي ان الشراكة واقع معقد ويجب عدم تبسيط الامر وان اوربة لها مصلحة في توسيع اسواقنا ورفع القدرة الشرائية لها حتى تستطيع تصدير الكثير من صناعاتها ذات العمالة الكثيفة الينا واوربة تريد تنمية مناطقنا وتثبيت سكاننا فيها حتى لا تقلق من الهجرة غير الشرعية ولاوربة مصلحة الانها تسعى الي ان تكون قطب دولي كبير لا سيما ان الصراعات عبر العالم الي الان بين كتل اقتصادية وهي الان قطب تجاري تسعى الي تعزيز دورها الاقتصادي والسياسي لتحقق التوازن الدولي وتاخذ الجزء الاكبر من كعكة الاقتصاد المعولم

واشار السيد سعيفان الي ان الزمن تغير وان سورية لا تستطيع ان تستمر بالانماط القديمة نفسها ولا بد من البحث في خيارات جديدة ولابد من الاعتماد على الاقتصاد المعلوماتي المعرفي ولا بد من جذب الكفاءات في جميع المجالات من اجل بناء اقتصاد جديد منافس ومن اجل بناء سورية حديثة جديدة مزدهرة متطورة

سكرتير المفوضية الاوربية

السيد فونتانا سكرتير المفوضية الاوربية قال في كلمته ان الاصلاحات الاقتصادية تتطلب تكييف البنى الادارية الحكومية لمواجهة البنية الجديدة وقال ان الاتحاد الاوربي يدعم الحكومة السوري ويدعم الشركات الخاصة في سورية وان بعثة المفوضية الاوربية مسؤلة مباشرة عن حقيبة استثمارية قيمتها 200 مليون يورو في مشاريع ثنائية بين سورية والاتحاد الاوربي وان اوربة تقدم مساعدة فنية في مجال التدريب المهني والارث الثقافي والاتصالات اللاسكية والمواصلات والصناعة والحكومة المحلية والبيئة

الشراكة خيار استرتيجي وجسرلا نجاز الاصلاحات

ان الشراكة حافز هام وجسر للوصول الي ثقافة السوق المفتوحة والتنافسية وهذه الثقافة هي سبب التفوق في هذا العصر لذا لا بد من ان تتبلور هذه الثقافة بين عمالنا وصناعيينا وتجارنا ومصدرينا وموظفينا لان الحماية تشجع الضعيف والتنافس يصنع الابداع والابتكار والمبادرة وهذا ما نحتاجه في سورية

لقد حضر الاوربيون كل الجلسات من البداية حتى النهاية واخذوا مقاعدهم في الصف الامامي بينما بقية المقاعد الاخرى فارغة بانتظار مسؤولي المحافظة ياهل ترى لا تهم الشراكة مسؤولنا ؟

علينا الا لتزام واحترام الوقت وعدم قتله وهدره وهذا طريق البداية الذي سارت اوربة عليه عندما كانت متخلفة فهل نسير نحن على نفس الطريق ونحاكي الاوربيين ونتعلم منهم ونتجنب العودة الي الصفر ونبدا من حيث انتهى الاوربيون والاخرون الاكثر تقدما نتمنى ذلك ونامل ذلك ونعمل من اجل ذلك 0

عبد الرحمن تيشوري

ABDALRAHMANTAYSHOORI
من اجل ادارة مهنية احترافية تنفذ مشروع الرئيس التحديثي التطويري

المادة منشورة سابقاً ومنذ أعوام ونعيد نشرها للاهمية