دام برس – لما المحمد:
لم تكتف تلك الجماعات التكفيرية من انتهاكاتها الإجرامية بحق الإنسانية في سوريا ، لتطول يد الفن والإبداع التي أرادت بإبداعها تلوين الحياة بالراحة و الآمان ، رغماً عن سواد حرب طالت وطن بأكمله ولم ترحم فيه كبير وصغير ، حرب ارتقت فيها أرواح بريئة دفعت ثمن براءتها دماً ، فالفن و الفكر و الإبداع وحدهم أسلحة الخير و الحق و العدل والجمال و المحبة والسلام ..أسلحة القوى الناعمة التي نشحذها الآن في وجه التطرف و العنف و الإرهاب الأسود .
تيما كنو من مواليد مدينة عين العرب في ريف حلب الشمالي طالبة طب أسنان سنة خامسة بدأت في الرسم منذ طفولتها ، و انتقلت إلى الرسم بالتظليل في الصف الثامن، لتبدع أكثر بالرسم في القهوة منذ ثلاث سنوات ، عندما ابتدأت بالرسم فيها بشكل بسيط على الصحن الأبيض ، ليتطور ابداعها للرسم بالنسكافيه كونه يعطي ظلال أكثر،
تيما كانت قد حضّرت لمعرض يضم 17 لوحة بعنوان بهار ( وهو الربيع بالمعنى الكردي للاسم) في مدينة كوباني بريف حلب الشمالي بلوحات تحمل الزهور والعصافير والفراشات المرسومة من قصاصات الجرائد ، ذات خلفية سوداء تعني الحرب في سوادها والربيع القادم على سوريا لاحقاً ، ولكن حلم تيما في إقامة معرضها الفردي لم يكمل إثر دخول عصابات التكفير و الإرهاب إلى مدينتها و إحراق منزلها و تكسير لوحاتها ، التي أرادت منها تجسيد واقع وطن يحارب عدوانه بكل مايملك من فن وفكر وإبداع و يأبى الاستسلام....
وبعد تحرير المدينة أخرجت والدة تيما ماتبقى من تلك اللوحات المكسورة تحت الأنقاض وعلقتها على جدار من جدران منزلهم المهدوم و التقطت صورة لايمكن أن تكون الأخيرة لتلك اللوحات قبل القفل عليها .
تيما كانت قد شاركت في معرض لبلدية أورفا في تركيا ، وهي ترسم بالكولاج و القهوة و ألوان الخشب ، وترغب بتطوير فنها باستخدام الألوان الزيتية .
ويبقى الفن هو الوجه الأسمى و الأرقى للتعبير ، في زمن لا سبيل لنا فيه إلا علاء ثقافة قادرة على الارتقاء بشعب شهد دمار و إرهاب و تشويه للفنون ، فمن يحمي المجتمع اليوم ليست المؤسسة العسكرية فقط ، وإنّما الثقافة والفن بدورهم الكبير في مقاومة الإرهاب ، و هما رسالة تتضمن قيم الحياة ضد قيم الموت .