دام برس - اللاذقية - عاطف عفيف :
استطاع مهرجان خطوات السينمائي الدولي باللاذقية أن يشكل علامة فارقة في الحياة الثقافية في محافظة اللاذقية ، وأن يستقطب اهتمام الجمهور والكثير من المهتمين والمتابعين لصناعة السينما في المحافظة وخارجها، انطلق المهرجان في الثامن من الشهر الجاري واستمر  لمدة أسبوع ،عرض خلاله 27 فيلماً شارك منها 15 فيلماً في المسابقة الرسمية للمهرجان .
حاضن للشباب
واختتم المهرجان فعالياته بتتويج الأفلام الفائزة الثلاثة حيث ذهبت جائزة أفضل فيلم للمخرج أمين حداد عن فيلمه "الصندوق الأسود" وأفضل إخراج للمخرج طارق سالم عن فيلمه " عفواً" وجائزة لجنة التحكيم الخاصة للمخرجة الشابة يارا إسماعيل علن فيلمها " هنا دمشق".
دام برس واكبت المهرجان من بدايته وحتى نهايته وأجرت اللقاءات التالية :
حيث أشار الكاتب محمود عبد الواحد رئيس لجنة التحكيم :بأن لجنة التحكيم تعاملت مع الأفلام فقط دون أن تدري لمن هذا الفيلم أو ذاك من اجل أن يكون هناك مصداقية في عملية التحكيم، مشيراً إلى أهمية هذا المهرجان السينمائي الخاص بالهواة ، والذي يمكن أن يخلق حاضن ثقافي لشباب يمكن أن يكون لديهم مواهب سينمائية واعدة ولكن تحتاج لمن يكتشفها ويعطيها الدفع نحو الانطلاق ،فرغم الأزمة التي تعيشها سوريا  لدى هؤلاء الشباب تعطش للعطاء، فعملهم هو بمثابة النضال والدفاع عن الوطن من خلال الثقافة والتي هي وسيلة للإصرار والبقاء على قيد الحياة ، ويرسل الشباب من خلال أعمالهم  رسالة بأننا نحن باقون ولن نهزم .
ويضيف الشيء الجميل بالمهرجان أنه انطلق في سنوات الأزمة المعقدة واستطاع أن يلاقي النجاح والاستقطاب من الجمهور وهذا على غاية من الأهمية ، منوهاً أن النجاح والاستمرار يحتاج إلى تراكم معرفة وخبرة ويحتاج لعمل تنظيمي كبير.
وأشار بأن مهرجان خطوات  بإمكانيات تكاد تلامس الصفر ومبني على عمل المتطوعين يعد تحد كبير ويسجل للمشاركين الشباب والمتحمسين.

تحدي سوري بامتياز
المخرج المهند كلثوم قال بأن الأفلام التي عرضت هي تحد  سوري بامتياز للشباب السوري وأنه قادر على العطاء والإبداع  بالرغم من كل الظروف الصعبة المحيطة.
الكاتب حسن م يوسف قال: بأن سوريا تنعم بمنجم هائل من المواهب والمبدعين، فهذا المهرجان بمحافظة بعيدة عن المركز يعد إنجازاً ينتمي إلى المستقبل، وأنا مؤمن بهؤلاء الشباب ومؤمن بأن هكذا مهرجانات تستطيع أن تخرج موهوبين يسهموا في صناعة ضوء سورية الذي يشع على العالم ، وطالب  الجهات المعنية بتعميم التجربة وإطلاق مهرجانات مماثلة في المحافظات الأخرى ، لأن السينما جامعة للناس ، والسينما تعلمنا الفن والذوق والأخلاق والسياسة وتنمي ثقافة الشعوب.
وأشار يوسف بأن  الشباب الذين اشتغلوا وقدموا الأفلام المشاركة لديهم الحماس وبعض منهم لديه الموهبة الحقيقية، لكن يبدو أن هناك فقر بالثقافة السينمائية لذلك لا بد على هؤلاء الشباب الذين يريدون أن يصنعوا سينما  رؤية المزيد من الأفلام ، فمن يكتب بالأدب عليه أن يقرأ المزيد من الأدب، فالموهبة هي مثل عود الثقاب يمكن أن تشعل به ناراً عظيمة ، لكن إذا لم تضيف إليه المزيد من الحطب لكي يغذيه سينطفئ .
نادي خطوات السينمائي
ويقول مدير المهرجان مجد أحمد إن جوائز المهرجان تتوزع على الشكل التالي   100 ألف ل. س خصصت لأفضل فيلم ، و75 ألف لأفضل إخراج، و35 ألف جائزة لجنة التحكيم ،مضيفاً بأن الفيلمين الذين فازا بجائزة أفضل فيلم وأفضل إخراج سيحصلان على منحة  بشكل أوتوماتيكي  لإنتاج  أفلام ضمن مشروع دعم سينما الشباب خصصته المؤسسة العامة للسينما لمهرجان خطوات كنوع من الدعم للمهرجان، كما قدم المخرج جود سعيد هدية للمهرجان بأن يشاركه أحد المخرجين من الأفلام الـ15 كمساعد مخرج في فيلمه القادم وارتأت إدارة المهرجان منح هذه الفرصة للمخرج الشاب المبدع زين مريشة المشارك بفيلم " ابتسامة ".
ويرى أحمد بأن المهرجان استطاع أن يحقق 80 % من الأهداف التي كان يصبو إليها ، وما الحضور الجماهيري الكثيف اليومي إلا دليل على أن المهرجان مشى خطوات جيدة ، ونطمح لان يؤسس إلى منجز ثقافي وسينمائي وحضاري يضاف إلى منجزات محافظة اللاذقية ، وأن ينضم المهرجان إلى مجموعة المهرجان فيها.
وأضاف :وفي خطواتنا القادمة حالياً نحن في طور تأسيس نادي خطوات السينمائي ليكون هناك مرجعية أساسية للمهرجان و هيكلية إدارية وفنية وثقافية.

كما التقىت دام برس بالشباب الفائزين بالأفلام الثلاثة:
الأسود
المخرج الشاب أمين حداد والذي حصل على جائزة أفضل فيلم عن فيلمه " الصندوق الأسود" قال: هذه المشاركة الثانية لي في مهرجان خطوات ، في العام الماضي شاركت وفزت بجائزة أفضل فيلم أيضاً ، المهرجان قدم لنا كشباب مهتمين بصناعة السينما فرصة ذهبية لعرض أعمالنا وتقييمها إن كان عن طريق الجمهور أو عن طريق النقاد والأكاديميين والمختصين الذين لم يبخلوا في توجيهنا وتصحيح أخطاءنا وهفواتنا.
وأضاف :إن حصولي على جائزة أفضل فيلم يورطني بالشعور بالمسؤولية أكثر، وبالتالي أي خطوة تالية لإخراج أم إنتاج  أي عمل آخر يجب أن تتناسب مع الخطوة التي حققتها والمستوى الذي وصلت له في هذا المهرجان 

وتتناول فكرة الفيلم كما يقول حداد : عمل جراحي  لنزع شريط الذاكرة من رأس مريض قسراً من قبل أشخاص مقنعين و كلما حاولوا قص جزء من ذاكرته كلما رجع وغاص بذكرياته وتشبث بها، ولم تنجح كل محاولاتهم لبتر ذاكرته لذلك يقرروا في النهاية بتفجير رأسه ، وبالتالي فضل المريض الموت على أن يضحي بذاكرته، وهذا الفيلم ينطلق من الواقع الذي تعيشه سورية الآن ويحتوى شريط الذكريات الكثير من المشاهد التي تجري حالياً في سورية.
والفيلم من بطولة هاشم غزال وسارة سليمة ، ويقول هاشم غزال مدير المسرح الجامعي بجامعة تشرين  : شاركت  كممثل في فيلم الصندوق الأسود وأعتز أني مشارك مع هؤلاء الشباب الذين سيكونون نواة حقيقية لدعم الدراما السورية بسينما حقيقية سورية ، فهؤلاء الشباب استطاعوا بالرغم من الظروف الصعبة و بجهودهم الشخصية وبدون أموال وبإمكانيات تكاد تعادل الصفر أن يعملوا شيء ، وأرى أنهم تفوقوا على أفلام المنح وقدموا أفلاماً مهمة جداً تبشر بولادة شباب سينمائيين جدد.
أما سارة سليمة قالت : كان لدي ثقة وإيمان بالنجاح لأننا اشتغلنا الفيلم بمحبة وصدق ، ولقد تعملنا من المهرجان ما هي أخطاؤنا وماذا يمكن أن نقدم العام القادم.   

عفواً
وذهبت جائزة أفضل إخراج للفيلم " عفواً " للشاب طارق سالم وتمثيل زياد شحيط ، يقول سالم :هذا أول فيلم لي وأول مشاركة في المهرجان، وحصولي على هذه الجائزة يشكل بالنسبة لي حافزاً مهما ً للعمل أكثر، كما ويحملني مسؤولية بأن تكون الأعمال القادمة بسوية أفضل ، الفيلم يحكي قصة حب بين فتاة وشاب لكن الظروف الحالية تقتل هذا الحب ، فعندما يكون الشاب متواعداً لرؤية حبيبته تأتي قذيفة هاون وتقتلها على الرصيف الثاني وأمام عينيه، قصة الفيلم قصة حقيقية حدثت في حلب.
ويقول الممثل زياد شحيط :لقد عملنا بظروف سيئة للغاية في حلب التي كانت محاصرة من المسلحين ورغم ذلك لم نريد أن نجمد شبابنا وطاقاتنا، وهذه أول تجربة لنا ,ويرى شحيط بأن المهرجان يعطي الأمل ببكرا وأن الحياة في سورية وبجهود شبابها ومحبيها سترجع أفضل مما كانت عليه.
هنا دمشق
كما كانت جائزة لجنة التحكيم  من نصيب الفيلم" هنا دمشق" إخراج الشابة يارا اسماعيل وتمثيل هاغوب عيد.
وتقول يارا عن فيلمها :عرضت حزن زوجة أو حبيبة أو خطيبة الشهيد بطريقة غريبة وبعيدة عن الواقع بدون دموع وبدون لون أسود ، فهي في كل يوم تعيش تفاصيل حياتها الطبيعية مع حبيبها ولا تصدق بأنه ميت فقصة الحب أقوى من الموت ولا يمكن أن يفرقهم لذلك تذهب يومياً إلى قبره لتراه وتتعايش معه وكأنه موجود.
و عبرت عن أهمية المهرجان بقولها: لولا وجود هذا المهرجان لما كان هناك فرصة لعرض ومشاهدة هذه الأفلام التي قدمها الشباب المبدع .
ويرى الممثل عيد بأن إقامة المهرجان واستمراره هو دليل أن الشعب السوري حي لا يموت ويتمتع بشباب متجدد بشكل دائم.