دام برس

بتاريخ الثاني من أيلول  2004  صدر القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي بتعاون ما  بين إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وهو القرار الذي طالب بانسحاب الجيش العربي السوري من لبنان وبتجريد المقاومة من سلاحها  وبإلغاء قرار تمديد فترة رئاسة الرئيس إميل لحود .
انقسم لبنان يومها إلى فريقين فريق داعم للقرار متمثلا بتحالفات سياسية تحت عنوان تجمع البريستول والذي ضم قوى مناوئة لسوريا إضافة إلى وليد جنبلاط ونوابا من كتلته وأطرافا أخرى تدور في الفلك الأميركي، ودعم هذا التحالف من الأميركيين والفرنسيين، وفريق يرفض القرار متمثلا بتحالف داعم للعمل المقاوم.
يومها برز اسم رفيق الحريري الذي حكم البلد بمعادلة تفاهم إقليمية  لمدة خمسة عشر عاماً، وعلى الرغم من أنه كان على علاقة عضوية بالسعوديين وكان يحمل جنسيتهم إلا أنه سعى في العلن إلى التحالف والتعاون مع المقاومة وعقد سلسلة من الاجتماعات السرية مع قائد المقاومة السيد حسن نصر الله , انتهت إلى تفاهم على خطوط عريضة تحفظ لبنان من  تداعيات القرار 1559. 
وفي تطور مفاجئ اغتيل رفيق الحريري في 14 شباط 2005 في عملية أظهرت التحقيقات أنها انتحارية. وقد بدا أن هناك ماكينة إعلامية تفوق قدرة أي جهة لبنانية على التنظيم تولت  تسويق اتهامات فورية لسوريا ولحلفائها باغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية ، ما أدى إلى استقالة حكومة الرئيس عمر كرامي مع أنها كانت تتمتع بأغلبية نيابية، منذ اللحظة الأولى لتنفيذ عملية الاغتيال بدأت جوقة البريستول باتهام سورية قيادة وجيشا وشعبا كذلك اتهم تحالف المقاومة الرافض للقرار 1559.
ما قبل 14 شباط 2005 اختلف كلياًعن ما بعده حيث كان لعملية الاغتيال تداعيات كبيرة على الساحة اللبنانية الداخلية وعلى الساحة الإقليمية، يومها استقالت الحكومة اللبنانية واتخذت سورية قرار بسحب الجيش العربي السوري وإعادة النظر في الاتفاقيات المعقودة بين الجانبين، وأطلق سراح المجرم سمير جعجع بعفو خاص وقد استثمر دم رفيق الحريري في الانتخابات النيابية ليفوز تحالف الرابع عشر من آذار بغالبية نيابية وتشكل حكومة يرأسها فؤاد السنيورة والذي يعتبر أداة بيد سعد الحريري لتبدأ حرب تموز الهادفة لنزع سلاح المقاومة بالقوة ,و لا يخفى على أحد بأن هذه الحرب كانت مدعومة عربياً ولبنانياً من أجل تفتيت محور المقاومة وبعد الانتصار الكبير للمقاومين تغيرت قواعد اللعبة ليتم تشكيل ما يسمى حكومة وحدة وطنية يترأسها المدعو سعد الحريري ومن الملاحظ يومها وقوع العديد من عمليات الاغتيال والتي كانت تستهدف أعضاء من فريق 14 آذار وكالعادة المتهم واحد وهو القيادة السورية .

وبعد فترة من التجاذبات السياسية استقالت الحكومة على أثرها وتشكلت حكومة جديدة استبعد عنها سعد الحريري، بدأت يومها لعبة ما يسمى الربيع العربي لتتهاوى أنظمة عميلة ويأتي بدل منها أنظمة رجعية ذات طابع ديني متطرف.
صمدت سورية في وجه المؤامرة ولاح الانتصار بالأفق، وبالتزامن مع محاولة الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية ومع وصول مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق، يتم تنفيذ عملية اغتيال تشابه تلك التي سقط فيها رفيق الحريري والمستهدف في هذه العملية كان المدعو وسام الحسن الذي طالما تداول اسمه في عمليات تهريب السلاح ودعم التنظيمات السلفية وإقامة معسكرات التدريب لقتل الشعب السوري ، وبعيداً عن دوره المشبوه في كل ذلك تم استثمار هذه العملية ببعدها السياسي لنرى مشهداً مكرراً من توافد أعضاء تحالف 14 آذار إلى مكان الحدث وليبدأ اتهام سورية قيادة وجيشاً وشعباً في تنفيذ عملية الاغتيال ومن الملفت للنظر أن أول طلب لهذا التحالف كان إسقاط الحكومة الحالية ليتم بعدها استلام المدعو سعد الحريري للحكومة مجدداً.
منذ أن تم اعتقال الوزير السابق ميشيل سماحة واتهامه بنقل مواد متفجرة بالتنسيق مع جهات في سورية بدا بأن هناك فريق يحضر لعمل إرهابي يستهدف محور المقاومة من جديد، وما هي إلا أشهر قليلة ليتم اغتيال رئيس فرع المعلومات في لبنان .

وهنا لابد لنا كمحللين سياسيين وعاملين في المجال الإعلامي إلا أن نتساءل ما هو الرابط بين اغتيال رفيق الحريري ووسام الحسن ؟ لماذا تتهم سورية في كل مرة ؟ وما هو سر المطالبة بإسقاط الحكومة اللبنانية والمطالبة بعودة سعد الحريري ؟ هذه الأسئلة تحمل الطابع السياسي والجواب عنها هو بأنه المستفيد من كلتا العمليتين هو تحالف الاعتلال العربي ممثلا بمشيخات الخليج والعدو الصهيوني وقوى الغرب من أجل ضرب العمل المقاومة وحماية أمن الكيان الصهيوني وما خفي كان أعظم.
وعلى الجانب الأمني هناك أيضا العديد من التساؤولات حول طريقة استهداف المدعو وسام الحسن منها لماذا لم يستقل وسام الحسن سيارته المصفحة ولم يكن في موكب محمي أمنياً ؟ ومن يعلم أنه عاد إلى لبنان وإلى أين كان يتجه ؟ هنا نترك الإجابة لعملاء الموساد من شخصيات لبنانية كان لها الباع الطويل في التعامل مع العدو الصهيوني وأجهزته الأمنية ولكن من يستطيع إدخال كل هذه الأسلحة والمواد المتفجرة إلى الداخل السوري وعبر مرفأ طرابلس يستطيع أن ينفذ عملية كالتي حدثت يوم أمس في بيروت.
إن الهدف الحقيقي من عملية الاغتيال تلك هو جر قدم لبنان إلى حرب طائفية بعد أن فشلت كل المحاولات بإشعالها في سورية، والهدف الحقيقي من كل هذه الأعمال الإجرامية هو فرض نظام شرق أوسطي جديد قائم على دويلات طائفية متناحرة تكون الغلبة فيه للكيان الصهيوني ومن خلفه بعض أمراء النفط والغاز كل ذلك تحت مسمى الإمبراطورية الاخوانية العثمانية , وهذا لم ولن يتم بوجود نظام مقاوم , رافع راية العروبة والسلام  حتى النصر.