دام برس
رغم أن الاقتصاد السوري يواجه أزمة حادة نتيجة انعدام الأمن والعقوبات المفروضة عليه، فالتقارير الاقتصادية تفيد أن نسبة التضخم تقارب السبعة بالمائة وان الصادرات السورية تراجعت إلى دون الستة مليارات دولار بعد أن بلغت أربعة عشر ملياراً ، بالإضافة إلى تقلص حجم احتياطي النقد الأجنبي إلى حوالي تسعة مليارات دولار بعد أن كان يقدر بنحو سبعة عشر مليار دولار، والأهم أن نمو الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة ثلاثة ونصف بالمائة.
ومما لا شك فيه أن هذه الفترة تعتبَر الأسوأ اقتصاديا في سورية منذ عقود، فما جرى من تراجع في الناتج المحلي الإجمالي غير مسبوق، إذ تكبد قطاع السياحة خسائر فادحة فاقت مليار دولار، وتوقفت الاستثمارات الأجنبية في سورية، خصوصا تلك الوافدة من دول الخليج والتي كانت تستهدف العديد من القطاعات. أما التجارة الخارجية التي كانت تتدفق إلى الدول المجاورة وتجارة الترانزيت من سورية وإليها، خصوصا تلك المقبلة من لبنان وتركيا، فتوقفت تماماً.
على الرغم من ذلك فإن الليرة السورية قد حافظت على قيمتها بشكل نسبي، لأن الانسجام بين الكتلة النقدية من جهة والسلعية والخدمية من جهة ثانية متحقق في سوريا، ولن يكون هناك انفصال، وهو ما يقدّره صنّاع السياسة النقدية جيداً، وإلا لحصل تدهور في سعر العملة، فمن غير المتوقع أن يكون هناك تأثير على سعر الليرة، لأن المصرف المركزي ينسّق مع المصارف السورية، عامة وخاصة، وهناك دراسة يومية لما يتعلق بالتدخل وضخّ الكتل الدولارية، وذلك بحسب الطلب الذي غدا معروفاً بدقة، كل ذلك كان واضحاً باستقرار أسعار صرف الدولار أمام الليرة السورية منذ أكثر من ستة أشهر , سواء لجهة ما يتعلق بسعر الدولار لتمويل المواد الأولية الأساسية ( 64 ليرة للدولار)، والتي لا تزيد رسومها الجمركية عن الواحد بالمائة , أو لجهة السعر التدخلي (68 ليرة للدولار)، وهو سعر المبيع في المصارف.
لقد أثبت الاقتصاد السوري والذي تنامى العجز لديه بعد العقوبات الأوروبية والمقاطعة العربية وتعطّل الإنتاج وإعاقة التصدير، وفي مقدمته النفط الذي يرفد الخزينة بحوالي 11 مليون دولار يومياً صموده في حين قد أعلنت العام الجاري أعلى موازنة في تاريخ سورية (1326 مليار ليرة)، وهذا ما زاد من التوقعات والتساؤلات حول مصادر التمويل وإيجاد الموارد، وبالتالي صمود الاقتصاد السوري ومحافظة الليرة على سعر صرفها.
إن الانتصارات في المجال السياسي والعسكري التي تحققت على الأرض تركت أمام أعداء سورية ميداناً واحداً وهو الميدان الاقتصادي لإدارة معركتهم الأخيرة , وهذا ما لا يُسمح به من منطق أن المنتصر على الأرض هو قوي و يعرف كيف يحسب حساب المفاجآت والحرب الاقتصادية والنجاح لا يتجزأ، وإن ضعفت بعض أدواته فإن الماهر في إدارة الأزمة لا يخفى عليه إمكانية الاستعانة بالخبراء في الوقت المناسب.
في هذا العرض الاقتصادي نستطيع أن نقول بأننا كما حققنا الانتصار على الأرض وفي الفضاء فنحن سننتصر في الاقتصاد.