دام برس
إن بعثة الاتحاد الأوروبي في الجمهورية العربية السورية هي واحدة من أكثر من مائة وخمس وثلاثون بعثة للاتحاد الأوروبي منتشرة حول العالم، والبعثات هي بعثات دبلوماسية معتمدة بصورة كاملة، تمثل الاتحاد الأوروبي، ويقدر عدد العاملين في البعثة نحو خمسين موظفاً و هم من الجنسية السورية و الجنسيات الأوروبية، علماً بأن التفويض الأساسي الذي تتولاه البعثة هو ضمان تمثيل الاتحاد الأوروبي في الجمهورية العربية السورية، وقد تم افتتاح البعثة رسمياً في دمشق عام 1979 و هي تتناول برنامجاً سياسياً و اقتصادياً واسعاً بين سورية و الاتحاد الأوروبي على المستويين الثنائي و الإقليمي، و لا يقتصر تفاعل البعثة على الوزارات الحكومية وحدها بل يتجاوز ذلك إلى التفاعل مع مجتمع الأعمال و المجتمع المدني و المنظمات اللاحكومية على صعيد واسع، و يشمل هذا التفاعل: المجال الســياسي، الاقتصادي، التجاري، المالي و الفني ناهيك عن المساعدات الإنسانية، هذه هي العناوين البراقة التي تعمل بها المفوضية الأوروبية في سوريا ولكن بالحقيقية فان التعاطي مع الشأن السوري قد اخذ منحا آخر حيث شكلت هذه البعثة الأوروبية أداة للتدخل الخارجي وقد لعبت الدور المحرض والمنفذ للعقوبات الظالمة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على كافة مكونات الشعب السوري.
لذلك ومن هذا المنطلق فقد دعت كافة شرائح المجتمع السوري في أكثر من مناسبة إلى إغلاق مقر المفوضية الأوروبية وطرد ممثليها لأنهم يمثلون قوى التآمر على سوريا، والسؤال هنا إلى متى تستمر هذه البعثة في العمل على الأراضي السورية ؟ خاصة وأن من يتشدق على أمن سورية وشعب سورية هو من قتل أكثر من مليون عراقي تحت راية الحرية والديمقراطية , فهل يمارس هذا المريض نفسياً والمسمى بلير الديمقراطية في بيته ومن ثم في وطنه؟
هذا الطلب الشعبي لم يأت من فراغ بل جاء من وعي الشعب السوري لحجم المؤامرة التي تحاك ضده وضد راية وسيادة وطنه , وهذا مالا يسمح به لامن قريب ولا من بعيد , فهل تستجيب القيادة السورية لهذا الطلب وتغلق السفارة الأوروبية وننتهي من السرطان الذي يفسد في الجسم السوري من الداخل ؟ الشعب السوري يأمل ذلك
خاصة أنه وفي وقت سابق أقر مجلس الاتحاد الأوروبي الدورة السادسة عشرة من العقوبات الأوروبية المفروضة على سورية حيث اتخذ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ قرارا جديدا بتشديد العقوبات وقد شملت تلك العقوبات الظالمة إدراج أسماء مسؤولين سوريين إضافة إلى ستة شركات حيث تم تجميد أصول الشركات الموجودة في المصارف الأوروبية ومنع الشركات الأوروبية من التعامل معها، ومن مبتكرات السياسة الأوروبية الظالمة إنشاء قائمة تضم أسماء مائة وثمانية وعشرون شخصية سورية بينهم السيد الرئيس بشار الأسد وعائلته الكريمة وعدد كبيرا من رجال الأعمال الوطنيين الشرفاء كما ضمت هذه القائمة ثلاثة وأربعون مؤسسة وشركة سورية منها الخطوط الجوية السورية، والمصرف المركزي، وعدد من الشركات العاملة في مجال التصدير وقد أطلقوا على هذه القائمة اسم " اللائحة السوداء "، وهنا لابد أن قول بأن هذه لائحة سوداء بالنسبة لمشروع التآمر الصهيوني الأعرابي الغربي، فقد اجتمعت على سوريا بكافة شرائحه ومكوناته قوى التآمر لأجل ضرب وحدته الوطنية وتفتيت وحدته الجغرافية وتحويله إلى مجموعة من الدويلات الطائفية تكون الغلبة فيها لصالح الكيان الصهيوني، هذه اللائحة هي لائحة الشرف والشرفاء من مكونات امتنا السورية.
وقد أكد العديد من الشخصيات ممن يعملون في الحقل الاقتصادي والسياسي بأن العقوبات الاقتصادية لها تأثير قصير المدى فقط وإنها لن تؤثر على وحدة الشعب السوري وتأييده لقيادته الحكيمة المتمثلة بالقائد الجماهيري المقاوم الدكتور بشار الأسد.
إن العقوبات الجائرة التي فرضتها منظومة دول الاتحاد الأوروبي على الجمهورية العربية السورية، كان الهدف منها مضاعفة الضغط على دمشق، لثنيها عن توجهاتها الوطنية والإقليمية، وعلى أن تنسجم سياساتها، وبخاصة الخارجية، مع هذه التوجهات، وتمثل هذه الإجراءات الأوروبية استمراراً للعقوبات الظالمة الأحادية الجانب، التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي منذ أيار عام 2011، والتي شملت تجميد أصول مالية تملكها الحكومة السورية ورجال الأعمال والعديد من المسؤولين السوريين الرسميين وغيرهم، وإن كانت العقوبات السابقة قد أوقفت العمل بالعديد من مجالات التعاون المالي والفني، وتعليقاً جزئياً لاتفاقيات التعاون الثنائي الأوروبي – السوري المبرمة منذ عام 1979 ، فإن تصعيد هذه العقوبات التدريجية منذ أيار الماضي عام 2011 يؤشر إلى مواقف أوروبية آخذة بمواصلة الضغط على سورية، وتنسجم مع التوجهات الأميركية، التي صعدت بدورها العقوبات المتخذة ضد سورية منذ عام 2005 (أي قبيل الأحداث التي تشهدها سورية منذ شهور قليلة).
وتشمل الإجراءات العقابية الجديدة بقطاع الطاقة النفط والغاز ومن أبرز تلك العقوبات الظالمة استهدافهم لقطاع النفط الذي تمثل عوائده نحو 30 بالمائة من الواردات الخارجية التي بلغت من دول الاتحاد الأوروبي نحو 3.1 بليون يورو، في حين تصدر دول الاتحاد الأوروبي إلى سورية نحو 3.6 بليون يورو.
ومن المثير للدهشة بأن من يدعون حرية التعبير قد اتخذوا سلسلة من العقوبات بحق الإعلام السوري وذنبه الوحيد هو نقل الحقائق وكشف قنوات الكذب والتضليل.
ورغم سلبية المواقف الأوروبية الأخيرة، التي وجدت ترحيباً أميركياً بإعلان المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا لاند التي قالت سنواصل مع شركائنا الأوروبيين زيادة الضغط السياسي والاقتصادي على سورية ، فإن هذه المواقف الأوروبية – الأميركية قد وجدت تنديداً روسياً واضحاً عبر عنه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بقوله: "قلنا دوماً أن العقوبات الأحادية لن تعود بخير، فهذا يقوض منهج الشراكة لحل أي أزمة.. نحن ضد العقوبات الأحادية).
كما أعلنت دول البريكس: (روسيا، الصين، البرازيل، الهند، جنوب أفريقيا) – التي تمثل نحو 40 بالمائة من سكان العالم، فضلاً عن وزنها وتأثيرها الاقتصادي، وعلاقاتها الإيجابية مع سورية – أعلنت عن رفضها لهذه العقوبات الظالمة الأحادية الجانب، ولا نستثني هنا الدول والروابط الأخرى التي تتمتع بعلاقات مميزة مع سورية أيضاً.
