دام برس - بلال سليطين

بعد تشكيل الحكومة السورية الجديدة وتسليم حقيبة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للمعارض الدكتور قدري جميل يتبادر للذهن أسئلة كثيرة حول أهمية هذه الوزارة والشخص الذي اختير لتولي هذه الحقيبة، حيث أنه لا يخفى على المتابعين أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الجديد وخلال مختلف إطلالاته الإعلامية السابقة واظب على انتقاد الأداء الحكومي للحكومات السابقة وقد ركز كثيراً في حديثه على أزمتي الغاز والمازوت وهما من أكثر الأزمات حساسية وملامسةً للمواطن في حياته اليومية حيث أن طوابير الناس على مراكز توزيع الغاز ومحطات الوقود هي حديث الشارع أينما ذهبت وأينما تواجدت وهي مصدر قلق للكثيرين ممن لم يتمكنوا من شراء أسطوانة الغاز من المركز بسعرها الرسمي في حين أنها موجودة في السوق السوداء لكن بثلاثة أضعاف ثمنها الحقيقي.

اليوم ومع تغيير الحكومة أصبحنا أمام واقع جديد ووزير جديد محسوب على المعارضة بوزارة جديدة من المفترض أن يكون على سلم أولوياتها حل أزمتي الغاز والمازوت، فلا يكفي أن نقول للمواطن أننا شكلنا حكومة من معارضة وموالاة فبالنسة له هو لا يهمه هذا الكلام بقدر ما يهمه أن يتم تأمين مادتي الغاز والمازوت من قبل الحكومة، فهل سيتمكن الوزير الجديد من حل هذه المشكلة هنا يكمن السؤال.

منذ لحظة تشكيل الحكومة وحتى الآن حديث الكثيرين من داخل الأوساط الرسمية وخارجها هو أن الدكتور "قدري" لم يوفر الحكومة بانتقاداته لها لسوء تعاطيها مع أكثر الأزمات حساسية وهو الآن في موقع المسؤولية فليتفضل ويرينا ماذا سيفعل، للوهلة الأولى قد يبدو هذا الكلام صحيحاً بالنسبة للكثيرين، لكن ماذا خلف هذا الكلام وأين تكمن خطورته.

إذا تركنا الوزير الجديد ليقلع شوكه بيده كما يقال بالعامية وفشل في هذه العملية فإننا أمام مشكلة كبيرة، خصوصاً وأن فشله قد يسعد الكثيرين وخصوصاً أولئك الذين ينظرون له على أنه الوزير المعارض ويجب إفشال المعارضة ومحاربتهم لكي نثبت للرأي العام أنهم أشخاص غير مؤهلين وأن وزراء الأكثرية هم الأفضل وما إلى ذلك هذا إذا لم يحارب الوزير الجديد من قبل البعثيين أنفسهم بحجة أنه معارض وأنه عليه أن يتغلب على الضغوط ويثبت أنه رجل أفعال وليس أقوال وأن المعارضة لديها الحلول كما تدعي وأنها سترتقي بالبلاد وما إلى ذلك.

حدوث ذلك قد يرد عليه ممثل المعارضة وجمهورها بأن وزراء البعث في السابق لم يتمكنوا من حل المشكلة وأنهم ورثوها عنهم وليسوا هم من أوقعونا بها، وقد يقول قائل أن الأكثرية هي من كانت وراء فشل الوزير الفلاني للأسباب التي تحدثنا عنها سابقاً، مما يجعلنا أمام واقعٍ مؤلم فتبادل الاتهامات لا يحل المشكلات ولا يؤمن للمواطن أسطوانة غاز للطبخ ولا لتر مازوت للتدفئة !.

  لاشك أن اختيار "جميل" المعارض هو حاجةٌ مرحلية ولا شك أيضاً أنه من خلال أحاديثه المتكررة ركز كثيراً على الملفات التي تتولاها حقيبة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وهو اليوم أمام امتحان إثبات الجدارة لكن هل سيكتب له النجاح في إيجاد حل للملفات الساخنة التي تنتظره وهل سيتم التعامل مع الوزارة على أنها حكومة وطن وشعب أم أنها حكومة معارضة وموالاة وأن نجاح وزير المعارضة يعني تفوقه على وزير الموالاة والعكس صحيح؟ وبالتالي سيتم إدخال المواطن في تجاذبات لا حمل له بها وسيكون المواطن شهيداً لمعركةٍ هو ليس شريكاً فعلياً بها بقدر ماهو ضحيتها.

وهنا نحن أمام سؤال هل وضعت الحكومة المعارضة في مواجهة الشعب أم أننا بحق أمام حكومة جديدة تشاركيه ستعمل على حل مشكلات المواطن التي تفاقمت مؤخراً بشكل لا يوصف، هذا السؤال نترك الإجابة عنه للأيام القادمة .