Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 26 نيسان 2024   الساعة 14:54:27
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
اللاجئون السوريون يتعرضون لحملة عنصرية نازية
دام برس : دام برس | اللاجئون السوريون يتعرضون لحملة عنصرية نازية

دام برس:

معلقات الثناء والمديح انهالت على المانيا ومستشارتها انجيلا ميركل، وسياسة حكومتها الانسانية، في استقبال مليون لاجيء معظمهم من السوريين الفارين بحياتهم واطفالهم من الموت بحثا عن اي ملجأ آمن يتوفر لهم، حتى ان السيدة ميركل احتلت اغلفة معظم المجلات العالمية كشخصية العام، ولكنها فرحة لم تدم طويلا على ما يبدو.

بعد اقل من عام تغيرت الصورة، وتحولت المانيا الى “منصة” لانطلاق حملات اعلامية وسياسية مكثفة من قبل احزاب عنصرية تركز على شيطنة المهاجرين، واتهامهم بالتحرش والاعتداء جنسيا على الفتيات الالمانيات الشقراوات العفيفات الطاهرات، والمطالبة بطردهم، واغلاق الابواب في وجه القادمين الجدد منهم.

حتى مجلة “شارلي ابدو” الفرنسية الساخرة التي تعرضت لهجوم ارهابي في مثل هذا الوقت من العام الماضي، نفذته خليه تابعة لـ”الدولة الاسلامية” استدعى تعاطف العالم بأسره، بما في ذلك زعماء عرب رفعوا شعار “كلنا تشارلي ابدو”، نشرت رسما كارتونيا تظهر فيه شقراوات يفرن ذعرا من جثمان الطفل الكردي ايلان، ويقول بأنه لو عاش وكبر لاصبح متحرشا جنسيا، في اهانة عنصرية جديدة تضيفه الى ملفها الحافل بالاساءات العنصرية، وعلى رأسها التهجم على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

***

الفبركات الاعلامية لم تعد قاصرة على محطات التلفزة العربية، بل انتقلت، بكل اسف، الى المانيا ودول غربية ايضا، حيث تعج وسائل اعلامها، ودول اوروبية اخرى، بمزاعم تتهم المهاجرين من سوريا والعراق ودول شرق اوسطية اخرى بالوقوف خلف اعمال الاغتصاب، وتطالب بتغيير القوانين الاوروبية بما يسمح بطرد هؤلاء، حتى ان صحيفة دنماركية نشرت صورا للتحرش في مصر، وقالت انها وقعت في مدينة كولون الالمانية ليلة رأس السنة!

نعيش في اوروبا منذ ما يقرب الاربعين عاما، واحداث التحرش والاغتصاب من الجرائم المعهودة، في ليلة رأس السنة، حيث تزدحم ميادين رئيسية في كل العواصم بمئات الآلاف من المحتفلين بمقدم العام الجديد، ويحتسي هؤلاء كميات هائلة من الكحول، بحيث يفقدون السيطرة على تصرفاتهم، نساء كانوا او رجالا، ولا نبالغ اذا قلنا ان عمليات التحرش الجنسي تأتي من قبل نساء في حالات كثيرة، والمانيا ليست استثناء، مضافا الى ذلك ان هذه الحوادث لا تؤخذ بالجدية الكافية من قبل السلطات الامنية.

الخطير في الامر ان هذه الحملة العنصرية المتفاقمة في المانيا ضد المهاجرين العرب والمسلمين بدأت تمتد الى معظم الدول الاوروبية الاخرى، وتذّكر بمثيلاتها التي جرى اتباعها اثناء حكم النازية، والتحريض الذي اتبعته ضد الاعراق الاخرى، مما ادى الى انفجار الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها اكثر من اربعين مليون انسان.

صحف ومجلات المانية نشرت صورا لفتيات المانيات، شقراوات عاريات تماما، واياد سوداء تعبث باعضائهن الجنسية، للايحاء بأن اللاجيئن الاجانب يعتدون على العرق الالماني جنسيا، لاثارة النقمة ضد هؤلاء، وتحريض الالمان على الانتقام من المهاجرين، حفاظا على شرف العرق الآري النقي، وهو الاسلوب نفسه الذي اتبعته صحف الحزب النازي في حينها.

حتى في بريطانيا العجوز بدأنا نلمس بعض اعمال التحريض ضد اللاجئين، رغم ان حكومتها لم تقبل الا بضعة آلاف من اللاجئين السوريين فقط، وعلى مدى خمس سنوات، وذهب احد ابرز واشهر مقدمي البرامج فيها امس على نشر تغريدة على موقعه في “التويتر”، الذي يتابعه الملايين، يقول فيها انه تأخر عن موعد مهم لان بريطانيا اصبحت مزدحمة باللاجئين والاجانب عموما.

اذكر في ذروة التحريض ضد ليبيا بعد جريمة تفجير طائرة لوكربي، ان جريدة شعبية بريطانية، توزع خمسة ملايين نسخة يوميا في حينها، نشرت تحقيقا على عدة صفحات، تحت عنوان “the Libyan Romeos”، اجرت فيه مقابلات مع زوجات شقراوات لشبان ليبيين تركوهن واطفالهن، وعادوا الى بلادهم، واعتبرت هذا العمل مشينا، ونسيت الصحيفة ان نسبة الطلاق في بريطانيا تصل الى اكثر من سبعين في المئة، وتناست ان هناك زيجات ناجحة جدا بين ليبيين وبريطانيات.

اللاجئون السوريون الذين وصلوا الى المانيا معظمهم من الشباب المؤمن المتدين، ويكنون كل الحب والتقدير، والاعتراف بالجميل، للدول الاوروبية التي فتحت ابوابها لهم، في الوقت الذي اوصدتها دول عربية شقيقة، لعبت دورا كبيرا في تدمير بلدهم تحت شعار حماية الانسان السوري، وتوفير حياة ديمقراطية كريمة له، ولكن في اي مكان آخر غير اراضيها المحظورة عليهم.

اولويات الشباب السوري القادم لاجئا الى اوروبا التأقلم مع عادات وثقافة البلد الجديد، والحصول على الطعام والدواء، وتعلم اللغة والاندماج، والبحث عن عمل، اي ان التحرش الجنسي شبه معدوم على قائمة احتياجاته واهدافه، ولا نستبعد ان يتعرض هؤلاء الشباب السوريون الى اغراء الالمانيات والاوروبيات انفسهن لانهم الاكثر وسامة وادبا واخلاقا، والاكثر عاطفية، وسهولة في الوقوع في الغرام والزواج بالتالي، وهناك مئات الآلاف من اقرانهم العرب فعلوا الشيء نفسه، وربما لا نبالغ اذا قلنا انه ربما يحدث العكس، اي يتحرش شبان المان باللاجئات السوريات لجمالهن واختلافهن، ولكنهن لا يشتكين للبوليس بسبب طبيعة تربيتهن وتجبنهن الفضيحة.

***

ظاهرة اتهامات التحرش الجنسي هذه المنتشرة حاليا في وسائل الاعلام التقليدية في اوروبا، وغير التقليدية (وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية)، تهدف الى تكريه الشعوب بالمهاجرين، واصدار التشريعات الجديدة لترحيلهم، وحظر حصولهم على حق المواطنة لاحقا، لانهم مسلمون، او معظمهم، في ظل تصاعد “الاسلاموفوبيا” وتعرض بعض العواصم لاعمال ارهابية على غرار ما حدث في باريس من تفجيرات قبل بضعة اشهر، اما في المانيا فان المبالغة والتضخيم لاعمال التحرش هذه هدفها الاطاحة بالسيدة ميركل وحزبها، وكذلك استعادة الدور العسكري لالمانيا، وتبرير تدخلها في الشرق الاوسط، وسورية تحديدا، فالطبقة الحاكمة في المانيا، مثلما اثبتت تجارب القرن العشرين المنصرم، لا تستطيع خوض حرب دون توظيف العامل العنصري، وتهيئة الاجواء لبروز النظام المطلق.

عملية الشيطنة هذه ستعطي نتائج عكسية اذا استمرت بالوتيرة نفسها، على الدول التي تسمح بممارستها واستقرارها وامنها، فهذه المجتمعات الاوروبية “الهرمة” بحاجة ماسة الى هؤلاء اللاجئين الشبان لتحريك عجلة اقتصادها الخامل.

لا ننسى في هذه العجالة ان نلوم حكوماتنا التي اوصلتنا الى هذا الوضع المزري، ودفعت بهض اهلنا للهجرة الى مجتمعات توفر لها لقمة العيش والامان، ونلوم انفسنا ايضا، لاننا سقطنا في فخ المخططات التي تريد تفتيت بلداننا، وتعميق انقساماتنا الطائفية، واذكاء نار الحروب الاهلية والمذهبية لتدميرنا.

عبد الباري عطوان

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2016-01-15 02:00:58   عفوا يا استاد!!!
الاستاد عبد الباري يقول الحقيقه عن العنصريه في أوروبا، لكن هدا يجب أن لا يكون تبرير لافعال اللاجئين، لأن معظمهم ليسوا بالملائكة، قبل هجرتهم اساؤا أكثر إلى أوطانهم. أما السوريين منهم كان يجب أن يبقوا في سوريا لأن إلارض لمن يدافع عنها وليس لتاريكيها.
علي أحمد ناصر  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz