دام برس :

هذا العرض سيكون الأقصر والأكثر إيجازاً من بين كل الموضوعات التي تعرضت لها عرضاً وتحليلاً منذ فترةٍ طويلة، كون موضوعنا مرتبطٌ بعنوانٍ يبدأ بالقفزة، على أمل أن تكون المواضيع القادمة تتمة لقفزة النمر الأولى في ريف حماه.
منذ خمسة أشهرٍ استطاعت الجماعات المسلّحة في ريف حماه أن تسيطر على أكثر من موقعٍ حيوي، وكان أهمها تلّ الناصرية الذي يعتبر مكاناً مشرفاً على جزءٍ واسعٍ من ريف حماه الشمالي، ما مكّن هذه الجماعات من تأمين قطاعات سيطرة نارية واسعة في كل الإتجاهات، كما ساعدها في السيطرة على رحبة خطّاب وتطويق بلدة خطّاب من ثلاث جهات.

يُذكر أنّ رحبة خطّاب من المواقع الاستراتيجية الهامة التي تحتوي مستودعات ضخمة للجيش السوري.
المعارك في ريف حماه تطوّرت بشكلٍ كبير فكل الجبهات مشتعلة، حيث يُدرك قادة الجماعات المسلّحة أهمية المنطقة في سياق المعركة الكبرى، ولهذا بدأت هذه الجماعات بسلسلة من الهجمات على مدينة محردة بهدف السيطرة عليها كونها تقع على الطريق الرئيسي الذي يربط حماه بالساحل وتعتبر السيطرة عليها إعاقة لحركة الجيش العربي السوري.
في محردة استطاع الجيش العربي السوري ووحدات الدفاع الوطني كسر ووقف كل الهجمات وتنظيم الدفاع بشكلٍ يمنع تحقيق أية مكاسب أو انتصارات، حتى لو كانت صغيرة.

المعركة القادمة في ريف حماه هي معركة السيطرة على عقد المواصلات وتقطيع الأوصال، فالجبهات متداخلة بشكلٍ كبير بحكم تعقيدات الجغرافية واحتواء المنطقة على عدد من التلال الهامّة التي ستكون أيضاً هدفاً أساسياً في سير المعارك.
لهذا السبب كان لا بدّ من قائدٍ ميداني بمستوى المهمة وتعقيداتها، فمنذ أكثر من أسبوعٍ تمّ تكليف قائد وحدة المهام الخاصة في الجيش العربي السوري العقيد سهيل الحسن الذي أطلق عليه رفاقه عدة ألقاب من أشهرها "النمر"، لتميّز معاركه بالسرعة الخاطفة والقوة معاً.

لم تطل مدة إقامته في ريف حماه التي عاد اليها من حلب التي حقق فيها إنجازاتٍ قلبت الأمور رأساً على عقب، حتى حقق النمر قفزته الأولى، فمن شرعايا والشيحة جنوباً وقمحانة شرقاً انطلقت وحدات المهام الخاصة في حركة مفاجئة وسريعة باتجاه بلدة أرزة لتحرّرها مع قرى زور القصعية وزور بلحسن وخربة الحجامة.

الهدف القادم لوحدة المهام الخاصة سيكون بالتأكيد زور ابو زيد كممر إجباري باتّجاه تل الناصرية الإستراتيجي، فبالسيطرة على هذا التل يمكن القول إننا سنكون أمام مرحلة تهاوي قوة الجماعات المسلّحة، كما أنه من المرجّح أن يتم فتح المدخل الشرقي الجنوبي لبلدة خطّاب ما سيساعد على دخول قوات ووحدات قادرة على تحرير رحبة خطّاب التي ستشكل لاحقاً اتجاه الهجوم الرئيسي نحو حلفايا، التي تشكل قوة الضغط الرئيسية على محردة.
زخم العمليات العسكرية في ريف حماه لم يبدأ بعد، فمن المعروف عن العقيد سهيل الحسن أنّه يقوم بالعديد من المناورات على أكثر من إتجاه لإجبار العدو على تشتيت قوته البشرية والنارية ولمنعه من القدرة على تحديد إتجاه الهجوم الرئيسي، كما أنّ القسم المدفعي والجوي يطال كل الجبهات بنفس القوة الى حين البدء بالهجوم على الخطوط المحددة بالخطة ليتم نقل ثقل نيران المدفعية وسلاح الجو الى محور الهجوم ما يحقق الإنهيار الإدراكي والميداني في صفوف الجماعات المسلّحة ويجبرها على التخلي عن مواقعها والإنسحاب.

إشارةً الى أنّ التجمّع الأهمّ للجماعات المسلّحة هو في كفرزيتا الواقعة غرب مدينة مورك، ومنها تنطلق مجموعات الإسناد الى كل المحاور وفيها أيضاً مراكز قيادة وغرف عمليات الجماعات المسلّحة ومستودعاتهم الأساسية ومراكزهم الإعلامية.
لهذه الأسباب ستشهد كفرزيتا في المرحلة القادمة هجمات قوية بواسطة سلاح الجو والمدفعية، كما نتوقع أن ترتفع أعداد قيادات الجماعات المسلّحة الذين ستتم تصفيتهم بواسطة سلاح الجو أو حتى بعمليات استهداف خاصة.

والعقيد سهيل الحسن، قبل أن يتولى قيادة وحدة العمليات الخاصة، كان مديراً لعمليات المخابرات الجوية لذلك فهو يهتم كثيراً بجمع المعلومات الإستخباراتية قبل البدء بأية عملية هجومية بحيث تكون ضرباته مزيجاً من اليد الضاربة والعين الثاقبة.
بالتأكيد، سيكون ريف حماه في الأيام القادمة على موعدٍ مع قفزات أخرى لوحدة المهام الخاصة وقائدها العقيد سهيل الحسن، والسبب في تأكدي هذا الأمر هو أنّ "النمر" من القادة الميدانيين الذين يمتازون بالقدرة على قراءة عقل العدو بالشكلين الفردي فيما يخص قادة الجماعات والجماعي فيما يعني السلوك العام وارتباطات المجموعة ببيئتها، "فالنمر" يهتم كثيراً بجمع معلومات تفصيلية عن عدوه للدرجة التي تؤهله الدخول الى عقله وقراءة خططه وأهدافه، وهي ميزة لا تتوفر الا لقادة من نوعٍ خاص.

ختاماً، ليست معارك حماه مرتبطة بحماه وريفها فقط، إنما تتجاوز في أهميتها محيطها لتعكس نتائجها على سير المعارك في كل سورية، وعليه فإننا لا نمتلك إلّا الإنتظار لمعرفة أين ستؤول الأمور.

سلاب نيوز