دام برس :

الملف الاوكراني:

أشار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن روسيا تنتهك الالتزامات الدولية، وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة ومذكرة بودابست عام 1994 بشأن ضمانات الأمن حيث تعهدت روسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة "بالامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأوكرانيا".

يرى دينيس روس, زميل وليام ديفيدسون ومستشار في معهد واشنطن, بأنه لن يقدم أحد على شن حرب بشأن شبه جزيرة القرم، بما في ذلك أوكرانيا. ولدى الكرملين اعتقاد على درجة كبيرة بأن الولايات المتحدة غير مهيئة وليست راغبة بالدخول في حروب جديدة وهذا ما تؤكده المواقف الأمريكية تجاه إيران والأزمة السورية بالإضافة إلى إعلان البنتاغون عن خفض نفقات الدفاع مؤخراً. لكن يتعيّن أن يكون هناك ثمن سياسي واقتصادي، كسحب عضوية روسيا من قمة "مجموعة الثماني"؟ أو فرض عقوبات مستهدفة على الروس, وهذا ما يوصي به دينيس روس. ومن المحتمل أن يرد بوتين بقطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا وبعض الدول الأوروبية أو وقف تعاونهم كجزء من مجموعة "دول الخمسة زائد واحد" بشأن الملف الإيراني. لكن هل تستطيع روسيا تحمل خسارة عائدات وأسواق الغاز الطبيعي؟ وبالمثل, هل يريد بوتين فعلاً أن تتحول إيران إلى دولة تمتلك أسلحة نووية؟ ويضاف هنا التساؤل التالي: هل يستطيع الغرب تحمل إرتفاع أسعار النفط والغاز في حال إنقطاع إمدادات النفط والغاز الروسي عن الأسواق العالمية؟

إن بوتين ليس قوياً كما يبدو, بحسب ما يرى الباحثين كوربوي وكورتني ويالوفيتز, فالاقتصاد الروسي في حالة من التباطؤ، ويعتمد على صادرات النفط والغاز بشكل مفرط إلى أوروبا. كما أن استمرار التمرد الإسلامي في شمال القوقاز هو أمر يزيد من نزيف لموسكو.

إن بوتين يخشى من احتمال انتقال الأزمة الأوكرانية إلى الداخل الروسي, وهو يستغل قضية القرم من أجل ممارسة مزيد من الضغوط على أوكرانيا لإعادتها مجدداً إلى الفلك الروسي. إن موسكو لا ترغب في تقسيم أوكرانيا أو اقتطاع القرم منها, بل تعمل على الحيلولة دون سيطرة الغرب على أوكرانيا.

وبحسب الباحث جويل ووذنا, يجب على واشنطن تشجيع الصين للعب دور أكثر نشاطاً في إيجاد مخرج سلمي للأزمة الأوكرانية, حيث أن لدى الصين مصلحة في استقرار أوكرانيا على المدى الطويل, فهي ثاني أكبر شريك تجاري لأوكرانيا بعد روسيا وترتبط بمصالح عديدة معها. كما أن بكين من أشد المدافعين عن قاعدة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول, فهي تخشى من تدخل القوى الخارجية في أقاليمها الشاسعة.

التزمت الصين الصمت فيما يتعلق باحتمال التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا, فهي لا ترغب في تعقيد علاقاتها مع موسكو لما يجمع بينهما من شراكة اقتصادية وعسكرية وسياسية كبيرة. وتعتقد واشنطن بأن بكين قد تستمر في إلتزام الحياد في الأزمة الأوكرانية, حيث لا تشعر الصين بضرورة دعم الموقف الروسي في أوكرانيا ذلك أن موسكو لم تساند الصين في صراعاتها مع اليابان والفلبين في منطقة بحر الصين. لكن تبقى جميع التوقعات مفتوحة حول مدى التعاون المحتمل بين موسكو والصين.

إن مكانة واشنطن العالمية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط ستتأثر بنتائج الصراع في أوكرانيا, فأصدقاء وحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط يراقبون عن كثب ميزان القوى العالمية وتبدلاته, ويعتقد العديد منهم بأن قوة واشنطن آيلة إلى الإنحسار. ويدعو روس إلى سياسة أمريكية حازمة للرد على روسيا في أوكرانيا. كما يجب على واشنطن أن تطالب السعودية باتخاذ إجراءات عملية للتعبير عن معارضتهم لسياسات روسيا اتجاه سوريا, فالرياض اكتفت بمطالبة الولايات المتحدة بالكثير لتغيير ميزان القوى في سوريا، وكذلك مواجهة الإيرانيين, بينما تمول شراء أسلحة روسية بقيمة 3 مليار دولار لصالح مصر.

وستعمل إدارة أوباما على تجنب تعرض الرئيس للانتقادات أو اتهامه باتباع سياسة استرضائية اتجاه بوتين بما يخص الأزمة الأوكرانية, وتكون الإشارة هنا إلى الاستفادة من دروس سابقة "ميونخ" (اتفاق ميونخ لعام 1938) التي تجسد مثالاً لسياسة الاسترضاء والتنازل التي إنتهجها رئيس الوزراء البريطاني السابق نيفيل تشمبيرلين اتجاه ألمانيا النازية ليتجنب الحرب, وأثبتت لاحقاً أنها كانت أولى الخطوات العملية لإشعال فتيل الحرب العالمية الثانية.

المصدر:

جويل ووذناو, "هل ستساعد الصين على استقرار أوكرانيا؟" ناشيونال إنترست (4 آذار 2014)

دينيس روس, "كيف ستشّكل أوكرانيا مستقبل الشرق الأوسط," نيو ريپبليك (2 آذار 2014)

دينيس كوربوي وويليام كورتني وكينيث يالوفيتز, "الرد على روســـــيا," ناشيونال انترست (4 آذار 2014)

بيتر هاريس, "دروس ميونيخ للأزمة الأوكرانية," ناشيونال إنترست (5 آذار 2014)

ديمتري ترينين، "أهلاً بالحرب الباردة الثانية،" فورين بوليسي (4 أذار 2014)

"الأزمة الأوكرانية," مركز دمشق للدراسات الإستراتيجية (8 آذار 2014)

ماشا ليبمان، استراتيجية بوتين القومي، كارنيغي اندومنت للسلام، 2 أذار 2014.

الملف التركي:

1. صراع السياسة الداخلية:

إثر تكشف فضائح فساد حكومة العدالة والتنمية ورئيس وزرائها إردوغان في 17 من كانون الأول 2013, اتهم الأخير خصومه السياسيين وخاصة حركة غولن بالتآمر للقيام بإنقلاب ضد حكمه. وتعرض إردوغان شخصياً لهجمة ولضربة قاصمة عندما تسربت خمس محادثات هاتفية منفصلة بين إردوغان وإبنه على موقع يوتيوب من 17- 18 كانون الأول. ومضمون المحادثات الخمسة هو محاولة الأب وابنه إخفاء مبالغ مالية ضخمة استحصل عليها من مصادر غير شرعية. ويمكن تلخيص الأضرار التي لحقت بحزب العدالة والتنمية وزعيمه إردوغان بـ فقدان الشرعية. وكان رد إردوغان بأن قام بطرح مشروع القانون الذي يقيّد حريات الإنترنت وقانون إعادة تنظيم المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين, وهما جزء من الحرب ضد حركة غولن. ويسعى إردوغان إلى تقديم صناديق الإقتراع في الإنتخابات القادمة على أنها الحَكَم بشأن قضايا الفساد, وهو ما لا يتوافق مع مبادئ الحكم الديمقراطي حيث المحاكم المستقلة هي من تبت في قضايا إنتهاك القانون واللاشرعية وليس أصوات الناخبين.

وسعى إردوغان إلى تضييق الجبهة التي تقف ضده قبيل إنتخابات 30 آذار المقبلة, حيث وصف عملية إيرجينيكون بأنها مؤامرة، ووضع اللوم على حركة غولن, ذلك لدفع شرائح القومية- اليسارية والكمالية في المجتمع لأن تبقى محايدة. وحاول تصوير حركة غولن كعدو للمجتمع عندما اتهم الحركة بالتنصت على مئات الآلاف من الناس. وأجبر إردوغان الرئيس غول على أن يبقى محايداً عندما كشف بأن حركة غولن كانت تتنصت على غول أيضاً.

وتشير جميع الإجراءات والتصريحات التي تبناها إردوغان إلى أنه إختار طريق القمع والاستبداد للحفاظ على حكمه. ولكن حتماً سيؤدي القمع إلى تدهور الاقتصاد وبالتالي فقدان إردوغان للدعم الذي حققه ضمن قواعد حزبه المحافظة, وسيضطر للمغادرة في آخر المطاف.

المصدر:

قدري غورسيل, "أزمة الشرعية غير المنتهية لإردوغان," موقع المونيتور (5 آذار 2014)

"العثور على أجهزة قنابل في سيارة اسعاف على الحدود," صحيفة آيدنليك (5 آذار 2014)

محمد علي غولر, "تكتيكات إردوغان السبعة للمقاومة," صحيفة آيدنليك (7 آذار 2014)

2. الدور التركي في الأزمة الأوكرانية:

إن الولايات المتحدة تريد أن تستخدم تركيا كمقاول في أوكرانيا كما هو حال دورها في سوريا. يحتاج الأمريكيون لحكومة حزب العدالة والتنمية أولاً من أجل فتح مضائقها البحرية أمام الولايات المتحدة وثانياً من أجل مضايقة روسيا من خلال التتار الذين يمثلون 10 بالمئة من سكان شبه جزيرة القرم . وكشف تقرير نشرته صحيفة آيدنليك تحت عنوان " يد المخابرات التركية في شبه جزيرة القرم" أنه " بطلب من الولايات المتحدة أرسلت تركيا فرقاً من مخابراتها إلى أوكرانيا لتحرض أتراك جزيرة القرم ضد روسيا".

وتمثل قضية القرم عاملاً معقداً بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في ظل استعداد البلاد لإجراء انتخابات الحكومات المحلية في 30 آذار, حيث يقطن ملايين التتار في مدن عدة محافظات تركيا من بينها إسكي شهير وأنقرة وقونيا. ويتبنى العديد من التتار في تركيا وجهة نظر علمانية في السياسات ويغلب عليهم دعم "حزب الشعب الجمهوري" المعارض, وهم الآن يشكلون عامل ضغط كبير على حكومة إردوغان لدفعها للاعتراض على التدخلات الروسية في شبه جزيرة القرم, ولا يملك إردوغان القابع تحت ضغوط متطلبات السياسة الداخلية الوقت الكافي لإنقاذ قضايا السياسة الخارجية.

وفي الوقت ذاته، فإن اعتماد تركيا على روسيا للحصول على ما يزيد على نصف وارداتها من الغاز الطبيعي – فإن ذلك يجعل إردوغان يدرك أن نمو بلاده الاقتصادي وحظوظه السياسية تعتمد على قدرته على الحفاظ على إمدادات النفط والغاز المنتظمة من روسيا – ومخاوف تركيا التاريخية من الروس سوف تحد من ردة فعل أنقرة في حال استيلاء موسكو على شبه جزيرة القرم.

تستورد تركيا ما يقارب 46,6 مليار متر مكعب من الغاز, وتحوز روسيا على 58% من مجمل صادرات الغاز لتركيا. وتعتمد تركيا بشكل كبير على خطوط أنابيب الغاز التي تمر عبر أوكرانيا الغربية, وهي تملك قدرات تخزين محدودة تصل إلى حوالي 3 مليار متر مكعب من الغاز فقط. وساهم ضعف أمن الطاقة في أنقرة بزيادة اعتمادها على العلاقات مع روسيا.

وفي حال اتخاذ حلف الناتو إجراءات في البحر الأسود, من المرجح أن توازن تركيا بين إلتزامات العضوية تجاه الناتو والتزاماتها التعاقدية في "اتفاقية مونترو" العام 1936، التي تضع قيوداً على وصول القوى غير الساحلية إلى البحر الأسود من خلال المضايق التركية. وفي هذه المرحلة من الأزمة الأوكرانية يرجح أن تتخذ أنقرة موقف المترقب المتنظر لرؤية كيفية المواجهة بين واشنطن وموسكو. لكن في حال التصعيد, إلى متى تستطيع تركيا الحفاظ على توازنها الدقيق.

وبالمقدار الذي استهدفت فيه روسيا في أوكرانيا, يتم استهداف الصين من قبل الولايات المتحدة في منطقة شينجيانغ Sincian شرقي الصين التي تقطنها قبائل تركيامسلمة, وتعد هذه المنطقة الخاصرة الرخوة للصين. وتفيد التطورات الأمنية الأخيرة في الصين إلى احتمال تورط الحكومة التركية بالتعاون مع الاستخبارات الأمريكية في حادثة محطة القطار في مدينة يوننان yunnanالتي راح ضحيتها 29 قتيلاً وأكثر من 100 جريح, حيث أفادت التحقيقات والأدلة بأن الفاعلين ينتمون إلى منظمة "تركستان الشرقية". ومن المعروف أن واشنطن تدعم منظمة "تركستان الشرقية" الانفصالية وتديرها عبر الحكومات التركية وأجهزة الاستخبارات التركية منذ سنوات عديدة. ويرى الكاتب التركي محمد علي غولر بأن سبب الاستفزازات في الصين يتعلق أولاً بقيام الولايات المتحدة بجر تركيا إلى أوكرانيا ضد روسيا بعد سوريا وثانياً بسبب موقف الصين الداعم لروسيا في الموضوع الأوكراني. ويضاف إلى ذلك أن السياسة الأمريكية تعمل على زعزعة العلاقات التركية مع الصين وروسيا, فواشنطن تهدف إلى تقسيم تركيا بحسب الكاتب غولر. فالولايات المتحدة تعمل على دعم الحركات الإنفصالية في مختلف مناطق العالم لاستنزاف قدرات الدول وإضعافها على المدى البعيد, وتركيا ليست بمنأى عن ذلك.

المصدر:

محمد علي غولر, "قيمة حزب العدالة والتنمية عندما يتحول إلى غطاء," صحيفة آيدنليك (4 آذار 2014)

سونر چاغاپتاي وجيمس جيفري, "ردود فعل تركيا الخافتة على أزمة جزيرة القرم," معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى (4 آذار 2014)

سميح أيديز, "تركيا محاصرة بالتحركات الروسية في شبه جزيرة القرم," موقع المونيتور (4 آذار 2014)

أولغو أوغوميش, "تركيا تعتمد على الغاز الروسي العابر لأوكرانيا," موقع المونيتور (5 آذار 2014)

الملف المصري:

في أعقاب الانقلاب العسكري في مصر الذي أطاح بحكم الرئيس مرسي، قامت الولايات المتحدة بتعليق نقل العديد من النظم العسكرية إلى مصر، الأمر الذي دفع وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي إلى التوجه نحو موسكو لتنويع مصادر البلاد من المشتريات العسكرية. وتفيد التقارير بأن القاهرة تسعى للحصول على أنظمة دفاع جوي من موسكو - يحتمل أن تشمل صواريخ متطورة من نوع S 300- وكذلك طائرات مقاتلة من طراز ميغ وأسلحة مضادة للدبابات من نوع كورنيت. وفي المرحلة القادمة، يمكن أن تؤدي مبيعات الأسلحة هذه إلى إضعاف الميزة العسكرية النوعية لإسرائيل وتصبح عامل توتر آخر يضاف إلى العلاقات الأمريكية-المصرية. ووصفت بوابة الأخبار المصرية "اليوم السابع" صفقة الأسلحة الروسية بأنها "إعادة التوازن" للعلاقات الدولية و"ثورة ضد سياسات واشنطن." ويرى الباحثان ديفيد شينكر وإريك تراجر بأن أي تغيير في قواعد اللعبة بين مصر وإسرائيل قد يقوض الثقة بين البلدين وربما حتى معاهدة السلام التي تم التوقيع عليها في "كامب ديفيد". وأكد الباحثان أن التمويل السعودي لمشتريات الأسلحة المصرية قد أفسد سياسة واشنطن القائمة على ربط المساعدات العسكرية بالإصلاح السياسي.

المصدر:

ديفيد شينكر وإريك تراجر, "صفقة الأسلحة المصرية مع روسيا: التكاليف الاستراتيجية المحتملة," معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى (4 آذار 2014)

ملف دول الخليج العربية:

1. الهوية الدينية:

تأسس الدين في شبه الجزيرة العربية قبل أكثر من 1400 سنة. وبسبب تاريخ الإسلام في المنطقة، فإن العديد في دول الخليج يربطون الدين مع الهوية الوطنية, وإن الابتعاد عن الدين أو نقده يعادل إبعاد المرء عن الهوية الوطنية. وشكلت المنطقة أرضاً خصبة لتشكل حركات دينية متشددة مثل السلفية الوهابية. وفي المقابل ساهم انتشار الإسلام السياسي في أجزاء من العالم العربي في إبتعاد بعض الشباب في هذه البلدان عن الدين وبدؤوا يتجهون نحو العلمانية أو الإلحاد. في الخليج العربي، غالباً ما يتم الخلط بين الإلحاد والعلمانية, مع الإشارة إلى أن الإلحاد يعاقب عليه القانون دون العلمانية. وعلى الرغم من صعوبة الحصول على أرقام دقيقة لعدد الملحدين في الخليج، نشرت مؤسسة غالوب عام 2012 استطلاعاً بعنوان "المؤشر العالمي للتدين والإلحاد" يبيّن أن عدد الملحدين في السعودية تصل نسبته إلى 5٪ وهو رقم مشابه للولايات المتحدة وأجزاء من أوروبا. وساهمت وسائل الاتصال الاجتماعية في خلق منابر للتواصل بين  الملحدين في المنطقة.

المصدر:

سلطان سعود القاسمي, "إلحاد الخليج في عصر وسائل الإعلام الاجتماعية," موقع المونيتور (3 آذار 2014)

2. انقسام مجلس التعاون الخليجي:

في الخامس من آذار، استدعت المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة سفرائها من قطر، كاشفين بذلك واقع التوترات المتأججة منذ فترة طويلة داخل "مجلس التعاون الخليجي". إن السبب المباشر والرسمي الذي برر بموجبه استدعاء السفراء هو فشل قطر في الوفاء "بوعودها" وفقاً لاتفاق لم يعلن عنه مسبقاً وتم التوصل إليه في اجتماع تشرين الثاني في الرياض ومفاده أنه يتعين على قطر أن لا "تدعم أي طرف يهدف إلى تهديد أمن واستقرار أي عضو في المجلس في إشارة مباشرة إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تعدها السعودية والإمارات على وجه الخصوص بأنها تشكل تهديداً لنظاميهما السياسي.

في صيف عام 2013، اتخذت المملكة العربية السعودية اتخذت دوراً قيادياً في الانتفاضة السورية، مغتصبة دور قطر. وعلى ما يبدو أن محاولات الدوحة لاستعادة زمام المبادرة السياسية في الشرق الأوسط أغضب جيرانها. وفي رحلة وزير الخارجية القطري إلى إيران في أواخر شهر شباط، اقترح مسؤول قطري من طهران بأن تلعب طهران دوراً في محادثات سياسية لإنهاء الأزمة السورية وهو الأمر الذي رفضته الرياض بشدة.

إن المناورة الدبلوماسية لدول الخليج أدت لسقوط مذهل لهيبة دولة قطر. وتواصل قطر أيضاً مواجهة موقف متزعزع في علاقاتها الدبلوماسية مع إيران, حيث تستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة وسياسات البلدين متناقضة تماماً اتجاه الأزمة في سوريا.

إن الخلاف العلني بين دول مجلس التعاون الخليجي الذي يشكل انتكاسة لدبلوماسية الولايات المتحدة مع حلفائها في الخليج هو بند آخر يضاف إلى جدول أعمال الرئيس أوباما في لقائه القادم مع العاهل السعودي الملك عبد الله.

 المصدر:

سايمون هندرسون, "عرب دول الخليج في أزمة," معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى (5 آذار 2014)

إليزابيث ديكنيسون, "كيف خسرت قطر الشرق الأوسط," فورين بوليسي (5 آذار 2014)

الملف الإسرائيلي:

1. إسرائيل والأزمة الأوكرانية

إن تطورات الأحداث في الأزمة الأوكرانية سيفرض معادلات سياسية وعسكرية جديدة على منطقة الشرق الأوسط, حيث إن اتسعت رقعة الحرب شبه الباردة الجديدة بين الكتلتين (روسيا- والصين) و(الولايات المتحدة- والاتحاد الأوروبي) لتمتد من منطقة الشرق الأوسط (في إيران- وسورية) إلى منطقة البحر الأسود والحدود الروسية. فإن هذا يعني انشغال روسيا بجبهتين قد تشهد كل منهما تطور حلول للتهدئة أو مزيداً من التصعيد.

المحللون في الولايات المتحدة يرون أن سلسلة المواقف والتهديدات والاستعدادات التي اتخذتها كل من واشنطن وموسكو تؤشر لفتح بوابة واسعة لمواجهة سياسية حادة سيكون من نتائجها تشكل نظام عالمي جديد. وتدرك إسرائيل أن نتائج المواجهة قد لاتكون في صالح الولايات المتحدة.

ويمكن الاستنتاج بأن أي مصلحة روسية تتحقق في اوكرانيا والبحر الأسود ستحمل معها مكاسب لروسيا في الشرق الأوسط ولحلفائها في هذه المنطقة. ولذلك ظهر أن اسرائيل بدأت تميل إلى تجميد أي توافق مع أمريكا تجاه المفاوضات مع الفلسطينيين بإنتظار ما يمكن أن تفرزه عملية فرز القوى في الساحة الدولية في أعقاب أحداث أوكرانيا.

2. المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية

هناك بعض العقبات "التقليدية" التي تعترض عملية السلام: مسألة حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية، وأمن إسرائيل بعد التوقيع على اتفاق، والمسائل المتعلقة بالقدس، واللاجئين، والمستوطنات. ولكن في الوقت ذاته، هناك عقبات أخرى، غير معروفة بصورة كبيرة، تعترض طريق المفاوضين وهي: خطابات الكراهية والتحريض على العنف من كلا الجانبين. ويرى ديفيد بولوك, باحث في معهد واشنطن, بأن خطاب الكراهية مكرس بشكل أكبر بكثير لدى الجانب الفلسطيني مما هو عليه لدى الإسرائيليين. وفي هذا الشأن دعا بولوك إلى ممارسة الضغوط الأوروبية على الفلسطينيين لوقف التحريض على العنف والكراهية.

وأشار بولوك إلى أن المتشددين من كلا الجانبين يعارضون هذه المفاوضات, وأضاف بأنه عندما يقوم المتشددون من كلا الجانبين بانتقاد سياسة قادتهم، فذلك يعني أن القادة يتجهون نحو التوصل إلى اتفاق.

المصدر:

ديفيد بولوك, "المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية," لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي (29 كانون الثاني 2014)

الملف الروسي:

في كل بلد، جميع خيارات السياسة الخارجية الحساسة هي في جوهرها حول السياسات الداخلية. الخطوة الصحيحة في السياسة الخارجية في الوقت المناسب يمكن أن تعزز مكانة الزعيم وشعبية النظام. وهذا ينطبق على روسيا, حيث تباطؤ اقتصاد البلاد وتفشي الفساد في الحكم جعل من تحقيق نجاحات في السياسة الخارجية أمراً حيوياً للحفاظ على شعبية بوتين. وكان من المفترض للاتحاد الأوراسي أن يكون واحداً من تلك النجاحات في مجال السياسة الخارجية. وعملت موسكو على إبعاد أوكرانيا (المحور الجيوسياسي للاتحاد الأوراسي في المستقبل) عن الغرب والاتحاد الأوروبي. وعندما اندلعت الاحتجاجات ضد يانوكوفيتش، قام الكرملين "بتأطير" الأزمة في أوكرانيا على أنها مثال آخر على اعتداء الغرب على مصالح وأمن روسيا.

المصدر:

ليون أرون, "لم يغزو بوتين أوكرانيا لأنه يستطيع. قام بذلك لأن عليه القيام بذلك," فورين بوليسي (6 آذار 2014)

الملف الأمريكي:

اختارت واشنطن الدبلوماسية للتعامل مع إيران لأن البدائل - الصراع العسكري أو الإذعان وقبول إيران كدولة مسلحة نووياً - سوف تزعزع استقرار حلفاء واشنطن في المنطقة. ويدعوا الباحث مايك سينغ إلى تجنب تصوير المفاوضات مع إيران على أنها تمهيد لإنسحاب أمريكي من المنطقة أو التوصل لاتفاق يجعل إيران تحافظ على قدرات نووية كبيرة, فهذا من شأنه أن يولد المزيد من الصراعات في المنطقة ويدفع إلى ظهور سباق نووي اقليمي.

والطريق الأوضح لتجنب حدوث ذلك هو الإصرار على اتفاق صارم مع إيران والاستعداد لترك طاولة المفاوضات إذا لزم الأمر. وبالتوازي ينبغي على الولايات المتحدة أن تكثف من مشاوراتها مع حلفائها في المنطقة، بما في ذلك دول "مجلس التعاون الخليجي" والأردن وإسرائيل، بشأن إيران والقضايا الإقليمية. وفي المقابل, إذا أهملت الولايات المتحدة الصورة الإقليمية الأكبر وركزت فقط على التوصل إلى اتفاق مع طهران، فقد تكون النتيجة نصر تكتيكي، ولكن هزيمة استراتيجية.

المصدر:

مايك سينغ, "نهج إقليمي للتعامل مع إيران," فورين بوليسي (3 آذار 2014)

الملف الفنزويلي:

بعد مرور عام على رحيل الرئيس تشافيز تحوم التنبؤات حول حكومة مادورو في فنزويلا التي يمكن الإطاحة بها إما عن طريق حركة احتجاجية عنيفة، أو عن طريق انقلاب في داخل الحركة البوليفارية.ولا تزال حالة فنزويلا مختلفة عن "الثورات" في الشرق الأوسط وأوكرانيا، حيث يمتلك الفنزويليين خمسون عاماً من الخبرة في انتخاب قادتهم، وإزالة الآليات الدستورية في وقت مبكر إذا أصبحت لا تحظى بالشعبية. الدعم الشعبي للحلول الانتخابية يوفر بدائل أكثر سلمية لضغط الشارع لإحداث التغيير.

مجموعة واحدة، بقيادة زعيم حزب الإرادة الشعبية ليوبولدو لوبيز وعمدة مترو كراكاس انطونيو ليديزما، بدأت التحرك من أجل التغيير، واختارت ضغط الشارع لتحدي حكومة مادورو وإسقاطها. وفشلت الحكومة في احتواء الاحتجاجات الطلابية في منطقة الأندينز وتاشيرا وميريدا، حيث انعدم الأمن وتصاعدت المشاكل الاقتصادية. واتهمت الحكومة الفنزويلية الولايات المتحدة بتغذية استراتيجية العنف لإسقاط الحكومة الدستورية. وتشير العلامات الأولية إلى أن الحركة الطلابية وإستراتيجية الشارع التي ينتهجها جناح لوبيز المعارض دفع إلى توحيد أنصار تشافيز وراء مادورو.

المصدر: جنيفير ماكوي ومايكل مكارثي, "'إستراتيجية الشارع' تعميق الاضطرابات في فنزويلا," ناشيونال انترست (5 آذار 2014)

مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية

         د. بسام أبو عبد الله