خاص دام برس - بلال سليطين:

الشهداء الأحياء هو خير اسم ممكن أن نطلقه على جرحانا الذين أصيبوا في أرض المعركة إصابات بالغة حولتهم من رجال الميدان الميامين إلى رجال مصابين بنسب عجز متفاوتة، لكن " حماة الديار عليكم سلام أبت أن تذل النفوس الكرام".

بعضهم خسر قدمه وبعضهم خسر بصره فيما خسر بعضهم الآخر قدرته على الحركة والنهوض، ومع ذلك فإن غالبيتهم مازالوا مفعمين بالأمل مقبلين على الحياة ومواجهين لمعركتها كما واجهوا الأعداء في أرض المعركة بكل شجاعة.

لا وصف يليق بتلك الابتسامة المرسومة على وجوههم والتي تخرج من رحم الألم والمعاناة، ولا جمل يمكن أن تعبر عن حجم التضحيات التي قدموها، فمن قدم بصره قدمه لكي نرى نحن ومن قدم ساقه قدمها لكي يمشي أطفالنا وينعمون بمستقبل أكثر أمناً وأماناً.

لا يخفى على أحد أن أعداد المصابين ليست بقليلة وبعضهم أصيب بنسب عجز كبيرة غيرت مجرى حياته، هؤلاء الذين أصابهم رصاص الغدر في أرض المعركة لا يجب أن نسمح بأن يصيبهم رصاص الغدر في خنادق الفساد والروتين.

الجرحى الذين أسميناهم الشهداء الأحياء ممنوع أن يتركوا للحلم وللفساد، فهم أولى بالرعاية والعناية والاهتمام، وتقديم كل ما يلزم لهم.

وهذا ليس واجب الدولة وحدها فهو أيضاً مسؤولية المجتمع المدني السوري الذي من المفترض أن يكون نشطاً، لكن مع الأسف حتى الآن يوجد أشخاص ينظرون بالوطنية على الناس وهم يسكنون في نفس الحي مع شهيد حي لكنهم لم يكلفوا خاطرهم عناء زيارته أو قول كلمة طيبة له ولا حتى إلقاء السلام والتحية عليه.

تقول بعض المصادر أن الحكومة بصدد تشكيل هيئة دعم الجرحى والتي ستتولى مهام رعايتهم والاعتناء بهم وتقديم ما يحتاجونه، لكن إلى متى على هؤلاء الأبطال أن ينتظروا، وعيون آبائهم تشخص إلى الدولة وكلهما أمل بأنها ستنظر إلى حال ولدهم وستبتكر عن طريق العلم حلاً لمشكلته حتى لو كان العلم لم يصل إلى حل لها بعد.

لا كلام يمكن أن يصف شعور والد الشهيد الحي وذويه، ولا أحد يشعر بهم إلا هم، فهم وحدهم من يعيشون معهم ويعملون على تأمين احتياجاتهم، في وقت من المفترض أن يشارك الجميع بهذا الأمر ويقوم كل شخص بدوره.

يقول والد شهيد حي أصيب في كراج حرستا (دمشق) أن أحداً لم يزره أو يقل له كلمة في حالة ولده الذي فقد ساقه ويعاني من آلام شديدة في الأخرى ويحتاج إلى /4/ عمليات جراحية.

يقترح المطلعون والذين يعيشون المعاناة بعض الحلول لهذا الملف، فيقول بعضهم يجب تأسيس جمعيات متخصصة في هذا الشأن (على غرار مجموعة نحن سورية التي تعنى بالشهداء الأحياء)، فيما يقول البعض الآخر أن على الدولة استقدام أطباء من الخارج أو إرسال المصابين للخارج لكي يتلقوا العلاج اللازم ويقترحون أن تكون إيران أو روسيا الوجهة، فيما يقترح أحد الآباء أن يخصص وسيلة نقل تنقل الأبطال المصابين إلى الطبيب للمراجعة لأن تكلفة وسائل النقل تثقل كاهلهم.

المغتربون في الخارج بإمكانهم أن يلعبوا دوراً كبيراً في هذا المجال خصوصاً فيما يتعلق بمواضيع تأمين المفاصل والأطراف الصناعية، أو في إرسال المواد والمعدات الطبية اللازمة، والتي تعاني الحكومة السورية من صعوبة استقدامها نتيجة الحصار الذي يفرضه الغرب على سورية ويذهب ضحيته الشعب السوري بمختلف أطيافه.

لا شيء من الممكن أن يقدمه السوريون للشهداء الأحياء حتى يردوا الدين لهم، فدينهم في رقابنا باقٍ حتى الخلود، إلى أبد سورية الأبدية.