دام برس:

صرحت مستشارة الأمن القومي سوزان رايس لصحيفة نيويورك تايمز في شهر تشرين الأول الماضي أن الرئيس أوباما سيتبع إستراتيجية أكثر تواضعاً في الشرق الأوسط خلال فترة ولايته الثانية.
•
وشددت على أن البيت الأبيض يريد تجنب إحداث أضرار في الشرق الأوسط .
•
وأضافت أنه لا يمكننا أن نصرف كل وقتنا على منطقة واحدة, لكن الواضح من مؤتمر دافوس أن قادة العالم وخاصةً الولايات المتحدة مازالوا بعيدين عن طي صفحة الشرق الأوسط.
•
في الحقيقة لقد بدأ وزير الخارجية كيري جولة جديدة من الزيارات المكوكية إلى الشرق الأوسط, فهو يحاول إحياء عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وشارك في مؤتمر السلام حول سوريا وأجرى مزيداً من المحادثات حول الموضوع النووي الإيراني.
•
فإدارة أوباما تسعى لتبديد أسطورة فك ارتباطها بالشرق الأوسط وأنها لن تنسحب من الشرق الأوسط بحسب ما صرح مصدر لم يكشف عن اسمه لصحيفة الوول ستريت جورنال.
•
وكانت النتيجة مخالفة لتصريحات رايس, فقد استهلكت الإدارة كُل وقتها على قضايا الشرق الأوسط.
•
يجب أن يقلق الرئيس أوباما من الخلافات بين الصين واليابان ومن احتمال قيام حرب بينهما أكثر بكثير من قلقه نتيجة بناء مستوطنات جديدة.
•
وفي مقابلة مع مجلة التايمز في تشرين الأول الماضي لم تقل رايس أن الإدارة تخطط للانسحاب من الشرق الأوسط.
•
بل قالت أن على الإدارة أن تركز بشكلٍ أقل على دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط, والتركيز على عدم الانجرار لتدخل عسكري جديد كالعراق, والإصرار على كبح البرنامج النووي الإيراني من خلال الوسائل الدبلوماسية.
•
قررت إدارة أوباما أن تجعل من المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية أولوية لها.
•
يبدو أن الانخراط في عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية هدفه تلميع صورة كيري بدلاً من كونه مصلحة وطنية للولايات المتحدة.
•
وقد فرح الواقعيون بتخلي أوباما عن نهج سلفه بالعمل على أجندة الحرية, وأنه قرر العمل مع إيران وتخلى عن الحل العسكري في سوريا.
•
أوباما وكيري اتبعوا سلسلة من السياسات المشوشة في الشرق الأوسط واعتمدوا على خفض النفقات والتكاليف, كالانسحاب من العراق وتجنب الحرب مع إيران وتجنب التورط العسكري في سوريا ومنع انتفاضة فلسطينية جديدة والبقاء على علاقة جيدةمع أي نظام ينشئ لحكم مصر.
•
المشكلة الأساسية في هذا النهج الأمريكي أنه يحل كل مشكلة على حدة, فمثلاً قد يجد حلاً للأزمة السورية دون حل المشكلة الطائفية في العراق ولبنان, أو العمل على اتفاق نووي مع إيران بوجود معارضة سعودية وإسرائيل وحتى دون النظر لإستراتيجية إيران الإقليمية.
•
إذاً إن عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تتوسط فيها الولايات المتحدة لن تؤثر على جدول أعمال الولايات المتحدة في الشرق الأوسط رغم أن فرص نجاحها ليست عالية.
•
بينما يريد السعوديون من واشنطن أن تضغط على إسرائيل في عملية السلام وإسرائيل تقاوم هذا الضغط الأمريكي, تقوم كلٌ من إسرائيل والسعودية بالضغط على الولايات المتحدة لتستخدم القوة العسكرية ضد إيران.
•
هذا هو نوع المعضلات التي تواجهها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط حيث أن كل الأمور مترابطة وتشهد تغيرات هائلة, وتخضع بشكلٍ دائم لضغطٍ من اللوبيات السياسية ومن وسائل الإعلام.
•
إن ما يفسر إعادة التقييم الكبيرة التي قامت بها الولايات المتحدة لسياستها في الشرق الأوسط هو مصالحها هناك, فإن عمليات تخفيض التكاليف ربما تأتي بنتيجة عكسية وتسبب ضرراً للولايات المتحدة.
•
إذا قررت إدارة أوباما أن تحول الولايات المتحدة لقوة طاقة عظمى فليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تبقى منغمسة في الشرق الأوسط لهذه الدرجة, ويجب أن تحول بعضاً من مسؤولياتها في المنطقة لبعض القوى الإقليمية والدولية, وأن توجه نفسها نحو المحيط الهادئ.
•
وإذا أرادت إدارة أوباما أن تبقى ملتزمة في المنطقة فعليها أن تستثمر دبلوماسياً وعسكرياً بشكلٍ أكبر وأن تنسى محور شرق آسيا كي لا تصاب بتخبط.
مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية

 د. بسام أبو عبد الله