Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 30 نيسان 2024   الساعة 10:42:57
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الدين كغطاء بين الماضي والحاضر .. محمد فخر الدين مكحّل
دام برس : دام برس | الدين كغطاء بين الماضي والحاضر .. محمد فخر الدين مكحّل

دام برس:

يتبين من قراءة كتاب "الحروب التي غيّرت العالم" للكاتب شارل ماسينجير، وتحديداً في فصل "الحملة الصليبية السابعة".. أن جوهر فكرة الزحف الإسلامي السلفي نحو سوريا لتخليصها، هي فكرة في جوهرها "صليبي"!

فما علاقة السلفية الإسلامية، بالصليبية المسيحية؟!

حيث جاء هذا الفصل على ذكر ما يلي:

"واجه الإمبراطور البيزنطي /آليكسيوس الأول/ معضلتين أساسيتين بدءاً من عام 1071م، الأولى تمثلت بخسارة إمبراطوريته لجزء كبير من آسيا الصغرى (تركيا اليوم) على يد المسلمين السلاجقة، والثانية والأهم، مجموعات الرعاع كما عُرفت، في إمبراطوريته والتي أزعجت سلطته!

برزت فكرة لدى هذا الإمبراطور، وهي التخلص من هؤلاء الرعاع وإقلاق راحة دولة السلاجقة. فاتصل بعدو إمبراطوريته المسيحية الشرقية اللدود، البابا! بابا روما /يوربان الثاني/ وعرض عليه فكرة حرب مقدّسة تتحالف فيها الإمبراطورية البيزنطية في الشرق وممالك أوروبا الخاضعة لسلطة البابا في الغرب، وزج رعاع هذه الدول من المتطرفين ذوو الثقافة الضحلة، المحاربين الأشداء والذين يشكلون خطراً على استقرار الممالك الأوروبية، وإلهاءهم بحرب مقدسة خارجية.

فإما أن يعودوا بالنصر وتجني هذه الممالك ثمرتها بالتخلص من الدولة العربية المشرقية هناك، أو يُقتلوا هناك على أيدي أعدائهم! وتكون الإمبراطورية قد حققت هدفاً أقوى وهو إزاحة الخطر الداخلي للرعاع من المسيحيين المؤمنين المتشددين الذين أقلقوا راحة الحكم. وكل هذا يحتاج إلى إرشاد رسولي لإعطاءه صبغة كنسية دينية مقدسة!

أُعجب البابا بالفكرة أيّما إعجاب، وبدأ فعلاً بالوعظ لحمل المسيحيين على الانجذاب لفكرةتحرير الأراضي المقدسة، واستمر الوعظ في هذا الاتجاه لحين تهيئة الأرضية الشعبية المناسبة لعمل مستقبلي.

أول من التقط إشارة البابا كان ملك فرنسا، وتبعه ملك النرويج، والذين سخّروا الكنائسللزخ الإعلامي الديني التحريضي في هذا الاتجاه.

اكتملت الصورة وبدأت مرحلة التنفيذ، وفي عام 1095 أعلن البابا صراحةً عن احتمال قيام حرب سمّاها "مقدسة" في الشرق ضد من "يضطهد الأخوة المسيحيين هناك، ومن بطش بهم، ومن استباح الأماكن المقدسة و....الخ" على حد زعمه!

وحانت مرحلة تكديس المتطوعين الرعاع والذين أطلق عليهم إمبراطور بيزنطة رسمياً "المرتزقة" في أراضي الإمبراطورية البيزنطية (وهي تركيا اليوم) قادمين من شتى أصقاع أوروبا المسيحية، وحمّلوهم الصليب كرمز لرابطة الوحدة!"

ألا يحرّض هذا أذهاننا على التفكير فيما يحصل اليوم؟

فتاوى دينية لضرب عدو مفترض في بلاد الشام، يبطش بالأهالي، يُنكّل بالعباد، يستبيح المساجد "الأماكن المقدسة"...الخ، على حد زعمهم!!

نفس المواعظ الباباوية في العصور الوسطى عندما كانت أوروبا غارقة حتى أذنيها في هرطقات الدين وهواجسه، تسمع اليوم في الأمة العربية والإسلامية اليوم؟

ألم تتحالف اليوم كل قوى العالم "المتحضر" مع الشيطان (تنظيم القاعدة)، وتسهل تدفق مقاتليه إلى سوريا وغيرها، كما تحالفت بيزنطة مع شيطانها الأكبر يومها "بابا روما" لإضفاء الشرعية الدينية على عمل خبيث؟

ألم يصطف مرتزقة البابا وحكام أوروبا البارحة تحت راية "الصليب" كحلف مقدس ضد العدو المُفترض في الشرق؟ كما اصطف اليوم مرتزقة حكام المسلمين والعرب تحت راية "الله أكبر" كحلف مقدس ضد العدو المُفترض في الشام؟

ومن كان عدو البارحة في الشرق؟

كان "الكفار المحمديون" هم العدو،  الذين احتلوا القدس ونكّلوا بأهلها، مع العلم بأن العبادة كانت متاحة وحُفظت أماكن المسيحيين المقدسة من كنيسة المهد إلى كنيسة القيامة وغيرها لآلاف السنين دون أن تُمس. ولم يعاني مسيحييو فلسطين من أي ضيم أو قهر بشهادة التاريخ موثقاً بالعهدة العمرية.

لكن التهمة ألصقت بالمسلمين، واجتمعت ملوك أوروبا والبابا وعقدوا المؤتمرات والمعاهدات وضخوا المرتزقة كلاً من بلده وجمعوهم في آسيا الصغرى (تركيا اليوم) من أجل "تخليص الشرق وسكانه من جلاّديه.." وتناوب حكام الممالك الأوروبية كلاً حسب دوره على حمل راية الحرب المقدسة والصليب، من ملك إنكلترا إلى ملك الفرانكيين (فرنسا) إلى ملك إسبانيا بغطاءٍ باباوي ديني..

ومن هم أعداء اليوم؟

هم أيضاً "الشبيحة الكفرة "الذين والوا الصفويين الإيرانيين واحتلوا الشام ونكّلوا بأهلها (كما يدّعون)، وبنفس السيناريو، تم إلصاق هذه التهم دون سؤال سكان البلاد والذين لم يشتكوا قط من أي عنصرية أو إقصاء على أساس إثني أو عرقي أو حتى طائفي.. فعقدوا المؤتمرات (أصدقاء الشعب السوري) وأقاموا الائتلافات وتحالفوا وضخوا سلفييهم وجمعوهم في تركيا من أجل تخليص الشام وسكانها من جلاّديهم! وكما تناوب حكام الممالك الأوروبية على حمل راية دعم الحرب المقدسة على الشام، تناوب حكام العرب على حمل راية تسهيل مرور الجهاديين ودعمهم وتغطيتهم سياسياً وإعلامياً بدءاً من آل ثاني وصولاً إلى آل سعود.

استطاعت أوروبا في ذلك العصر من دخول الشرق عنوةً واستقرت فيه ل200 عام، عانى منهم المسيحيون سكان البلاد الأصليين قبل مسلميها (مع أنهم أتوا لتخليص هؤلاء المسيحيين من بطش المسلمين)، تماماً كما يحدث اليوم في شمال سوريا، حيث استقر الحكم لتلك الجماعات الذين أتوا من شتى أصقاع الأرض لحماية الشعب السوري، وها هو الشعب السوري في تلك المناطق يعاني معاناةً لم يشهد مثيلها قط في التاريخ!

بالعودة إلى ما حدث في التاريخ، فقد أتى أخيراً صلاح الدين الأيوبي ليعيد الأمور إلى نصابها، وقد فرحت بدخوله كنائس الشرق وعاشت عصراً ذهبياً من العبادة وازدهار الأماكن المقدسة، إلى أن أتى الإنكليز في القرن العشرين وداسوا قبر الناصر صلاح الدين وقالوا له: "لقد عدنا، فما أنت فاعل اليوم؟" وأتوا باليهود من شتى أصقاع الأرض وأسكنوهم فلسطين الآمنة وانشؤوا دولتهم الصهيونية فيها، وهاهي اليوم كنائس الشرق تُحاصر ويُضطهد رجال الدين فيها!

فهل سيتكرر سيناريو الأمس مع سوريا؟ هل سيستطيعون دخول دمشق؟ عبر ما قد يُعرف بهيئة حكم انتقالي تُقصي من أوصلها إلى السلطة، تُنكّل بمن عارضها ورفض وجودها سواءً من الأقليات أو الأغلبية السكانية؟ ألم ينتفض سكان بعض الأحياء في المدن التي دخلتها "ميليشيات الجيش الحر والنصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام" والتي عانى سكانها من الاختطاف والسلب وانهيار الوضع الأمني..الخ .

هل سيقومون بتهجير المسيحيين وغيرهم من الأقليات وبدعم غربي (المُفترض أنه مسيحي).

فماذا نقول عن اقتحام معلولا الآمنة الغارقة في التاريخ، واختطاف المطارنة، وذبح الضابط المسيحي المنشق عن الجيش العربي السوري بحجة أنه كافر!!!

وإن كان من احتل فلسطين بعد قرون على انتهاء الحملات الصليبية قد جاء باليهود! فمن هم الذين سيأتون إلى سوريا؟

إذاً فالعملية برمتها إسلامية الطابع، صليبية الجوهر!!

مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية

  د. بسام أبو عبد الله
 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   ؟؟؟
لم أعثر إلا على هذا المنشور للكاتب الناشئ -محمد فخر الدين مكحّل- أين أستطيع أن أجد باقي منشوراته عبر-دام برس-؟؟؟ هل هو يكتب فقط في فقرة دراسات مختارة ؟؟ الرجاء الإجابة!! أنا معجبة جدا بأسلوبه
لما  
  0000-00-00 00:00:00   *-*
تحليل منطقي ومقاربات مدورسة .. أتفق معك بالمجمل .. بأن ما تشهده سوريا مرتَّب ومدبَّر من قبل أعداء الإسلام في الشرق والغرب (التاريخ يعيد نفسه),ولكن من وجهة نظري الواقع الذي نعيشه في الدول العربية فرض نفسه وكان بمثابة تربة خصبة لمثل هكذا أحداث فهذا الواقع هو أحد الأسباب الهامة التي راهن عليها المتآمرين على الدين الإسلامي الحنيف في رفع نسبة نجاح ما خطّطوا له والوصول إلى مبتغاهم الدنيء المتمثل بتشويه صورة الدين الإسلامي والقضاء على اللحمة والتآلف بين مختلف فصائل ومكونات المجتمع ..وما لهذا من تداعيات وخيمة على البلاد !. نسأل الله العفو والعافية وأن يؤيدنا بنصره ....... بالنهاية : أسلوب جميل .. وبدايات موفقة .. أنا فخورة بك وبثقافتك وأتمنى لك النجاح وأن تحقق ما تتمناه (عم ادعيلك من كل قلبي بالتوفيق والهداية حمودتي3>)
MonY  
  0000-00-00 00:00:00   الدين كغطاء بين الماضي والحاضر
أئمل في أن الموضوع قد أحاط بجوانب قد غفلت عنا.. فلكل علم مخبر أما العلاقات الدولية، فمخبرها هو التاريخ، وعلى هذا الأساس لا نستطيع معرفة ما يحصل اليوم أو استشراف المستقبل دون إلقاء نظرة على ذيول الماضي الذي أوصلنا إلى الوضع الراهن
محمد فخر الدين مكحّل  
  0000-00-00 00:00:00   سيبقى
سيبقى الدين الاسلامي شعاع نور في قلوب المسلمين
ايهم  
  0000-00-00 00:00:00   الدين الاسلامي
الدين الاسلامي دين محبة و اخاء وتسامح و تعايش و هؤلاء الكلاب قاموا ما قاموا به من اعمال اجرامية لتشويه الدين الاسلامي و لكن خسئو ان يشوهو صورته
تالة  
  0000-00-00 00:00:00   الدين الوهابي
جميع الاديان السماوية تدعو الى المحبة والتسامح والاخاء و لا يوجد دين على وجه الكرة الرضية يحلل الذبح والقتل و هتك الاعراض سوى الدين الوهابي
سماح  
  0000-00-00 00:00:00   وسيلة
الدين بالنسبة لهم وسيلة لتمرير غاياتهم الاباحية
مياس  
  0000-00-00 00:00:00   اخدوه غطاء
هؤلاء يتسترو وراء الدين و اخدوه غطاء لاعمالهم الاجرامية
كارولين  
  0000-00-00 00:00:00   ؟؟؟؟
ان هؤلاء الذين يمارسون القتل والعنف هم ابعد ما يكون الى الدين الاسلامي
مازن  
  0000-00-00 00:00:00   تمشيخو
بعض اللصوص والحرمية و تجار المخدرات ذهبوا خارج القطرر و لبسوا العمامة وتمشيخو و فتوا بقتل الناس فهؤلاء هم من شوه الدين الاسلامي
نوال  
  0000-00-00 00:00:00   الدين الوهابي
هذا هو الدين الوهابي الذي جاء به بني سعود الصهاينة لكي يشوهو صورة الاسلام السمح
سارا  
  0000-00-00 00:00:00   يهود خيبر
هم اتباع يهود خيبر الذين حاربو الر سول (ص )
محمود  
  0000-00-00 00:00:00   هؤلاء
هؤلاء ليسوا مسلمين ولا يمتون للاسلام بصلة
سومر  
  0000-00-00 00:00:00   هل ؟؟؟
هل ما يقومون به من قتل وتقطيع في سوريا جاء بالقران الكريم ما هذه البدعة التي اخترعونها لتشويه الدين
محمد  
  0000-00-00 00:00:00   السليبية
لا فض فوك استاذ بسام هذه هي الحقيقة التي يجهلها الرعاع وتتبناها السليبية العربية (السلفية الصليبية) لكن الشام الله حاميها لان نور النبوة انتقل من المدينة الى الشام كما شاهدها النبي عليه الصلاة والسلام في منامه ورؤياه حق
عمر عثمان  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz