دام برس - وسيم قشلان:

تحوّل برنامج " مع جويل" الذي يُعرض على قناة " إم بي سي" إلى أجواء من الحزن والدموع على غير عادته، عند استقبال سيدة سورية جاءت لتغير مظهرها، لنكتشف أنها فقدت عائلتها وزوجها في الحرب الدائرة هناك، وبدت حلا في صف طويل من المشتركات في البرنامج في انتظار وقوع الاختيار عليها.
سيعتبر البعض ما قررت هذه السيدة السورية فعله أمرا سخيفا وتافها، بل و يسيء لصورة السوريين وتضحياتهم، أن تسعى بهذا الإلحاح والتهافت وعلى الملأ لتغيير شكلها ومظهرها الخارجي في الوقت الذي يموت فيه السوريون، فما بالكم لو كانت عائلتها وزوجها من اولئك الضحايا
على العموم تعاطف الكثير معها وتفهمها واحترمها، فهي بالتأكيد ليست سخيفة، بل ذكية وعميقة الإدراك وتحمل مسؤولية كبيرة على عاتقها تجاه ابنها وأمها الوحيدين المتبقين لها من عائلتها و وطنها .
عندما أقدمت على هذه الخطوة فلأنها بحاجة فعلية لأن تفعل ذلك، تريد أن تتشبث بالحياة فلقد تعبت من الموت كما معظم السوريين، يجب أن نتفهم حالتها ومبرراتها، وأن نحترم تضحيتها بهذه الطريقة في محاولة مشروعة لتغيير واقعها أملاً بفرصة جديدة ومستقبل أفضل.
وهي هنا فعلت تماما ما فعله عشرات الألوف من السوريين الذين هربوا على متن قوارب الموت إلى أوروبا بذات السبب و المبرر.
على أية حال هذه القصة مثال صارخ على حجم التغييرات السيكلوجية والسلوكية والفكرية التي طرأت على الشخصية السورية جراء ما يحصل في البلاد، وعندما تضيف لهذه القصة نزوح كثيرين من السوريين المعتدلين نحو التطرف وبأشنع صوره، وعلى النقيض من ذلك؛ إقبال عشرات الفتيات على خلع الحجاب على الملأ، وإعلان آخرين منحدرين من بيئة دينية تقليدية للإلحاد، وزواج شابين مثليين بهوياتهم المكشوفة أمام الكاميرات، ستدرك أن ما ينتظرنا مستقبل سوري مختلف تماما عما اعتدنا عليه.