دام برس - ريتا قاجو :

من سوريا الواقعة في غرب آسيا، إلى فنزويلا في النصف الثاني من الكرة الأرضية، لا يبدو المشهد مختلفاً كثيراً، حربٌ متعددة المحاور والوجوه، كلا الحربين بدأتا عملياً منذ سنوات طويلة، بعد أن تمخض عن المسيرة التاريخية للبلدين مواقف مبدئية ثابتة لا ترضي أرباب المشروع الإمبريالي في العالم.
حربٌ لم تكن عدتها الرصاص والطائرات فقط، بل أيضاً استهداف  لقمة العيش والمنظومة القيمية والأخلاقية والروح المعنوية لشعبين يستمدان معظم القيم الفكرية والإنسانية من قادة رسخوا في كتب تاريخهم.
على شعب "الأسد" و"شافيز" كانت وسائل الإعلام رأس الحربة في الحرب، فلعلها كانت أنجع من البارود في بث الفوضى والخراب في البلدين.
الحرب في سوريا دخلت عامها الخامس، فسقطت الأقنعة وانكشفت الأوراق، ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة عام 2014 شنت وسائل الإعلام حربها لتكرس أهداف الواقفين وراء المؤامرة، فقلبت الحقائق والمصطلحات وغيرت المفاهيم، وضللت ليس فقط شعوب العالم ، بل ضللت أيضاً جزءاً من السوريين أنفسهم، والذي يزيد الأمر غرابة وربما "سخافة" أن هذه الوسائل ما زالت "متعنتة" مصرة على استمرارها في أكاذيبها و"نكاتها".
الصورة ذاتها اليوم تعيد نفسها في فنزويلا، محاولة لانقلاب عسكري مدعوم من الولايات المتحدة  عبر عصابات "الغواريمبا"، تتبناه وسائل الإعلام الغربية  على أنه "ثورة وحراك" شعبي ضد الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد.
لا يمكن إنكار الوضع السيء الذي تمر به كاراكاس معيشياً، وبنفس الوقت لا يمكن إغفال أن  حكومة الولايات المتحدة وحلفاؤها بارعون في "استغلال الذرائع"، وتمرير المشاريع عبر ألاعيب لم تعد خفية على أحد.
في ذات اليوم الذي أعلن فيه الرئيس نيكولاس مادورو إحباط محاولة الانقلاب العسكرية ضده، تنشر صحيفة "نيويورك تايمز" أخبارها عن هذه القضية واضعة بين قوسين كل كلمة صادرة عن الرأي الحكومي الفنزويلي، لتتبنى بالفم الملآن كل ادعاءات المعارضة وتستشهد بأقوالهم، لتختم خبرها بتصريح للمتحدثة باسم الخارجية الأمريكية "جينيفر بساكي" تصف به ما اسمته ادعاء الرئيس مادورو "بالسخيف".
بالإرهاب والإعلام، ما زالت الحرب مستمرة، نفس طريقة التعاطي، نفس التصريحات على المستوى الدولي، نفس الدور السلبي للمنظمات والمحافل العالمية.
المشهد نفسه في كاراكاس من قلب دمشق... لا داعي للسفر مطلقاً !