دام برس :

تتعاظم القوة العسكرية من خلال زيادة الوجود العسكري للجيش الأحمر في المياه الدافئة، فالقاعدة الجوية التي أعلن الرئيس القبرصي "نيكوس أناستاسياديس" أن بلاده ستطلب من روسيا إنشائها ستكون الرديف الحقيقي للقاعدة البحرية في ميناء طرطوس السوري، وهذا ما يعد ضربة موجعة لكل من أمريكا و الناتو في آن معاً، لتصبح خيارات عسكرة أي من ملفات المواجهة مع روسيا معقدة أكثر.

الطلب القبرصي يأتي وفق ورقة سيتم التوقيع عليها في الخامس و العشرين من الشهر الجاري، ذلك يعني أن الوقت أمام أمريكا بدء ينفذ في حسابات البحث عن نقاط النفوذ  في المنطقة الشرقية من العالم، وقاعدة أنجرليك الجوية في تركيا و غيرها من القواعد الجوية الأمريكية في المنطقة لم تعد الخيار القوي الذي ترتكز عليه أمريكا لتبني قوتها في مواجهة خسائرها على الصعيد السياسي في جملة من الملفات أهمها الملف الأوكراني و الملف السوري، و هي خسائر تبأ بأخذ الطباع التراكمي يوماً بعد آخر وصولاً نقطة الفصل في كلا الملفين، و بذلك يكون للروس القدرة على المناورة و التأثير أكثر في الملفات السياسية من خلال فرض معادلة التوازن العسكري لجهة الانتشار، فالمعادلة ستتبدل حتماً بوجود القاعدة الروسية في الجزيرة القبرصية لتكون التوافقات الكبرى بين واشنطن و موسكو حتمية الحدوث.

من جهة أخرى تستفيد روسيا من وجودها بكثافة عسكرية في البحر المتوسط من خلال تأمين مصالحها الاقتصادية في المنطقة، فالروس يدركون تماماً إن قلب المعادلة لصالحهم في المسائل العالقة في العالم لتحقيق الكسب السياسي الكبيرة و المكتسبات الاقتصادية الناتجة بشكل طبيعي عن تمدد قوتهم خارج المناطق الباردة يحتاج إلى دعم للدبلوماسية بقبضة من حديد و إن كانت الحكومة الروسية تجيد اللعب بأورواقها وفق واقعية السياسة التي تجيدها، فإن الملفات الكبرى العالقة في العالم باتت قريبة من الحل بفعل تكثيف الدبلوماسية الروسية لجهودها في حسم الملفات، مما أجبر المعسكر الغربي على اتخاذ مواقف سلبية للغاية في الأزمة الأوكرانية بكونها الأكثر تهديداً للأمن القومي الروسي و لأن الغرب يعتبر نفسه الأكثر قوة حينما يتجه نحو عسكرة الأزمة، فقراءة المشهد العسكري باتت اليوم أكثير تكثيفاً لصالح الروس بدأ من شبه جزيرة القرم، مما يفيد أن الدرع الصاروخية الأمريكية التي عملت أمريكا على نشرها في أوروبا على امتداد السنوات الماضية باتت أقل فعالية لجهة التهديد، و الحرب الباردة ستضع أوزارها قريباً باتحاد سوفيتي جديد و إن لم يكن معلناً بشكل مباشر.

عربي برس - محمود عبد اللطيف