دام برس ـ سهى سليمان ـ طرطوس :
تحت عنوان: "طريق النصر ـ طريق المقاومة... من تحرير الجنوب غلى نصر سورية" وبرعاية محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى، أقام المركز الثقافي في الشيخ بدر يوم الخميس 14 تموز 2016 الساعة 12 ظهراً، ندوة فكرية سياسية بمشاركة رئيسة من الأستاذين ميخائيل عوض ورفيق نصر الله، وبحضور رسمي وشعبي كبير.
وقد قدمت رئيس المركز الثقافي ليندا إبراهيم لمحة مختصرة عن الضيفين مشيرة إلى أن الدكتور ميخائيل عوض مواليد 1955، تلقى شهاداته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس دمشق، وحاصل على إجازة في العلوم الجيولوجية من جامعة دمشق، والعلوم الإدارية والاقتصادية من جامعة براغ، ودكتوراه في إدارة المشروعات والمؤسسات المأزومة، وهو عضو مؤسس في رابطة الشغيلة حتى عام 2008، ومشارك في التصدي للعدو الصهيوني عام 1978.
كما ساهم في تأسيس عدد كبير من وسائل الإعلام المقروءة والمتلفزة والمواقع الإلكترونية، ومن أبرز مؤلفاته: الانتفاضة.. تحرير فلسطين أمر راهن، الحرب مع سورية استراتيجيات وتشكيلات عسكرية، سورية الإبحار في العاصمة.

أما الأستاذ رفيق خليل نصرالله فهو من مواليد 1950 حولا ـ قضاء مرجعيون، حائز على شهادة دبلوم في الدراسات العليا للشؤون العربي والتاريخ الحديث من بيروت، ومدير المركز الدولي للإعلام والدراسات في بيروت، له العديد من الدراسات والكتب والمحاضرات الفكرية والسياسية والإعلامية والشعرية، وحائز على وسام الاستحقاق اللبناني ذي السعف من رئاسة الجمهورية في لبنان لأدائه الإعلامي.
من أهم إصداراته: "دور الميديا في إدارة الأزمات والحروب، الإعلام العربي والقضية الفلسطينية، المقاومة في جنوب لبنان ـ العمليات الاستشهادية" وغيرها الكثير من المؤلفات الأدبية.
وركزت الشاعرة ليندا إبراهيم في كلمتها الافتتاحية على عوامل حماية سورية بعد خمس سنوات من الأزمة، ألا وهي الثلاثي المقدس: (الشعب والجيش والقائد)، من خلال تضحيات الجيش وشهدائه.
د.عوض: انتصارات المقاومة ضد أمريكا وجميع المتآمرين عليها
بدأ الكاتب اللبناني الدكتور ميخائيل عوض حديثه بالشكر لأهالي الشيخ بدر على استضافته، مذكراً بأن أول رصاصة ضد الاحتلال الفرنسي أطلقت من تلك المنطقة، مؤكداً على وقوفها هي ورجالها الثوار في وجه المحتل مقاومين منذ الزمن القديم كل أشكال الاحتلال.

وأشار الباحث إلى أن هذه الأيام تصادف الذكرى العاشرة لانتصار حرب تموز حيث سجّلت المقاومة اللبنانية ثانٍ نصرٍ كبير عظيم غيّر من توازن القوى الاستراتيجية في الصراع العربي ـ الصهيوني، والذي تعدّ فيه "إسرائيل" أداة لإداء دور وظيفي لحماية مصالح الإمبريالية والغرب، موضحاً أن الانتصارين الأول في عام 2000 والثاني في 2005 لم يكن الانتصار ضدّ "إسرائيل" بل ضدّ أمريكا والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وجميع المتآمرين علينا.
وأكد أن السيد حسن نصر الله هو السيد الوفي الذي أهدى الانتصارات إلى شعب سورية العربي، وجيش المقاومة الجيش العربي السوري، وللرئيس الراحل حافظ الأسد، منوّهاً بتضحيات أبناء المحافظة الذين لم يبخلوا للدفاع عن الوطن والعراق ولبنان وفلسطين، واستقبال الوافدين من كافة المحافظات، فكانت طرطوس سورية مصغرة تجمع كل السوريين وكانت سورية الصدر الواسع الذي حمى الثلاثي (القدس ـ بغداد ـ لبنان).
وعن الأزمة التي تعيشها السوري تحدث أنها طال أمدها وأنها كلفت سورية الكثير من الشهداء والخسائر على كافة الأصعدة، مؤكداً أن النهاية قد اقتربت، وما النصر إلا صبر ساعة.
مؤشرات النصر قريبة... وحلب ستكون مقبرة الأعداء
وأعطى د.عوض بعض المؤشرات على اقتراب النصر من خلال وعد السيد الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير عندما قال لـ "أردوغان ـ لص السياسة" أن حلب ستكون مقبرته ومقبرة مشروعاتك وإخوانك المسلمين، وكما قال السيد حسن نصر الله أن معركة حلب هي مفصلية وستغير من التوازنات.
كما شدد على أن سورية هي نقطة استراتيجية هامة مشبهاً إياها "عمود السماء" وأن كل الأحداث التي تجري فيها ستنعكس بالضرورة على مستوى العالم، مبيناً أن نهاية الأزمة مرتبط ببعض الأحداث المرتقبة أبرزها التضحيات التي يقدمها الجيش العربي السوري والصبر الكبير لذويهم، وانهيار الاتحاد الأوروبي بعد انسحاب بريطانيا، إضافة إلى الانتخابات الأمريكية والانقسامات داخل أمريكا، وانهيار مشروع "اردوغان"، وهزيمة السعودية في اليمن وبحثها عن وساطات والاستعانة بروسيا.
أ.نصر الله: المؤامرة تستهدف ضرب الهوية العربية وإنشاء يهودية الدولة
بدوره رئيس مركز الدراسات والإعلام الدولي رفيق نصر الله تحدث عن أهمية وجودهم في مدينة الشيخ بدر، مدينة الشيخ المجاهد صالح العلي المناضل العروبي الذي يعد من أهم المؤسسين لمفهوم الثورة ضدّ الاحتلال الفرنسي.

وأكّد أن المشروع في المنطقة يهدف لتفتيت الشرق الأوسط، الذي بدأ بالثمانينات مستنداً لثقافة قديمة تسعى لضرب الهوية العربية ومحاولة اقتلاع المواطن العربي من بيئته وتمهيد وجودي وتاريخي وجغرافي لإنشاء يهودية الدولة ولا يمكن لهذا المشروع أن يتمّ إلا إذا قسّمت سورية.
وقدم الإعلامي نصر الله بعض المؤشرات على بداية المشروع التاريخي الخطير، من خلال احتلال أمريكا للعراق كمدخل لتفتيت المنطقة، ومن ثم اغتيال رفيق الحريري، والآن ما يجري في سورية، مشيراً إلى أن خطورة هذا المشروع تتطلب أن تكون المواجهة تاريخية وكبيرة جداً، من خلال رؤية كل ما يجري ووعي وإدراك هدف المشروع.
متغيرات كثيرة والنصر قريب، ومشروع التقسيم فشل
كما أوضح أن هذه الحرب يراد لها باختصار تفتيت سورية، منذ بدء الأحداث ومحاولات اغتيال الرئيس وضرب الجيش السوري وإدخال سورية بحرب أهلية وتقسيمها إلى فيدراليات متناحرة وتقسيمها ضمن خرائط مناطقية، مشدداً على أن المسألة ليست تغيير نظام ولا عدالة ولا حرية، وإنما تتعلق بغرس ثقافة الأقلية في المنطقة لإنهاء ثقافة الوحدة الوطنية والمقاومة والهويات القومية لشعوبنا، وتمهد ليهودية الدولة وإنهاء القضية الفلسطينية.
ودعا في ختام محاضرته للنظر بشيء من التفاؤل والأمل باقتراب الانتصار من خلال متغيرات كثيرة وأن المواجهة أصبحت في أقصاها، وأن كل القوى التي تآمرت على سورية أصبحت الآن تعيش حالة من البؤس وأن سورية والمقاومة هم أصحاب القرار والخيارات في المعركة.
طغيان ميديا الطوائف وثقافة القتل
وفي ختام المحاضرة قدم بعض الحضور مداخلات وتساؤلات تركزت حول دور المثقف في الأزمة السورية، ودور الدول الداعمة لسورية، ودور تركيا في تأجيج الأزمة، وعن أهمية الميديا والحرب الإعلامية.
كما وجهت مؤسسة "دام برس" بفريقها الإعلامي سؤالين حول كيفية إحياء جامعة الدول العربية، وعن الحراك السياسي الذي تشهده سورية من انتخابات مجلس الشعب وتشكيل حكومة جديدة وانتخابات رئاسية مقبلة.
وفي مجمل الردود على هذه التساؤلات تحدث المحاضران عن الموقف القومي مما يجري في سورية، وضرورة الاعتراف بسقوط التيارات الوطنية والقومية في العالم العربي، أمام هذه الهجمة، بعضها تحول لضحية لحملات الميديا، وأصبحت مغيبة عن الشارع العربي الذي احتلته الغرائز وتمكنت ميديا الطوائف وثقافة القتل أن تطغى.
وعبّرا عن ضرورة التجديد في الأحزاب ومحاكاة المستقبل، بأدوات حديثة، انطلاقاً من قومية عربية جديدة تستطيع أن تكون السلاح الفاعل في المستقبل، كما أكدا أن إعادة تشكيل العالم سيبدأ من الأزمة السورية.
أردوغان في مأزق كبير، وضرورة إنشاء مؤسسة للشعوب العربية
وأشار الأستاذان (عوض ونصر الله) إلى استمرار حلف المقاومة الذي يضم سوريا وإيران ولبنان وبمساندة روسيا، للوقوف في وجه تقسيم سورية، والذي هدفت إليه الدول الغربية والإمبريالية من خلال استجرار قوى من أكثر من 80 بلد، ودفع تكاليف باهظة للجهاد في سورية.
كما أوضحا أن سياسة سورية تجاه تركيا التي فتحت الحدود وأدخلت المسلحين إلى داخل الأراضي السورية، لن تتغير أو تغفر ذلك، وأن أردوغان سيصل حتماً إلى مأزق كبير، متطرقاً إلى احتمالية حدوث تسوية لكن بعد تفعيل العديد من الأسماء التركية.

أما عن جامعة الدول العربية، فقد ذكر أ.نصر الله أن آخر مؤتمر حقيقي لجامعة الدول العربية كان مؤتمر الخرطوم عام 1967، وأعلنت فيه "اللاءات الثلاث"، مقترحاً إنشاء مؤسسة للشعوب العربية وليس للأنظمة.
وعن الحراك السياسي الذي شهدته سورية فقد أجاب الدكتور عوض أن ذلك يدل على وثوقية سورية بموقفها، بفكرها، بقضيتها، نافياً حدوث أي تسويات سياسية، ومؤكداً أن دماء الشهداء وتضحياتهم لن تذهب هدراً.
وختم بالحديث عن بعض الخطوات الجيدة فيما يتعلق بالميديا والحرب الإعلامية، وخاصة فيما يتعلق بالمراسلين الحربيين الميدانيين، والحاجة لجيل من الشباب الإعلامي، قادر على أن تلعب دوراً في التصدي لحملات التشويه والتضليل الإعلامي.
أخيراً مؤسسة "دام برس" الإعلامية تتقدم بكل التحية والشكر للمحاضرين والحضور والشكر الأكبر للجهود التي بذلها المركز الثقافي في الشيخ بدر وكل الجهات التي سهلت عمل المؤسسة.