دام برس - سهى سليمان :
لاشكّ أن التفاعل الشعبي مع انتخابات مجلس الشعب ضرورة ملحة في هذه الظروف الصعبة التي تمرّ بها سورية، كما يعدّ ذلك ترجمة للنصر الميداني الذي يحققه الجيش في مكافحته للإرهاب الذي صدّرته الدول الغربية، إضافة إلى أن المشاركة في الانتخابات يعكس صمود الشعب السوري وتمسكه بسيادة دولته مع الأخذ بالاعتبار اختيار الأشخاص الأكفاء القادرين على خدمة بلدهم ومجتمعهم.
وعلى الرغم من أن البعض عبّر عن برنامجه بجمل مختصرة، والبعض الآخر لا برامج انتخابية، والكثير شاركوا في "أعراس ديمقراطية" أخذها الكثير على محمل الجد والالتزام والمسؤولية، فيما استغلها البعض للتعبير عن الفكاهة من خلال حلقات "الدبكة" التي شارك بها بعض المرشحين لمجلس الشعب في إحدى التجمعات الانتخابية، حيث نشر السوريون تلك الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" التي كانت تعبيراً عن حجم المرارة والسخرية في آن واحد.
وفي ظلّ تنافس شديد بين المئات من المرشحين في محافظة طرطوس توجه المواطنين إلى صناديق الانتخاب بهدف المشاركة بالعملية الانتخابية واختيار المرشح القادر على تلبية تطلعاته.‏
مؤسسة "دام برس" جالت على بعض المراكز الانتخابية في المحافظة وكان لها بعض اللقاءات مع بعض الناخبين لتستطلع آرائهم حول سير العملية الانتخابية والمشاركة بها:
لجان المراكز الانتخابية... جاهزية تامة
سام محمد الخطيب رئيس لجنة انتخابية في مركز الشهيد حسن عمار صندوق رقم (413)، تحدث أن العملية الانتخابية سارت بيسر وسهولة وأن القائمين على المركز كانوا مستعدين لتسجيل أي اعتراض محتمل، كما أن جميع المستلزمات متوفرة لتسهيل أداء الناخب لحقه الدستوري.
وأكد أن الجميع شارك بحسّ عال من المسؤولية لأن ذلك يعني الرغبة برسم مستقبل أفضل للوطن والوفاء لانتصارات الجيش العربي السوري، مبيناً أن الجميع يتطلع إلى برلمان يحقق الآمال ويرتقي إلى مستوى ما تواجهه سورية من مخاطر، وهذا مرهون إلى حدّ كبير بنزول الناخبين يوم الانتخاب إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم للمرشح الذي يرون فيه ممثلاً لهم بهدف نقل همومهم إلى قبة المجلس.
وأوضح رئيس اللجنة أنه تم افتتاح المركز في تمام الساعة السابعة صباحاً بحضور وكلاء المرشحين وتمّ التحضير للعملية الانتخابية بالتعاون مع أعضاء اللجنة حيث تم تسجيل الأرقام الوطنية لهويات المواطنين الناخبين بشكل منظم تاركين لهم حرية اختيار مرشحيهم.
لذوي الشهداء هموم ومشكلات
سوء في توزيع المعونات، وأمنيات بالإنصاف
أما السيدة رحاب (أم الشهيد مياس) ذكرت أن المشاركة بالانتخابات واجب وطني وأخلاقي وهو بمثابة دفاع عن الوطن ومساعدة للجيش في تحقيق سيادة البلد، مؤكدة أن مشاركتها هي وفاءً لدماء الشهداء ومن بينهم ابنها مياس مصطفى.
وشكت السيدة رحاب علي (أم الشهيد مياس مصطفى) بعض القائمين على توزيع المعونات التي لا تصل إلى مستحقيها، إضافة إلى سوء التنظيم وحالة التخبط في التوزيع وخاصة تداخل معونات المهجرين مع ذوي الشهداء، متمنية أن يتم تنظيم الأمر لتحصل هي وذوي الشهداء الآخرين على جزء يسير من مستحقاتها.
أما السيدة فداء محمد (شقيقة شهيدين وأولاد عمها شهداء) فذكرت أن مشاركتها في العملية الانتخابية نابعة من إحساسها بمسؤوليتها تجاه الوطن، وإعطاء صوتها لمن يستحق، وأن الإقبال على الانتخابات يمنح الثقة والأمل بالوعي وبهذا الشعب، وهو بمثابة رد الدين ووفاء لدماء الشهداء التي سالت على أرض الوطن.
وتمنت السيدة مطيعة موسى (أم الشهيد بسيم أحمد بلول) على أعضاء مجلس الشعب القادم الاهتمام بواقع المواطن وهمومه، والتركيز على قضايا ذوي الشهداء، حيث أوضحت أن لديها ولد آخر لم يستطع إلى الآن الحصول على فرصة عمل، متوجهة إلى الجهات المعنية مساعدتها في الحصول على تلك الفرصة ولا سيما أنه المعيل الوحيد لهم.
وأثناء ممارسة السيدة رئيفة حسن عمار (أم الشهيدين ـ هشام ومنذر سمير بلول) لحقها الانتخابي الذي اعتبرته أمل بعودة الأمن والأمان، وأن الانتخابات من أجل سورية الوطن، وجدت فرصة لعرض مشكلة لها، حيث لديها ولدان شهيدان، وثالث متطوع ورابع متطوع يؤديان خدمتهما العسكرية في الحرس الجمهوري متمنية الموافقة على طلب نقل أحد ولديها من الحرس الجمهوري إلى "الجيش الشعبي".
المرأة عنصر فعال في العملية الانتخابية
بدورها السيدة رشا سميا رئيس رابطة الاتحاد النسائي في برمانة المشايخ رأت أن المشاركة في الانتخابات تكسب أهمية خاصة في هذه المرحلةبسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية، وحاجتها لأصوات أبنائها لاختيار ممثلين فاعلين قادرين على المساهمة برسم مستقبل أفضل لها، كما أوضحت أن هذا الحق الانتخابي يكرس سيادة الدولة ومبادئ القانون ويكفل للمواطن حرية الاختيار.
كما تحدثت أن المرأة السورية وعبر التاريخ الطويل كانت ولا تزال جنباً إلى جنب مع الرجل في الدفاع عن الوطن وصون كرامته، وهن يستحققن تمثيلاً يليق بهن في مجلس الشعب، وقبول المرأة على المشاركة في هذه العملية الديمقراطية يثبت مجدداً قدرتها العالية على العطاء وحساسيتها تجاه الهموم العامة وقدرتها على التعبير عن الناس وإيصال صوتهم.
وبسؤالها عن دور الاتحاد النسائي في هذه الانتخابات أوضحت أن الاتحاد يقوم من خلال الوحدات النسائية في جميع القرى، على تشجيع المرأة للمشاركة بفعالية وممارسة دورها وحقها وواجبها تجاه الوطن، وإيضاح الدور الهام للنساء في هذه العملية الانتخابية ونشر الوعي بضرورة المشاركة لإيصال هموم وقضايا المرأة إلى قبة المجلس والمساهمة في حلها.
الانتخابات استحقاق دستوري وحالة وطنية
وتحدث الناخب أحمد عيسى حسن في مركز الشهيد أكثم سميا صندوق رقم (414) أن الانتخابات استحقاق دستوري لممارسة مجلس الشعب مهامه كسلطة تشريعية، كما أن المشاركة في العملية الانتخابية حالة وطنية وواجبة تجاه الوطن، وهي رسالة لكل من غادر البلاد للعودة إليها لأن سورية باقية وقوية رغم ما حدث لها من تدمير وخربا.
كما أشار إلى أنه منح صوته للمرشح الوطني الذي يلتزم فعلاً وقولاً بالمبادئ الوطنية وخدمة الوطن، وتلبية جميع المواطنين وخاصة أسر الشهداء والجرحى، مضيفاً أنه اختار الشخص الأقدر لتمثيل هموم ومشاكل أبناء مدينته لإيصالها إلى الجهات المعنية لمعالجتها.
800 مركز وآلاف الناخبين ومئات المرشحين يتنافسون على 13 مقعداً
تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الفرعية القضائية والمحافظ صفوان أبو سعدى قاموا بزيارة بعض المراكز للاطلاع على سير العملية الانتخابية، وقد سجلت بعض الشكاوى حول سقوط بعض الأسماء سهواً وتمّ العمل على معالجة هذه المشكلات مباشرة.
وكانت ‏رؤساء لجان المراكز الانتخابية في محافظة طرطوس أدت اليمين القانونية المنصوص عليه بقانون الانتخابات العامة استعداداً لانتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثاني في 13 نيسان، حيث تجاوز عدد المراكز في محافظة طرطوس عن 800 مركزاً تم تأمينها بكل مستلزمات العملية الانتخابية، وبلغ عدد المراكز الانتخابية العائدة للوافدين من محافظات (مدينة حلب-ريف حلب-الرقة- إدلب) 41 مركزاً موزعين في الصالة الرياضية ومراكز الوافدين في مدينة طرطوس وفي الطلائع والحميدية وبصيرة والشيخ سعد ودوير الشيخ سعد وبانياس والخ.‏. بينما يتجاوز عدد ناخبي المحافظة 708 آلاف ناخب ومرشحيها 131 مرشحاً يتنافسون على 13 مقعدا.
كما مددت اللجنة القضائية العليا للانتخابات فترة انتخابات مجلس الشعب لمدة خمس ساعات حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً من يوم 13 نيسان في جميع المراكز، وقد أتاح قرار التمديد الفرصة أمام الناخبين الذين لم يتسن لهم أن يمارسوا حقهم الانتخابي فتوافدوا إلى مراكز الاقتراع لاختيار ممثليهم في مجلس الشعب في وقت أكد فيه معظمهم على أن الانتخاب حق وواجب وطني له دوره في بناء مستقبل سورية.
ويبقى التساؤل الأكبر... هل سيكون أعضاء مجلس الشعب على مستوى تطلعات وآمال الشعب؟ هذا ما نتمناه وإن صعب تحقيقه....