دام برس – بلال سليطين :

بلباس عربي أبيض اللون يستقبل الشيخ "خالد الضاهر" قائد مجموعات الدفاع الشعبي في مطار أبوالضهور المعزين بالشهداء الذين قضوا دفاعاً عن المطار الذي سيطر عليه جيش الفتح بقيادة جبهة النصرة قبل أيام.

يقول "الضاهر" لدام برس مقاتلونا لم ينسحبوا من المطار الواقع شرق إدلب وقاتلوا حتى اللحظة الأخيرة رافضين التخلي عن مهامهم، إنهم نبلاء وقفوا إلى جانب جيش بلادهم ودافعوا عن أرضهم حتى قضوا وهم مؤمنون بالقضية التي يدافعون عنها، وبعضهم نفذ عمليات استشهادية بين صفوف المجموعات التي هاجمت المطار من شدة إيمانهم بالعمل الذي يقومون به وإداركهم للشر الذي يحمله هؤلاء المسلحون والخطر الذي يمثلونه على الدين والوطن والشعب حسب تعبير "الضاهر".

في صالة العزاء التي أقيمت باللاذقية حيث تسكن عوائل المقاتلين الشهداء لايغيب الحزن على الفراق، لكن في المقابل تلحظ في العيون شعلةً نار تتقد، عشرات المقاتلين يرتدون البذات العسكرية ويستقبلون المعزين، هم أيضاً قادمون من جبهات أخرى لتقبل العزاء بأخوتهم وأبنائهم وأقربائهم الذين قضوا بالمطار ومن ثم سيعودون إلى مواقع القتال يؤكد "الضاهر"، ويضيف:شارك من عشيرتنا قرابة مائة مقاتل في حماية المطار وقد باتوا جميعاً بين شهداء وجرحى وأسرى ومفقودين، ويمضي ليقول:هذه الضربة لاتقتلنا وإنما تقوينا وسنعود إلى ساحات القتال فور انتهاء مراسم العزاء فلا شيء يثنينا عن ذلك.

"الضاهر" _ وهو لم يكن في المطار مع المقاتلين لحظة سقوطه_ يؤكد أن العاصفة الرملية التي ضربت سورية قبل ايام غيرت المعادلة وخلقت واقعاً جديداً كان من الصعب التعامل معه، ويضيف لدام برس:المطار حوصر تماماً في 17 شباط 2015 ومنذ ذلك التاريخ لم تهبط طائرة في حرمه وبالتالي بدأت عمليات الإمداد من الجو وكذلك المؤازرة الجوية في حال الضرورة، وقد صمد المقاتلون على اثر ذلك صموداً أسطورياً وسبق أن طرحنا فكرة إخلاء المطار لكن كان جواب المقاتلين بالداخل كان بأنهم يرفضون ذلك حتى قائد المطار العميد "إحسان الزهور" وفي آخر اتصال معه صباح الثلاثاء ليلة سقوط المطار رفض فكرة الانسحاب وأكد أنه يفضل الاستشهاد وهو يدافع عنه، في ظل عدم قدرة الطيران على التدخل بفعل العاصفة واستحالة وصول المؤازرة براً بهذه السرعة.

حامية المطار استطاعت صد هجوم عنيف قبل أيام من سقوط المطار وقتلت وجرحت مايزيد عن 500 إرهابي بحسب "الضاهر"، وعلى إثر ذلك انسحب المهاجمون لكنهم عادوا صباح الأحد بعد أن وجدوا الفرصة سانحة بوجود العاصفة وقد استمرت المعركة يومان متواصلان دون توقف ما أنهك المجموعات المدافعة والتي كانت تؤكد خلال تواصلنا معها أن الرصاص لم يتوقف للحظة خصوصاً من جهة جناح الوقود والسور الشمالي الشرق.

زعيم عشيرة الحليبات التي تضم مئات المقاتلين من إدلب يؤكد أن بعض المجموعات استطاعت عقب سقوط المطار ونفاذ الذخيرة أن تنسحب باتجاه "خناصر" لكن أحداً من هذه المجموعات لم يصل حتى لحظة إعداد هذه السطور (بعد ظهر الأحد)، ويؤكد ثقته بالأهالي المتواجدين في مناطق قريبة من المطار وبأنهم لن يتخلوا عن المقاتلين الذين توقع بدء وصول قسم منهم في الساعات القادمة لمنطقة خناصر حيث يوجد الجيش السوري، ويقول:إن أهالي المنطقة مع الدولة ومع جيش البلاد ولكن لايجرؤون على إعلان ذلك في ظل بطش جبهة النصرة بهم وإرهابهم وتخويفهم، ويضيف إن هؤلاء الناس سيقومون بواجبهم وهم ينتظرون عودة الدولة ليقاتلوا معها.

"الضاهر" وهو ابن قرية وردة الغربية قضاء إدلب رد على تصريحات الشيخ السعودي عبد المحيسني والتي أطلقها من أرض المطار داعياً السنّة للانشقاق عن الجيش العربي السوري، وقال:نحن العرب السنّة باقون مع الدولة وسنقاتل حيث يطلب منا ذلك وولاؤنا للجيش العربي السوري وقيادته مطلق، وقد قدمنا آلاف الشهداء وسنستمر في التقديم إلى أن نقضي على المحيسني وأمثاله ونعيد للبلاد الأمن والأمان ويعود أهلنا إلى منازلهم التي هجروا منها، فلا نقبل أن يقرر مصير سورية إلا السوريين.

المطار كان رمزاً لوجود الدولة بالنسبة لأهالي المنطقة يقول الضاهر، ويختم حديثه بأن أهالي الشهداء الذين هجروا من قراهم ومدنهم مصرون على العودة لها، ويشكر لأهالي اللاذقية مشاركتهم العزاء الذي تم بدون أن يدفن الشهداء فجثامينهم مازالت في أرض المطار وأعدادهم لم تحصر بعد.