Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 06 حزيران 2024   الساعة 23:52:15
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
سورية ... خسائر المستقبل .. بقلم : علاء مخائيل
دام برس : دام برس | سورية ... خسائر المستقبل .. بقلم : علاء مخائيل

دام برس:

كثيرة هي الأرقام التي تتحدث عن كلفة الحرب السورية والجميع بات يعلم اليوم أن كلفة هذه الحرب تجاوزت مئات إن لم نقل آلاف مليارات الدولارات كخسائر مادية في المدن والقرى والبنى التحتية وكافة القطاعات الاقتصادية والخدمية.

في الحروب لا يجب أن يقاس حجم الدمار بالمقياس المادي فقط , أي أن الدمار الذي طال المنازل و المؤسسات الحكومية منها والخاصة والبنى التحتية والجوانب الحيوية في البلاد ليس هو فقط ما يعتبر خسائر للمجتمعات التي تعاني من ويلات الحروب بل يجب أن يضاف إلى ذلك كلفة وحجم الدمار المجتمعي الذي حصل والذي يتجاوز بمرات حجم الدمار المادي كما تعتبر كلفة إصلاحه هي الأغلى والأعلى. فالعنصر البشري هو الأهم في أي مجتمع وهو من يعيد بناء المؤسسات ويرمم القطاعات الاقتصادية والخدمية ولذلك تنفق الدول العظمى مئات مليارات الدولارت على تدريب وتأهيل كوادرها في سبيل تنمية المجتمعات واذا أراد السوريون إعادة بناء سورية يجب أن يستعيدوا بناء الإنسان كخطوة أولى وأساسية في طريق إعادة إعمار سورية.

هل تساءلتم يوما كم أصبح عدد النساء الأرامل في سورية خلال سنوات الحرب الخمس وكم عدد الاطفال الذين أضحوا يتيمي أحد الوالدين أو كليهما؟

منذ فترة نقلت إحدى وكالات الأنباء أن عشرة آلاف طفل سوري باتوا مجهولي المصير. هؤلاء الأطفال فقدوا في الطريق إلى أوروبا خلال رحلة اللجوء بينما ضاعت أسر بأكملها أو فقد أحد أفرادها غرقاً خلال محاولة عبور بحر إيجة باتجاه الجنة الأوروبية الموعودة وماتزال صورة الطفل السوري إيلان على أحد شواطئ تركيا ماثلة في الأذهان حتى اليوم.

قبل الحرب السورية كانت نسبة الشباب في المجتمع السوري تتجاوز الخمسين بالمئة وأغلبهم كان شباباً متعلما مثقفاً من أصحاب الشهادات العليا , وكان المجتمع يوصف بأنه مجتمع شاب لغلبة الفئة الشابة الفتية بين فئات المجتمع الأخرى أما اليوم فالشباب إما قتلوا على الجبهات أو توزعوا في جهات الأرض الأربع بحثا عن مصير أفضل ومن بقي ونجا من جبهات القتال هواليوم في حالة عجزٍ كليٍ أو جزئي ناجمة عن المعارك أو فاقد لطرف من أطرافه أو معاق بإعاقة تمنعه من تقديم  شيء لمحيطه وغالبا سيكون بحاجة  لرعاية من نوع خاص وعمل من نوع خاص ومما ذكر لا نتوقع عندما تنتهي الحرب أن تكون سورية أو بنيتها التحتية مؤهلة بما فيه الكفاية.

كثيرة هي المؤسسات التي حاولت تقدير كلفة الحرب في سورية وكانت أكثر التقديرات تفاؤلاً تشير إلى أن حجم الخسائر يأخذ منحىً كارثياً بكل المقاييس وطبعا الحديث دائماً يكون عن الخسائر المادية .

حيث وفي أحدث دراسة أجراها مركز “فرونتيير إيكونوميكس” الأسترالي للاستشارات ومؤسسة “ورلد فيجن” أن الخسائر الاقتصادية للحرب في سورية تقدر بنحو 689 مليار دولار إذا توقفت الآن، وأنها قد تصل إلى 1.3 تريليون دولار إذا استمرت الحرب حتى عام 2020. وأن هذه الخسائر أكبر بـ 140 مرة من تقديرات الأمم المتحدة والدول المانحة، وأشارت الدراسة إلى أن نصيب الفرد السوري من الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 45% بسبب الحرب.

هذا وقد أشارت بعض الاحصائيات وهي بالمناسبة غير دقيقة وغير نهائية أن سورية خسرت خلال الحرب ما قيمته 235 مليار ليرة سورية في قطاع التربية فقط بالقياس إلى أسعار منتصف عام 2015 حيث بيّنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في تقرير صدر في أيلول من العام 2015، أن "2.4 مليون طفل في سورية" لا يرتادون المدارس بسبب الحرب التي تشهدها البلاد كما خرج ما يزيد عن 5000 مدرسة من الخدمة إما بسبب التدمير أو بسبب استقبالها لنازحين من مناطق أخرى هجروا منازلهم بسبب دخول مجموعات مسلحة إلى مناطقهم.

2.4 مليون طفل بلا مدارس لنتخيل الرقم ولنتخيل كم من هؤلاء سيكون عبئاً على المجتمع السوري مستقبلا إن لم يتم تدارك الأمر بشكل أو بآخر , كم منهم كان في طريقه ليصبح طبيبا أو مهندساً أو محامياً وتغير الطريق بين ليلة وضحاها.

طبعا ليس بين أيدينا إحصاءات دقيقة عن الخسائر البشرية التي طالت المجتمع السوري ولا يمكن حصرها بشكل كامل ودقيق لعدة أسباب منها طبيعة الحرب السورية وغياب العمل الحكومي والمراكز المتخصصة بهذا النوع من الإحصائيات حيث تشير الأرقام إلى أن أكثر من 5000 طبيب سوري لجأوا إلى ألمانيا  فقط خلال سنوات الحرب وما يقارب هذا العدد من المهندسين أيضا ما يعني نحو ثمانية مليارات دولار أنفقتها سوريا على تأهيلهم انتقلت عبرهم إلى مختلف الولايات الألمانية. وهو رقم يزيد على تكاليف استيعاب اللاجئين السوريين وغير السوريين الذي خصصت لها الحكومة الألمانية 6 مليارات دولار.

الخسائر هي الخسائر ولكن الخسائر البشرية تبقى هي الأغلى والأعلى لأن تعويضها يحتاج عدة أجيال وقد لا يتم تعويضها بالشكل المناسب ليخدم المجتمع خاصة في غياب الخطط الواضحة والعملية وإذا أضيفت هذه الخسائر إلى الخسائر المادية سنعرف حقا حجم الكارثة التي حلت بسورية وشعبها ومستقبلها خلال العقود إن لم نقل القرون القادمة.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz