دام برس:

إذا وضـعـت َ أحـدا فــوق قـَـــدره
فــتـوقــع أنْ يــضـعـك دون قــَـــــدرك 
كــاتـب الســطـور لــست مـِنْ المـتفـاجـئـيـن  بقــرار الســيـد مـقـتـدى الـصـدر بـإعــتـزال العـمـل الســيـاســي وإغـلاقــة لبـوابـات  مـكـاتـب التـيـار الصـدري  فــي بغـــداد والمـحـافظــات وتـخليــه عـن كتلــة الاحـرار النيـابيــه ونـوابهــا  , وفـي نـفـس الـوقــت لســـتَ مـِـمـنْ يـــأخــذ قــرارات الســيـد الصـدر وتـصـريحـاتــه مــأخــذ الجــد والثـبـات ولا يـبـنــي عـليهــا , فـلقــد أدمـنـا عـلـى اســتدراكـات السيـد الـصـدر وتـراجعـاتــه , وتعــودنــا عـلـى خـروجـــه مـِنْ البــاب وعــودتـــــه مـِنْ الشــبـاك او العــكـس احــيـانـنــا , فــلا الســيـد الصــدر بـرجــل الســيـاسيــة الـذي يعـرف مـاذا يـريــــد وأيــن تــقف حــــدود طـمـوحـاتــــه ولا التـيـار الصـدري بالحـزب  صـاحب  الهيكليــة التنظيميـة السيـاسيــة  و لا الفكـريــه العقـائـديــه ,  حـيث  وجـد السيد مقـتدى  نـفســه  قـائـدا دينيـا وحـوزويـا  وسياسيـا  فـي ظــل ظـروف اســتثنـائيــة طـارئــه خـلقـتهـا لحظــة انهيـار دولــة نظـام حـزب السلطـه  في بغـداد  ووقـوع العـراق بين فكـي كمـاشــة احـتلال وفــوضـى انهيــار ,  وكـل الـذي يملكــه السيد الصدر  لا يتعـدى حلقـة الإرث العـائلــي الحـوزوي الـذي  لايـرتـقـي الـى تــوصـيفات الفكــر السيـاسي و  العقـائدي الديني ,  فـالمشـروع الفكـري الـذي كـاد أنْ يــؤسس لــه السيد محمـد صـادر الصـدر قــد اجهـض فـي مهــده لحظـة اغتيـالــه  وكـل مـا تركــه الصـدر الأب  مجـرد خـطـب دينيــه وتنظيـر اجتمـاعـي مبتـور وغيـر نـاضـج  مـن الاجحـاف تـرقيتــه الـى مســتوى الفكـر العقـائـدي الجـامـع الـذي يمكـن البنـاء عـليــه , نـاهيـك عـن  إنَه لا الســيـد مقـتدى ولا غـيـرة مـِنْ تـلامـذة  الصـدر الثـانـي قــد اكمـلـوا او حـتى طـوروا مـا بــدأ بــه الرجل  ,  بـل علـى العكـس مـن ذلـك اجتهـدوا و حـاول كـل منهـم أنْ يـؤسس لنفســه خـط حـوزوي وسيـاسي خـاص بــه  ولـم يفلحــوا , لأنهـم بكـل بسـاطــة لا يمتلـكـون مشــروع فكـري واضـح يمكنهـم الارتقـاء مـن خـلالـه الـى المســتوى الذي يـؤهلهـم الـى قيـادة الشــارع  .

لا نـخـتلف مـع الســيـد مقـتـدى الصـدر فــي قـرار اعـتـزالـه بــل نـذهـب ابعـد مـن الســيد نفســه ونـرى فيــه الـتزام اخـلاقــي كـان لابــد منــه لو كان قـراره هـذا  فعليا  وليس تكتيكيـا  , خصـوصـا  بعــد أنْ اصـبحـت كـتلـة الاحــرار التـابعــه لــه  مســتنقـع للفســاد والسـرقــة  و حـيث تـربـع نـوابهـا علـى عـروش المـال المـسـروق بطـرق التحـايـل والتـلاعـب عبـر المنـاقصـات والشـركـات التجـاريـة والمصـارف التي تـدار بصـورة مبـاشـرة او غيـر مبـاشـره مـن قبلهـم ,  لكـن الـسـؤال الـذي كـان يجــب علـى السيـد مقـتدى مصـارحـة العـامـة بـــه مـن البســطاء الـذيـن طـالمـا نـزلـوا الشـوارع وهتـفـوا بـإسمــه  وحملـو الســلاح واعـطـوا التضحيـات وســقـط مـا سـقـط مـنهـم شهــداء  ودخل مـادخـل منهـم السجـون والمعـتقـلات تلبيــة لفتـاويــه وقـرارتــه  , أيــن كــان السيــد الصـدر طـوال هــذة الســنـوات مـن مــاء  الفسـاد والانحـراف الـذي جـرى مـن تحــت اقــدامـــه , فـإنْ  كـان الصدر  يعـلـم وارتضـى السكـوت طـوال هــذة الفتـره  فهــذة مصـيبــة , وإنْ كـان لا يدري ولايعـي ولايعـرف  فهــذة مصيبــة مضـاعفــة ؟ ثــم أليـــس هـو  الـذي دعــم وأوصــل هـؤلاء النـواب الـى منـاصبهـم و أوصــى بـإنتخـابهـم وكـان مـِنْ الوجـوب  والمنطـق أنْ يكـون اخـتيـاره لهـم  مبنـي علـى مـواصفـات ومعـاييـر يخـتلـف بهـا عـن الآخـريـن فـي اختيـار وترشــيح نـوابهـم    ؟

أنْ يـعـود السـيـد مقــتـدى الصـدر الـى لعبــة السـيـاسيـة مـن شــباكهـا ويـسحـب نـواب كتـلــة الاحــرار  ووزرائـهـا اســتقـالاتهـم ويـُـثـبـت مـُرشـــحيـهـا الجــدد تـرشــيحـاتهـم فـهــذا شــــأنــه , ولسـت بالمخفــي  علـينـا   إنَ قـرار  الانسحـاب والعـدول تكتيكيــا عـنــه , إنمـا    يــدخـل مـِنْ بــاب اوراق لعبــة الانتخـابـات البرلمـانيــة المقبلــه و الـدعـايـة لهــا  عـبــر  اثــارة زوبعـات اعـلاميــه وتضخيـم ادوار مفتعلــه  , والأيـام ســتـثـبت صحــة قـرائتنـا هـذه  وستزيـح الغطـاء عــن مـا يـراه البعـض الآن  مســتـورا , ولكــن أنْ يحـاول السـيـد مقـتدى الصـدر خـلط الحـابـل بـالنـابـل وإلقـاء التهـم  علـى فـرقـاء تيـاره  بالعمليــة الســيـاسيـة جـزافــا , وكـأنــه يـعيش فـي كـوكـب آخـر وليس شــريكـا لمـن يلقـي اتهـامـاتـه وتـوصيفـاتـه عليهــم , ســواء فــي شـراكـته لهـم بمجـلس النـواب ومشــاريع قــوانينــه أومجـلس الوزراء  وقـراراتــه , فـالأمـر مـردود عـليــه , وكـان الأحـرى بــه  أولا أنْ يــديـن نـفســـه قـبـل أنْ يـتحـدث عـن الآخـريـن ويعـايـرهــم بـالـدكـتـاتـوريــة والطغيــان والاســتفراد بـالقـرارات  , فـالسيــد مقـتدى لــم يـُـنـَصَـبْ علـى زعـامـة تيـاره الصـدري بـأنتخـابـات أو أي ممـارســه ديمقـراطيــة  حـتـى لـو كـانت  شكليــه , بـل اســتورثهـا عـن ابيــه حـالـه حـال عمـار الحكيـم والـذيـن سبقــوه  , ولـلأسـف إنْ  الزعـامـات الدينيـة والسيـاسيـة فـي العـراق وعنـد الشيعـة  اصبحت طابـو صـرف فـي جيـوب البعـض ,  و الحـال ينطـبق علـى مـا يسمـى بـالقيـادات السيـاسيـة والدينيـه للتيـار الصدري التي تـم تعيينهـا وتـوظيفهـا مـن قـبل السيد مقـتدى الصـدر شـخصيــا ,  ولـم نسمـع يـومـا مـا إنَ هنـاك انتخـابات ولا مـؤتمـرات  سـياسيـة لقيـادات هذا التيـار وكـوادرة المتنفــذة , بـل سمعنـا وشـاهـدنـا اسـتفـتاءات عبثيــه لا قيمـة لهـا وفيهـا استغـباء للعـامـة البسطـاء فـي الشـارع  عـن مـُرشحـين لرئـاسـة الوزراء او لمجلس النـواب  , وفـي نهـايــة الأمـر وجـدت نتائجهـا طـريقهـا الـى أقـرب سلــة مهمـلات , هذا اذ لـم تكـن قـد  رميـت فـي الشـارع  حـالهـا حـال الكثيـر مـن ( الكصـوصـات ) التي تحـدث عنهـا السيـد مقـتدى فـي آخـر خطـابـاتـه  .

وقـفنـا مـع السـيـد مقـتدى و الشـارع الـصـدري جمعـا  عـنـدمـا كـان للـبـندقيـة المقـاومـة مكـان عـلـى اكـتـاف جمهـوره ومـؤيـديـه وانصـاره , ولنهـج المقـاومـة وخـطهـا ومشـروعهـا فضـاء فـي خـطـابـات السـيـد الصـدر , ولكــن التـراجعـات التـدريجيــه وفـوضـى المـواقــف وتـدحـرجـاتهـا التي وصـل الحـد عـنـدهـا الـى رفـع بعـض جمهـور التيـار الصـدري  لإعـلام مـا يسـمـى ( الجيش الح ر الســوري  ) , و تخـنـدق آخـريـن  منهـم فـي ذات الخـنـدق الـذي تـتـخذ منــه داعش واخـواتهـا غطـاء لـتمـريـر اجـرامهـا وارهـابهـا فـي منـاطـق بعينهـا على الخـارطـة العـراقيــة ,  وتـصـدر النـواب الصـدرييـن لقـوائـم الفـاسـديـن والمنتفعـيـن والمسـتهـتريـن بـالقيـم الوطنيـة والاخـلاقيــة , وتـعـمـد بعـض الـشـخصيـات المقـربـه مـن السيـد الصـدر الاسـاءة والتسـقيـط لـلأخـوة فـي المقـاومـة الاسـلاميـة وعصـائب اهـل الحـق  , والاصطفـاف مـع الحمـلات الاعـلاميـة التي تشـنهـا جهـات مـرتبطـة بـأجنـده خـارجيـة وهـابيـه وتكفيـريـه ومـذهبيـة بـالضـد مـن رجـالات لـواء ابـو الفضـل العبـاس المـدافعيـن عـن مقـام السيـدة زينـب ( ع ) , وضـعتنـا امـام اختيـاريـة أمـا أنْ نجـامـل عـلـى حسـاب ثـوابـتنـا أو نـكـون عـنـد إلزامات مـبدئيتهـا , وبكـل تـأكيــد لسـنـا مـِـمـَـن يـمسـك العصـا مـن مـنتصفهـا ولا نتخفـى وراء اصـابعنـا  ولا نخشـى  فـي الحـق لـومـة لائـم , وطـالمـا نـاشـدنـا السـيـد الصـدر مـرات ومـرات , ونـوهـنـا عـن ممـارسـات خـاطئـه كـان عـليــه الـوقــوف عـنـدهـا وتصـحيـح مسـاراتها الخـاطئـه والمنحـرفــة , لكـن يبـدو إنَ السيـد مقـتدى مـن المـُـدمنـيـن علـى زوبعـات الضجيـج الاعـلامـي ويهـوى تـراجيـديـا الـدرامـا السيـاسية التظلميــه  ولعبــة الخـروج مـن البـاب والعـودة مـن الشــبـاك .

* الأمـام عـلـي ( ع )

al_asadi@aol.com