دام برس:

اليوم هو عيد الرياضة ولا شك ان الوصول الى اعلى درجات الرقي يوجب تخصيص عيد للرياضة فتصبح هناك عطلتان رسميتان لا ثالثة لهما العيد الوطني وعيد الرياضة

الشوارع خالية والكل ينام حتى الظهيرة لان مفهوم العطلة بالنسبة للجميع هو العطلة...ونهضت كالمعتاد وتمهلت وأنا انتظر شروق الشمس وذهبت في جولتي الرياضية المعتادة وبيدي الموبايل وفيه كل الأغاني التي أحبها وكل أعمالي الموسيقية وكل مسرحياتي وآلة تصوير متضمنة...التقطت بعض الصور وتابعت المسير وأنا أتذكر مدرب التنس الذي أشرف على تدريبي انا ومنمعي في البدايات إلى أن قرر أنني غير ملتزم ... وغير منضبط ولا أمارس الرياضة حباً بالرياضة...بالطبع ...كنت أدرك ومنذ اللحظة الأولى انه كان يقول الحقيقة ...وأدرك أن فترةمراهقتي كانت صعبة وامتدت طويلاً...ولكن هناك إشارة استفهام مسبوقة بإشارة تعجب في هذاالمسار بعد السؤال الآتي: كيف يكون كلام المدرب صحيحاً وكل الشوارع خالية اليوم وليس فيهاإلا رياضي واحد كان يلعب التنس منذ أربعون عاماً ويقبل ملاحظات مدربه القاسية، ولا زاليمارس الرياضة حتى اليوم  واليوم هو عيد الرياضة وهو يوم عطلة؟!

كنت أحب الرياضة ولكنني كنت أحب الموسيقى أكثر...وأرسم في مخيلتي مجموعة بمسمى الرياضة وأضع فيها عناصرها وهي مجموعة الألعاب الرياضية حيث لم اقتنع في يوم من الأيامأن أضع فيها بعض الألعاب التي تعتبر  رياضية وبامتياز وهي بالنسبة لي لا تمت للرياضة ولاللإنسانية بصلة، قد يكون الكلام غريباً ولكن سألقي بعض الضوء لتوضيح وجهة نظري

في مقابلة تلفزيونية قديمة مع بطل العالم للملاكمة محمد علي كلاي أجرتها فضائية أميركية مشهورة وتناوب فيها مذيع ومذيعة على طرح الأسئلة على البطل العالمي وكان كلاي في وضعطبي لا يسمح بإجراء هذه المقابلة فلقد كان يعاني من الباركنسون والرعاش والفقدان الجزئي للذاكرة...ومع ذلك ولأسباب نعرفها جميعاً وهي الحاجة لعائدات هذه المقابلة فلقد قبل كلاي أنيضع نفسه في هذا الموقف...ولم يكن كلاي ليقبل لو انه كان في أوج النجومية والتألّق...فذاكيوم وهذا يوم آخر، فسبحان مبدّل الأحوال

بدأت المقابلة بداية جيدة ثم انحرفت وبدأ كلاي بالتلعثم والنسيان والخلط بين الأحداث والخلطبين التواريخ فلقد كان يعتمد على ذاكرة لا يمكن الاعتماد عليها

ذاكرة تلقت ضربات هائلة خلال تاريخ رياضي طويل فيه الربح والخسارة والتتويج والكؤوس والميداليات وأخيراً فيه البقاء في الظل حيث الذل

كل الضربات الخطرة بالنسبة للملاكم هي تلك التي تصيب الرأس حيث الدماغ 

والدماغ يتألم وينزف ويخسر خلاياه النبيلة وهي نبيلة لأنها لا تعوّض...وتتناقص باستمرار بسبب المراهنات ومافيا المراهنات والبطولات وحلبات الملاكمة

على تلك الحلبات تلقى كلاي الضربات وأهينت إنسانيته ورضيَّ مكرهاً بان يكون أداة الربح لمافيا المراهنات كان ربحه أو خسارته في المباريات يؤديان دوماً إلى موجة من الربح المضمون تصيب فقط أصحاب شركات المراهنات الذين يحيكون اللعبة من الألف إلى الياء...ويقررون خواتيمها والمبررات

وفي سعيهما الحثيث نحو النجومية اشتغل المذيع وتبعته المذيعة على كلاي المريض فتحولت المقابلة إلى مزاح وتفكه وضحك وسخرية من بطل العالم...واستسلم بطل العالم إلى نوم عميق في المقابلة وبدأت المذيعة بالتندر والضحك وتبعها المذيع وتم إيقاظ كلاي فاستيقظ مرغماً ... وأجاب جواباًغير منطقي على سؤال للمذيعة مما أضحك المذيع الذي استمر بالضحك بشكل متصنّع مما أزعج البطل الذي اكتفى بالابتسام ولوّح بقبضته باتجاه المذيع ونام...ولم تفلح المساعي بإيقاظه منجديد وانتهت الحلقة بتسليط الكاميرا على بطل العالم النائم والذي لم تراع إنسانيته في شيء

استعرضت هذه المقابلة في مخيلتي وتوقفت ثم تابعت المسير في رياضة المسير اليوم، وتمنيت لوأنني أستطيع الاتصال بمدربي في هذه اللحظة بالذات لأقول له بأنني أحب الرياضة ولا زلتازاولها حتى اللحظة ولكني لا أعتبر أن كل الرياضات رياضة...وإنني احترم وجهة نظره ولا أملك تجاهه أي مشاعر كره بالمطلق فلقد كان يقول الحقيقة...في النهاية تحية محبة لكل الرياضيين ولكل محبي الرياضة التي لا تتعارض مع الإنسانية وكل عام وانتم بخير

آرا  سوفاليان

كاتب انساني وباحث في الشان الأرمني