Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 08 حزيران 2024   الساعة 18:51:05
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
ما حقيقة مبادرة المصالحة بين تركيا وإسرائيل؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | ما حقيقة مبادرة المصالحة بين تركيا وإسرائيل؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:

العلاقة بين إسرائيل وتركيا واحدة من العلاقات المحيرة في منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب الباردة، حيث إعتمدت تركيا العلمانية في محاولات نهضتها على سياسة حسن الجوار مع الدول المحيطة وكان أهمها إسرائيل فلم تدخر جهداً لتدعيم هذه العلاقة على كافة المسارات الإقتصادية والعسكرية والسياسية، وإنخرط أردوغان وحزبه في هذه العلاقة لسنوات عديدة، فلم يصعد علاقته بإسرائيل في إتجاه التوتر إلا في عام 2009 في مؤتمر دافوس العالمي عندما هاجم شيمون بيريز أمام الحضور بسبب جرائمه في غزة وفلسطين، وكان هذا الموقف هو بداية الحرب على إسرائيل، إلا أن إسرائيل لم تقف مكتوفة اليدين بل سعت هي الأخرى للرد على تركيا وعلى أحلامها فقامت بضرب أسطول الحرية وقتلت عدداً من الأتراك، فإستمرار العداء بين تركيا وإسرائيل جعل حليفتيهما "الولايات المتحدة الأمريكية" في موقف محرج إذ تشعر بصعوبة الوقوف منفردة في ظل تواصل الإضطرابات في الشرق الأوسط، خاصة الوضع المتأزم في سورية، إذ ترى أمريكا بأن تركيا وإسرائيل يمثلان سنداً لا يمكن الإستغناء عنه بالنسبة لمعالجة معظم الأزمات التي نشبت في المنطقة.
إن إستراتيجية حكومة العدالة التركية الهادفة إلى إيجاد ظهير إستراتيجى عربي إسلامي موازٍ للمسارات القلقة والمتعرجة فى علاقات تركيا مع الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل، قد تلقت ضربة قوية جراء الثورات العربية وما يدور حالياً فى سوريا، التي تعد بوابتها إلى العالم العربي، بإستثناء ما حصلت عليه أنقرة من كعكة إستثمارات إعادة الإعمار فى ليبيا ما بعد القذافي، إنتكست المشاريع التركية فى العالم العربي جراء تعقد المشهد السوري وتشابكه، فضلاً عن إستمرار أجواء التعثر والإضطراب في ضوء التراجع في العلاقات التركية مع الكثير من الدول العربية بسبب تأييدها للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وخلافات مع العراق ومصر والخليج، بالإضافة الى مشاركة فعالة في ضرب ليبيا وتخريبها، وتورط في تفاصيل الحرب السورية التي وجهت العديد من الإنتقادات لحكومته وسياساته تجاه سوريا، وتورط حزبه في الإتفاق مع بعض المقاتلين الإسلاميين للعبور الى الأراضي السورية من خلال الأراضي التركية، وهو ما يعنى تحول تركيا الى طرف في الصراع الدائر داخل الأراضي السورية، فضلاً عن قلقها تجاه التقارب الأميركي الإيراني خاصة بعد إتفاق جنيف النووي ليغير الكثير من المعادلات في المنطقة.
وفى خضم هذه الإنتكاسات الإقليمية والإرتباكات الدولية، هرع أردوغان نحو تنفس الصعداء عبر التخلص من الأثقال الداخلية والخارجية للجفاء مع تل أبيب، حيث شهدت العلاقات التركية الإسرائيلية إنتعاشاً تدريجياً خاصة بعد زيارة أردوغان الى طهران، وتقارب تركيا وإيران إستراتيجياً، بما يعيد هيكلة وترتيب موازين القوى التقليدية في المنطقة على غير مصلحة إسرائيل، وهو ما يفسر الهرولة الإسرائيلية لإسترضاء تركيا والمساهمة في تقريب وجهات النظر، تتجلى بعض مظاهرها في قرب الإتفاق على التعويضات الخاصة بضحايا سفينة مرمرة، والمضي في تنفيذ وتطوير إتفاقيات عسكرية وإقتصادية سابقة موقعة بين الجانبين، ومن دلالات دفء العلاقات بين الطرفين المحادثات المكثفة التي جرت بين الوفدين التركي والإسرائيلي في إسرائيل، منذ أيام وذلك بهدف إنهاء الخلافات بين الطرفين وتحقيق مصالحة بين الطرفين.
هذا مما يدل على إن اتفاق مصالحة بين تركيا وإسرائيل بات قريباً بعد أن أبدت تركيا مرونة، تمثلت في خفض مبلغ التعويضات الذي تطالب إسرائيلَ بدفعه لعائلات الضحايا من نشطاء أسطول الحرية التركي لكسر الحصار عن غزة، وقد تعهدت الحكومة التركية بأن تلغي المحاكمات ضد ضباط الجيش الاسرائيلي الذين نفذوا الهجوم وإغلاق هذا الملف بشكل نهائي.
وموازاة ذلك، إن إسرائيل معنية من خلال إبرام إتفاق التعويضات مع تركيا بتطبيع العلاقات مع تركيا على نحو كامل، وعدم الإكتفاء بالخطوة الشكلية لإعادة السفير التركي إلى تل أبيب، والسفير الإسرائيلي إلى أنقرة، وفي هذا الإطار تطلب إسرائيل إستئناف الحوار السياسي بين الحكومتين، وتعهد الجانب التركي عدم العمل ضدها في الهيئات الدولية، ووقف مهاجمتها في وسائل الإعلام المحلية.
وفي سياق متصل إن إعادة العلاقات الى طبيعتها بين تركيا وإسرائيل تحمل في طياتها مفارقة كبيرة لجهة التوقيت، ففي وقت صفّرت تركيا علاقاتها مع سورية ومصر والخليج وروسيا والصين وقوى إقليمية أخرى في المنطقة، إذا بها تصفّر مشاكلها مع التهديد الأكبر للمنطقة أي إسرائيل، وهذا يرسم مخاوف جدية ومخاطر كثيرة من طبيعة ما تخبئ له الكماشة التركية الإسرائيلية المتجددة على أعدائهما المشتركين، وهكذا فإن التطبيع الكامل للعلاقات بين تركيا وإسرائيل لا يمكن أن ينفصل عما يجري في المنطقة من تطورات وسيناريوهات تحبك خيوطها وترسمها الولايات المتحدة من أجل إعادة رسم خريطة المنطقة بما يتوافق مع مصالحها وأهدافها.
فالعلاقة بين تركيا وإسرائيل تشبه في متانتها وعمقها إلى حد كبير العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة فكلاهما لا يستغني عن الآخر على الرغم من الغيوم المتلبدة التي تجتاح سماء العلاقة في بعض الأوقات، ويبدو أن تركيا من خلال التصعيد المستمر والإيحاء بوجود أزمة عميقة مع إسرائيل وبأنها ستقطع كافة علاقاتها مع إسرائيل، إنما تسعى للحفاظ على ماء وجهها في الشارع التركي وعدم إثارة الغضب الداخلي من جهة، وللتأثير على الشارع العربي المناهض للوجود الإسرائيلي لاسيما الفلسطيني من جهة أخرى، وبالتالي للحفاظ على مخططها بالتحول إلى راعي لمصالح البلدان العربية أمام القوى الغربية وبالتالي قيادة العالم الإسلامي.
هنا يمكنني القول إن هناك وجود إجماع في الإعلام التركي على ضرورة تحسين العلاقات مع إسرائيل إن شاءت تركيا أن يكون لها دور قوي سواء في الشرق الأوسط أو في عملية السلام المتعثرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولا سيما بعد الإنفتاح الأميركي على إيران وبعد تردي العلاقات مع القوى الأخرى في المنطقة.
وبالتالي توجد هناك دوافع تركية وإسرائيلية للمصالحة، فتركيا بصفتها الجار الأكبر بالنسبة لسوريا، فقد أسست أعداد كبيرة من المخيمات للاجئين منذ إندلاع الأزمة السورية، كما أن الحدود التركية السورية الممتدة على 900 كلم، أتاحت هامشاً من الحرية للعناصر المسلحة لتهريب السلاح وتنفيذ الهجمات، وهو ما مثل عوامل عدم إستقرار بالنسبة للمجتمع التركي، لذلك فإن تركيا وإسرائيل تجمعهما رغبة مشتركة في معالجة الأزمة السورية في أسرع وقت ممكن، أما بالنسبة لإسرائيل، فمع الصعود المستمر للقوى الإسلامية في الدول المجاورة بعد الربيع العربي، زاد على ذلك الأزمة السورية والملف النووي الإيراني، فإن التصالح مع تركيا لاشك بأنه سيخفف من ضغوطها الأمنية، وأخيراً أرى  إن العلاقة بين تركيا وإسرائيل هي علاقة ذات منفعة متبادلة في عالم اليوم المليء بالتعقيدات، ومع الدلائل التي تؤكد إستمرار الأزمة السورية والإنفتاح الإيراني على الغرب سيكون من أولويات تركيا وإسرائيل حماية علاقتهما من الخلافات في وجهات نظرهما بشأن الأحداث التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط.
Khaym1979@yahoo.com

 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   خلاف مفتعل
خلاف أردوغان السابق مع إسرائيل مفتعل فقط لكسب الشعبية
صفوان  
  0000-00-00 00:00:00   مصلحة أميركا
هذه المصالحة لمصلحة أميركا
صالح  
  0000-00-00 00:00:00   مصالح مشتركة
لتركيا وإسرائيل مصالح مشتركة
فادي داود  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz