Logo Dampress

آخر تحديث : الاثنين 10 حزيران 2024   الساعة 00:06:55
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الوجه الآخر .. بقلم: عفيف دلا
دام برس : دام برس | الوجه الآخر .. بقلم: عفيف دلا

دام برس:

كثيرة هي الوجوه كالعناوين .. لكل تفاصيل ترسمه وتحدد ملامحه فالزوايا والمداخل كالأحرف والكلمات دال على مدلول .. أما المهندس فيرسم كما يفهم ويريد أن يفهم الآخر حجم اتقانه ومهارته في اختيار الزوايا والسقوف كما يريد الخطيب المفوه إبراز مهارته في انتقاء الكلمات والعبارات والمعاني .. هي لعبة الكلمات إذاً ونسج العبارات وتسويق المصطلحات لدلالة على ما يريده مطلقها تاركاً في بعض الأحيان للمتلقي تلقف المعنى المقصود وتحديد رد الفعل عليه ..
الحرب على الإرهاب كان العنوان الذي أرادته الولايات المتحدة لشن حروبها الاستباقية واحتلال أفغانستان والعراق وإرهاب العالم عبر إبراز مهارتها في انتهاك القوانين والسخرية بالمجتمع الدولي واللعب بمكوناته كما يحلو لها وجعل العالم برمته يقف على قدم واحدة يراقب ما تفعله جحافلها في شعوب العالم دون أي رادع .. وهو اليوم ذات العنوان الذي تريد الولايات المتحدة أن تتسلق عليه لتنتشل نفسها من مستنقع أرادته لغيرها فوقفت فيه هي .
خسرت الولايات المتحدة ما خسرته من سمعتها ومن مصالحها الإستراتيجية عبر سقوط أدواتها في هاوية الفشل والعجز عن تحقيق هدف أعلنوا جميعاً أنه سيتحقق لا محالة في المنطقة عموماً وفي سورية خصوصاً وراحوا يسوقونه في عبارات منتقاة فكان في قاموسهم ربيعاً عربياً فإذا به جحيم عربي وإنساني بكل معنى الكلمة ، وإذا به اليوم مستنقعاً غاصوا فيه فابتلع البعض ولا يزال آخرون ينازعون الغرق ولو بالتعلق بقشة ..
لم يعد ممكناً الاستمرار في الاشتباك إلى ما لا نهاية ، فالاستمرار يعني بالنسبة لأمريكا وحلفائها وأدواتها إظهار المزيد من عجزهم أمام تحقيق أهدافهم التي تبنوها وبنوا عليها رهاناتهم السياسية كما هو في المقلب الآخر تعملق لمنافس الولايات المتحدة وحلفائه وهو روسيا ومجموعة بريكس وإيران وسورية وحلف المقاومة على حساب التقهقر الأمريكي والذي أعاد روسيا ومن معها إلى ساحة الفعل الدولي والمنافسة على اقتسام العالم ..
قد يبدو المشهد درامياً لكنه في الواقع حقيقي فالأبعاد الاستراتيجية ليقين العالم بحقيقة الضعف الأمريكي ستقلب الموازين الدولية بشكل حاد ربما ستخسر معه الولايات المتحدة كثيراً من مصالحها الإستراتيجية المتراكمة عبر عقود وهذا ما دفع اليوم الولايات المتحدة إلى التعقل لا حباً بالمنطق في السياسة وهي التي امتهنت الجنون بل حفاظاً على وجودها الحيوي في هذا العالم .. فتصدر الركب العالمي اليوم بالتوازي مع التعمية عن حقيقة العجز والفشل في سورية جعلها تعود لطرح عنوانها القديم وهو الحرب على الإرهاب وتبدو هي اليوم في مقدمة من يحاربه وأن جميع دول العالم بما فيها المنافس الروسي وراءها في هذا الهدف .. فهي اليوم تسعى مجدداً للبروز في الواجهة الدولية لكن بالإتكاء على ستار يخفي حقيقتها التي كانت تتبجح بها قبل عقد من الزمن .. فالمسرح الدولي لم يعد حكراً لها بل انضم لاعبون جدد يملكون من القدرة والقوة ما يمكنهم من الكباش السياسي معي الولايات المتحدة وتهديد مصالحها جدياً في عقر ساحتها الشرق أوسطية .
لا مجال للتراجع اليوم إذا أمام ضرورة إبراز الوجه الآخر بمدلول جديد وهو مكافحة الإرهاب والحرص على فض النزاعات الدولية والإقليمية وإيقاف رحى الحروب في العالم ، والفضل في ذلك يعود للمعادلات والتوازنات الجديدة في العالم التي ستجبر الولايات المتحدة على غسل يديها بالماء جيداً وتنظيف وتلميع صورتها بالتخلي عن أدوات القتل والإجرام من آل سعود وحكومة أردوغان وتبييض أموال دعم الإرهاب بإبرازها كوسيلة لخدمة أهداف سامية دولياً وإقليمياً ..
فالشراكة مع الروسي هي شر لا بد منه بالنسبة لها فإما الصدام إلى ما لانهاية وإظهار العجز المطلق أمام القوة الروسية الصاعدة ، والمقامرة بكل ما راكمته أمريكا خلال عقود في المنطقة من مصالح ، أو الذهاب في تسوية دولية مع روسيا العائدة لتقاسم منظومة المصالح الإستراتيجية بما يحفظ الوجود الأمريكي في المنطقة ويحفظ هيبتها الدولية سياسياً وهيبة عملتها اقتصادياً وتنقذ نفسها من انهيار بنيوي حاد باتت ملامحه تتضح يوماً بعد يوم ..فإما خسارة جزء والتنازل عن بضع مصالح أو خسارة كل شيء وانعدام فرص التسوية دولياً ، وهذا بحق مقامرة تاريخية لا تجرؤ قوة عالمية بموقع الولايات المتحدة اليوم على خوض غماره .
فقد سقط قناع للولايات المتحدة لكن اليوم بالنسبة لحلفائها وأدواتها التي لا بد لجزء منها أن يزول بالمطلق ويخرج من دائرة التأثير بالمشهد الدولي والإقليمي كنظام آل سعود المجرم وحكومة أردوغان المغمسة بالدم حتى أذنيها ، تسوية مذلة هي إذاً بالنسبة للولايات المتحدة في الجوهر تحاول هي اليوم اللعب على مصطلحات اللغة واستخدام عدة التجميل لإخفاء مرارة قبحها بالنسبة لها وتبقى هي في عيون العالم تلك الجامحة القوية القادرة على قيادة القاطرة الدولية حيث تشاء ويلحقها الركب الدولي لاهثاً لنيل ما يمكن من فتات الوجود السياسي والقرار الدولي في هذه المرحلة التاريخية الحساسة .. لكن إلى متى ستتمكن الولايات المتحدة من لعب هذا الدور والحفاظ على مفردات قاموسها وإخفاء حقيقتها .. ؟؟ سؤال ستجيب عنه القادمات من الأيام في ظل التحولات الكبرى التي ستشهدها المنطقة والعالم برمته من البوابة السورية التي باتت اليوم بوابة العبور نحو النظام العالمي الجديد .  

نقلاً عن جريدة الثورة 
 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz