دام برس:
الثاني من شهر تشرين الثاني 1917 هو اليوم الأكثر سواداً في تاريخ الامة العربية،واليوم المتخم بالكوارث التي دخلت الى كل بيت عربي ، واليوم الذي أسّس لانهيار الكيان العربي منذ ذلك العام الى وقتنا الحاضر ، واليوم الذي بسببه استباح الأعداء ولا يزالون أرض العرب ، وتاريخ العرب ، وشرف العرب .....
الثاني من شهر تشرين الثاني 1917 هو اليوم الذي أكّد مُكر الصهاينة ، وخداع الغرب في احتضانه لتلك العصابات الاجرامية ، فكشّر الغرب عن أنيابه متمثلاً بانكلترا عندما عبّرت عن عطفها وشفقتها لأولئك (المشردين) كما يدّعون ،بل العصابات القاتلة والتي لاترتوي إلا بشرب الدماء ، فكان الوعد المشؤوم بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين .
(ونحن نتحدث عن ذكرى هذا اليوم ، لابدّ من الاشارة الى أن هذه الذكرى وفي هذا العام تتصادف مع غضب إلهي يحلّ بانكلترا هذه الايام حيث تتعرض لعاصفة شديدة طبيعية هي الاسوأ منذ عشرات السنين )
انكلترا وعدت الصهاينة بوطن على حساب شعب يعيش على هذه الارض، يعمل بها ، ويستثمرها، ويشارك العالم الانسانية والحياة ، وبعد تنفيذ هذا الوعد ، وطرد أهل فلسطين منها وتشريدهم في الشتات ، أدركنا أن الانسانية والحياة التي نعمل لهما -نحن العرب - لا تخصّ أحداً غيرنا ، حتى أن هؤلاء الأعداء دأبوا على التخطيط والعمل المستمر لسلبنا حياتنا وما تبقى من انسانيتنا ( والاحداث الجارية الان تشهد على ذلك ).
أما الصهاينة - وكعادتهم - مع كل ذكرى لهذا الوعد فانهم يحتفلون على طريقتهم ، فكشفت صحيفة (معاريف) الاسرائيلية الأربعاء 30/10/2013 انه سيتم بناء 1500 وحدة سكنية في مستوطنة (رمات شلومو) في القدس المحتلة واقامة مشروعين سياحيين أحدهما قرب أسوار البلدة القديمة للمدينة ، والثاني في منطقة الشيخ جرّاح وسط المدينة . كما أفاد موقع (القناة العاشرة) الاسرائيلية قبل أيام بأنه جارٍ العمل على تطوير خطط بناء في القدس بما في ذلك تشييد مركز سياحي بالقرب من منطقة وادي حلوة في سلوان . كما صدّقت ما تسمى الادارة المدنية الاسرائيلية صباح الأربعاء على مشروع بناء 582 وحدة استيطانية في الضفة الغربية ، وبناء 160 وحدة استيطانية في مستوطنة (ياكير) قرب قلقيلية و95 وحدة في مستوطنة(شيلو) جنوب نابلس ، وتم التصديق على بناء 31 وحدة استيطانية في مستوطنة ( الموج) بغور الاردن . أما وزير الاسكان الصهيوني (أوري أرئييل) فقد تعهد للصهاينة ببناء 100 وحدة استيطانية في مستوطنة (كريات 4) خلال فترة قصيرة . وصادقت حكومة ( نتينياهو) على مدّ سكة حديد للقطار السريع من مدخل القدس غرباً إلى البلدة القديمة شرقاً على أن تأخذ هذه السكة طابعاً يهودياً . كما ان هذه الحكومة العنصرية التي اعتادت قتل الروح الانسانية انتهجت نهجاً جديداً في القتل ، فهي تقتل روح الاشجار والمزروعات في مواسم الاثمار فشجعت المستوطنين على قطع 30 شجرة زيتون في بلدة حوارة الى الجنوب من نابلس .
ساهم الغرب والأمريكان فرحة الصهاينة بوعد بلفور في اغراقهم بالأمن والاطمئنان ، بعد ان قدموا لهم متطلبات ذلك بترويض بعض الانظمة العربية التي أصبحت صديقة للكيان الصهيوني من ناحية ، وبإثارة القلاقل والفوضى والمشاكل في بعض الدول لابعادها عن مجرد التفكير بقضية فلسطين من ناحية أخرى ، ثم ازالة أي قوة عربية تشكل قلقاً للكيان الصهيوني ابتداءً من اخراج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني في اتفاقات (كامب ديفيد) الى تحطيم قوة العراق بعد غزوه واحتلاله عام 2003 ، والسعي الان الى استنزاف قوة سورية وتدميرها ، ليتاح للكيان الصهيوني السيطرة على العالم .
نجحت انكلترا في استرضاء الصهاينة وتأمين الوطن الذي جمع شتاتهم من بقاع الأرض ، لكنّ هؤلاء الصهاينة يشعرون دوماً بعدم الأمان فوق أرض فلسطين ، لأنهم يدركون ان الانسان لا يأمن إلّا في بيته ووطنه ، وفلسطين ليست بيتهم وليست وطنهم مطلقاً .
والشعب الفلسطيني الذي قدّم التضحيات منذ كتابة ذلك الوعد الأسود ما رضي بالاستكانة أو الاستسلام أو الهوان أو الذل ، فقدّم الآلاف من الشهداء ولايزال ، والأجيال مستمرة في حمل راية تحرير فلسطين .