دام برس:

كثرت الإجتهادات في الأسابيع الأخيرة حول الإنتخابات الرئاسية في سورية ..

ولم يتردد البعض في رسم صورة المشهد القادم المحتمل سواء قبل أوبعد نهاية الولاية الدستورية الحالية للرئيس بشار الأسد !

ومن هذه الإجتهادات:

ـ إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها في المناطق الآمنة .

ـ التمديد للرئيس لمدة عامين حسب الدستورالجديد ما يفقده حقه في الترشح لولاية جديدة تنفيذا لاتفاق روسي أمريكي .

ـ إعلان الرئيس الأسد عدم ترشحه لولاية جديدة تنفيذا لاتفاق سياسي ترعاه الأمم المتحدة لصالح المعارضة والدول المطالبة بانتقال سلمي للسلطة .

ومهما قيل في هذه السيناريوهات فهي تعبّر في الواقع عن أماني وأجندات الجهات التي تروج لها دون مراعاة لما يريده الشعب السوري!

ولا بأس أن يكون بعض السيناريوهات مخالف للدستور كالقول بإمكانية التمديد للرئيس عامين فقط يفقد بعدها حقه بالترشيح لولاية جديدة !

ومع أن الدستور متاح على أكثر من موقع رسمي في سورية فإن من يتبرع بهكذا اقتراحات لم يكلف نفسه بقراءة المواد الدستورية الخاصة برئيس الجمهورية !

نصوص الدستور واضحة جدا لاتحتمل سوى تفسير واحد وهذه النصوص  تؤكد بأنه لامجال لفراغ دستوري في سدة الرئاسة من جهة ، ولا تمديد للرئيس من جهة أخرى !

فالفراغ الرئاسي يحصل في حال عدم وجود نص دستوري يسمح للرئيس ببقاء يوم واحد في سدة الرئاسة بعد انتهاء ولايته !

والتمديد يعني وجود نص دستوري يعطي لمجلس الشعب صلاحية تمديد الولاية لمدة محددة !

وحسب المادة /85/ من الدستور فإن رئيس مجلس الشعب ملزم بالدعوة لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن ستين يوماً ولا تزيد عن تسعين يوما.

وهذا يعني أن الدعوة لانتخابات رئاسية ستكون حتمية في شهر أيار القادم .

ولا يُقبل طلب الترشيح إلا إذا كان طالب الترشيح حاصلاً على تأييد خطي لترشيحه من خمسة وثلاثين عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب .

ويعني هذا النص الدستوري أن غالبية أعضاء مجلس الشعب السوري سيرشحون الرئيس الأسد لولاية رئاسية جديدة ، وهذا الأمر لم يشر إليه أي محلل سياسي حتى الآن !

وفي حال حالت الظروف القاهرة إجراء انتخابات رئاسية من الشعب مباشرة في موعدها حسب المادة /86/ من الدستور فإن المادة /87/ نصت بوضوح على التالي :

"إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد"!

ولا تحتاج هذه المادة الشديدة الوضوح إلى بروفسور في الفقه الدستوري ليستنتج بأنها لاتحدد مدة زمنية للرئيس القائم فهو "دستوريا"سيستمر بممارسة مهامه .. حتى انتخاب الرئيس الجديد !

كما أن المادة /86/ وما بعدها من مواد لم تنص على تمديد للرئيس لمدة عامين ، وبأنه سيفقد حقه بالترشيح بعدها لولاية جديدة !

لقد تطرقت المادة /88/ حصريا للمدد الزمنية للرئاسة فنصت على التالي :

" يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية".

وربما كانت المادة /88/ الوحيدة التي تحمل أكثر من تفسير .. فالبعض يرى أن الولاية الحالية للرئيس تخضع للدستور القديم وبالتالي فإن من حق الرئيس الترشح لولايتين جديدتين ، والبعض الآخر يرى أن عبارة "من تاريخ ولاية الرئيس القائم " تنطبق على الولاية الحالية ، وهذا يعني أن من حق الرئيس التجديد لولاية واحدة فقط !

ولكن مهما كان من أمر .. فإن لاخوف من فراغ رئاسي في حال عدم إجراء إنتخابات رئاسية لأسباب قاهرة قد تنشأ في المدد الزمنية الدستورية المحددة لهذه الإنتخابات !

فالرئيس الأسد سيستمر بممارسة مهامه حتى انتخابه لولاية دستورية جديدة ! 

ومهما كان التفاهمات الدولية لحل الأزمة السورية وما سينجم عنها من اتفاقيات وتسويات فإنها ستبقى حبرا على ورق إن لم يوافق عليها الشعب السوري !

هذا مانصت عليه بوضوح المادة /116/ من الدستور :

"لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في القضايا المهمة التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وتكون نتيجة الاستفتاء ملزمة ونافذة من تاريخ إعلانها، وينشرها رئيس الجمهورية".

فالرئيس ولا أحد غيره من يقرر فيما إذا كانت الإتفاقيات التي سيتمخض عنها الحوار ـ أوالتفاوض ـ ستطرح على الإستفتاء !

بالمختصر المفيد : الشعب السوري هو المرجع الوحيد للسلطات وهو من يقرر مستقبله السياسي وهو من ينتخب رئيسه وممثليه إلى مجلس النواب ومجالس الإدارات المحلية.

هذا ماقاله بوضوح وبقوة وبصوت حاسم وزير الخارجية وليد المعلم في افتتاح مؤتمر جنيف 2 لوزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري !

فهل وصلت الرسالة لمن يهمه الأمر !!