الرئيسية  /  دراسات وأبحاث

ادخلوا عليهم الباب.. نبوءة زوال إسرائيل عام 2022


دام برس : ادخلوا عليهم الباب.. نبوءة زوال إسرائيل عام 2022

دام برس :
في كل مرة تشتعل فيها الأرض المقدسة، أو تكاد، بالصدامات بين إخوتنا الفلسطينيين وعدونا الإسرائيلي، أتذكر البحث العميق الجاد للشيخ بسام جرار، ألا وهو نبوءة زوال إسرائيل عام 2022م. وقد كانت المرة الأولى التي سمعت بها بهذا البحث عندما صدر وصاحبه منفي في مرج الزهور/لبنان عام 1992م، حيث وصلني على شكل نشرة ورقية مختصرة لا تتعدى بضع صفيحات. فهمت منها أن الباحث يتوقع وبحسابات رياضية مستقاة من القرآن الكريم، زوال دولة إسرائيل في العام المذكور. أثارني هذا البحث، رغم أنه كان خالياً من الشروحات الكاملة الوافية التي تكفي لاعتباره بحثا علمياً يعتد به.

لكن، وبعد تحرك ثورات الربيع العربي، قام صاحب البحث (الشيخ بسام جرار) بـتأسيس قناة (إسلام نون) على اليوتيوب. ونشر كافة الدراسات المتعلقة بتلك النبوءة الغريبة. وعندها بدأت أدرس الفكرة بجدية تامة وبمتابعة حثيثة للأرقام التي تنتج عن تحويل الأحرف في الآيات القرآنية إلى أرقام باستخدام نظام الجُمَّل التاريخي القديم. وتابعت كلام الباحث جمعاً وطرحاً وتحويلاً، حتى تيقنت من صحة كافةِ الاستنتاجات التي توصل إليها. وتيقنت أننا أمام بحث علمي جاد كل الجِدَّة، مستوفياً كافة الشروط البحثية من مقدمات وآليات ونتائج منطقية مترابطة مع المقدمات الثابتة.

ولكن بقيت في النفس إشكالية تساؤليَّة يفرضها العقل المنطقي الذي اعتدنا عليه في جامعاتنا، والذي يشترط القدرة المادية التامة لولادة فعل ما، لاسيما إن كان فعلاً تاريخياً استثنائياً كتحرير بيت المقدس من يد اليهود الصهاينة ومن والاهم من قوى الغرب التي تقف حجرة عثر أمام كافة طموحاتنا في التحرر والتنمية والارتقاء.

هذه الإشكالية، أثارها كل من طرحت عليه الفكرة للنقاش والتداول. فالكل تساءل: ولكن كيف؟ كيف سنغلب الصهاينة وهم ما هم عليه من قوة وتنظيم ودعم غربي مادي ومعنوي؟ الكل أثار نفس الإشكالية والتساؤل. كيف لأمة منقسمة على نفسها، متشرذمه متشظية اجتماعياً واقتصادياً، ومنهارة عسكرياً، خاصة بعد ثورات الربيع العربي، كيف لها أن تنتصر وهي لا تقوى على حماية أمنها الداخلي، فكيف بالأمن الخارجي؟

في الأسبوع السابع من هذه المسيرات (جمعة النذير) كانت هناك ظاهرة غريبة، وهي اختراق الشباب الفلسطيني للسياج الترابي والحديدي ودخولهم لأول مرة الأراضي المحتلة منذ 1948م

كيف لأمة مقسمة إلى العديد من الدول المتناحرة المتشاكسة أنظمتها، التي تختلف فيما بينها على التوافه قبل العظائم، كيف لها أن تحرر بيت المقدس من يد عدو غاشم يمتلك السلاح النووي كأظهر قوة للردع الجازم؟ كيف لأمة ممزقة، بعض دولها تقاطع بعضها وتكيد لها كيد العدو لعدوه، أن تتحد وتصنع قوة جبارة تغلب بها دول الغرب العاتية والتي صنعت إسرائيل على أعينها وتربيها تربية الأم الرحوم لوليدها؟ كيف لأمة شعوبها، قبلت أو رضخت مكرهة، أن يوضع قادتها ومخلصيها وراء القضبان، في حين يعثو مجرميها في أرضها فساداً وإفساداً، أن تتغير وتنتصر في بضع سنين متبقية على الموعد الذي اكتشفه بحث نبوءة زوال إسرائيل؟

أنى لهذه الأمة أن تحدث تغيراً جذرياً في سنوات قليلة. ثم تنتصر على عدوها اللدود العتيد في تلك السنين القلائل التي لا تتجاوز السنوات العشر. وذلك عند دراسة البحث بعمق وتفصيل في بداية ثورات الربيع العربي؟ والآن، وبعد اقتراب الموعد المهيب، حيث لم يبق له إلا خمس سنين. والأمة مستمرة في تمزيق نفسها ونبذ أكفاءها وتحطيمهم وسجنهم، وتحكيم جلاديها وتمكينهم من تخريب البلاد والعباد. كيف لمثل هكذا أمة أن تنتصر في بضع سنين لا يتجاوز عديدها أصابع اليد الواحدة؟ وعن أي نصر أتحدث؟ إنه النصر الذي سيغير وجه التاريخ ويحول مجرى الحضارة بالنسبة لنا ولأهل الأرض أجمعين. كل هذه التساؤلات وقعت في نفسي بثقل يكاد أن يجعلني أنكر عقلي في فهم الباحث وسلامة استنتاجاته. خاصة وأن كل من ناقشته بفكرة البحث واستنتاجاته طرح نفس التساؤلات المنطقية، وكثير منهم أضاف الكثير من الاستهزاء أو علامات إثارة الشفقة على وجوههم المنكرة المستنكرة.

كيف وأنَّى وعلى يد من سيكون التحرير؟

أسئلة لم أستطع الإجابة عليها خاصة للناكرين المستنكرين الهازئين بالفكرة وبصاحبها وبمن اقتنع بها معه. فما كان مني إلا أن لذت بالصمت، وقطعت النقاش مع الآخرين في هذا الأمر، وتركته يعتلج في خاصة نفسي على شكل سؤال يبحث عن الكيفية التي ستقع فيها هذه النبوءة.

حتى جاء أمر الله.. وبدأت مسيرات العودة المنطلقة من غزة بعيد إعلان الرئيس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. لفتت هذه المسيرات انتباهي من الأسبوع الأول. حيث تساءلت عن جدواها ومدى تأثيرها. ومدى فعالية أساليبها البدائية البسيطة. وهل لطائرات ورقية كنا نلهو بها في طفولتنا أن تربك العدو وتجعله يضطرب ويرتكب حماقات تقتله وتهلكه؟

لكن في الأسبوع السابع من هذه المسيرات (جمعة النذير) كانت هناك ظاهرة غريبة، وهي اختراق الشباب الفلسطيني للسياج الترابي والحديدي ودخولهم لأول مرة الأراضي المحتلة منذ 1948م. كافة القنوات التلفزيونية وقنوات البث الخاصة بالثائرين المالكين شجاعة أسطورية، نقلت المشهد كاملاً وواضحاً. إنهم جنود العدو المدججين بالسلاح يهربون بمواجهة شباب عزل إلا إيمان من نوع خاص.

يدخلون الأرض المقدسة التي كتب الله لهم، ويحرقون زرع العدو ويطاردونه، باعثين الرعب في مدنيِّهم قبل عسكريِّهم. وهنا، وأنا أتأمل هذا المشهد على التلفاز، تذكرت الآية الكريمة من سورة المائدة: (....ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّـهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) . فوقع في نفسي سؤال أهالني وجعلني أقف مقشعراً بدني. هل الآية تخبرنا عم كيفية حدوث نبوءة زوال إسرائيل عام 2022م. هل الحل يكمن فقط في ادخلوا عليهم الباب؟ ويكون الباقي على الله جل وعلى. ألم يفعلها الله من قبل مع رسوله وصحابته الكرام عندما ألقى في قلوب اليهود الرعب وجعلهم يستسلمون وينسحبون بغير قتال... (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّـهِ فَأَتَاهُمُ اللَّـهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴿الحشر/٢﴾

ولكن، وللمستهزئين بالفكرة أقول: هل ادخلوا عليهم الباب أمر سهل؟ إنه تجسيد للإيمان الجماعي الحركي الذي ينقصنا منذ عقود. ومن تخلفوا عنه هذه المرة، يخشى أن يصيبهم ما أصاب بني إسرائيل عندما قالوا لنبيهم: (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ )﴿المائدة/٢٤﴾ فكانت النتيجة المؤلمة والتي هي سنة لله في خلقه: (قالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) ﴿المائدة/٢٦﴾

وختاما ً، دوماً أتذكر ما قاله لي أحد معلميَّ: اعلم أن كل فكرة وردت إلى ذهنك، لها ما يحققها في العالم المادي.. وهذا صحيح على المستوى الفردي. وأكثر صحة على المستوى الجماعي، حيث طاقة الفكرة تكون مضاعفة بنسبة تتوافق مع قوة إرادة هذه الجماعة لهذه الفكرة. وبنفس السياق أتذكر أيضاً ما قاله الشاعر الباكستاني محمد إقبال في ديوانه: جناح جبريل
جس الطبي بقلبي ما أكابده فقال ويحك ما تخفيه من طلب
تطلعاتك لا طاقات تحملها لكن لك الحق لا تيأس من السبب

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=102&id=94408