الرئيسية  /  من هنا وهناك

أنا صار لازم ودعكم وخبركم عني ...


تشرق الشمس كل صباح وتعاود الغروب عندما يحل المساء ويولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل , وكل هذا يحدث من أجل أن تستمر الحياة هذه الحياة التي لا تقف عجلتها من أجل خاطر أحد لأنها في دوران مستمر على عكس تلك الحقيقة الأوحد التي لا يمكننا نكرانها وتجاهلها وكل ما بوسعنا فعله هو تقبلها رغم قسوتها و صعوبتها وربما تكون مرات معدودات هي رحمة وعز وأمنية بحد ذاتها ...
لا يمكن لأحد الوقف أمامها قاصدا مجابهة قدومها والأصعب أننا لا نعلم متى سوف تأتينا ومتى تزورنا وبأي شكل تختاره هي .
ولكن نرى في مضمونها عدل كبير لأنه لا يستثنى منها أحد وكثير منا ومعظمنا نخاف منها أو ربما لا نتمنى مقابلتها ولكن عندما تقرر هي المجيء إلينا تزورنا دون أي سابق إنذار أو إذن و ربما في بعض الأحيان يسبق قدومها بعض من الإشارات.
ربما نتفق حول مفهموها وكثير منا له نظرته الخاصة لها ويشكل في داخله مفهوما خاص عنها ...
أعتقد أنها باتت واضحة في أذهانكم هذه الحقيقة التي أتكلم عنها‍!
نعم هي حقيقة " الموت "
لا يخلو منا أحد إلا وجابه هذه الحقيقة ربما مع أعز الأشخاص إلى قلبه فكانت هذه الحقيقة مرة جدا ولا تحتمل لأنها تترك بداخلنا حزننا عميقا وألم يوجعنا وجعلتنا ننزف ربما دما وليس فقط دموع جرحت خدنا ملوحتها ...
حرمتنا من أناس كنا نعيش لأننا نتنفس حسهم بيننا فربما يكون الذي أخذته حبيبنا فرحل بجسده عنا وذهبت معه روحنا وسكنت روحه بداخلنا وربما كان أحدى والدينا أو أبنائنا أو صديقنا أو أي شخص قربت أو بعدت صلة القرابة بيننا وقد تشتد قسوتها عندما تأتينا فجأة فتسبب لنا مفاجأة صاعقة ودهشة لا يمكن تصديقها وربما تجعلنا أسرى لخوفنا الذي تجعله يسكننا عندما يصاب احد منا بمرض ما أو بعد تعرضه لحادث ما فيبدأ ناقوس الخطر بالرنين معلنا اقتراب الأجل ...
وكم منا من يتمنى أن تزوره مسرعة دونما تفكير لكي تخلصه من وجع ما بات يلازمه ولا يمكن احتماله أكثر وربما بعضنا يمكنه أن يمتلك قلب قوي لكي يريح من يعنيه من العذاب الذي بات يلازمه فيختار له الموت الرحيم .
وكثيرة هي الحالات التي يكون فيها الموت عز كالذي يموت وهو يؤدي فريضة معينة أو ذاهب لفعل الخير وقد تكون أحيانا أخرى فرح كالتي تفرح لرحيل ابنها الذي ضحى بنفسه من اجل أن يبقى وطنه بخير فيذهب شهيدا فتزغرد له فرحا به رغم فجعها برحيله عنها ....
الغريب أننا لا نعرف متى سنموت وبأي طريقة وفي أي مكان فالحياة أشبه بالمسرح الكبير الذي يجسد كل منا دوره عليه فبعضنا يكون دوره دور "البطل" لما يحدثه من اثر كبير أثناء تواجده وهؤلاء يرحلون بأجسادهم عنا وتبقى أعمالهم خالدة لا تموت ومنا من يكون دوره "دور أول" وربما "ثاني" أو "ضيف شرف" وهناك احتمال أن يكون "شارك في التمثيل" فقط و لخالقنا حرية أن يختار لنا دورنا وبنفس الوقت لنا دور كبيرا في إنجاح أو فشل تأدية أدوارنا مهما كثرة أو قلة عدد مشاهدنا ...
ولأننا لا نمتلك أي سلاح لكي نمنع أو نواجه هذه الحقيقة ما علينا إلا إعداد العدة لذلك وأن نكثر من فعل الخير ونشره لأن أجمل شيء يمكن أن نتركه خلفنا وبعد رحيلنا هو عمل الخير الذي سيتذكرنا الناس به ويترحموا علينا كل على طريقته فعملنا هو الشيء الوحيد الذي سنأخذه معنا وكثير ما تكون من وراء زيارة هذه الحقيقة وقدومها لنا حكمة أو عظة أو ولادة حياة جديدة لشخص أخر ... وما يعزينا لكي نستمر ونعيش حياتنا هي نعمة النسيان التي منحت لنا لكي نستطيع الاستمرار في حياتنا .
منا من لا يحب كل هذا الموضوع وغالبا ما يكونون هؤلاء أصحاب قلوب مرهفة ومشاعر حساسة ومنا من يفضل الكلام بشيء أخر بدل عنه ومنا من يتكلم دونما خوف من الموضوع ولكن من المؤكد انه سيأتي يوم نصبح فيه مجرد ذكرى ربما تكون حلوة أو ربما تكون مرة.
ومهما عشنا وخطينا بأيدينا أسمائنا سوف يأت يوم تخط فيه أسماؤنا بأيدي غيرنا ...
وفي نهاية المطاف ما نتمناه منك أيتها الحقيقة التي نؤمن بها أن تسمحي لنا أن نحقق أحلامنا وأمانينا ونحن بكامل صحتنا وعافيتنا والسعادة تاج يعلو رؤوسنا وأن لا تفجعينا بأحبتنا أمام أعيننا وأن تتركي لنا فسحة لكي نترك خلفنا عمل يتذكرنا به من يعرفنا ولا يمكن إزالته من هذه الحياة بسهولة وكم هو مهم أن نكون مستعدين لننتقل لكي نعيش في الحياة الخالدة والأزلية وترقد أجسادنا بسلام وأن نكون راضين عن أنفسنا والأهم من كل هذا أن يكون خالقنا راض عنا وإن لله وإنا إليه راجعون .

محمد قاسم الساس
mohamadsass@hotmail.com

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=82&id=8897