الرئيسية  /  تحقيقات

تفاوت عربي بالاهتمام ببرامج الطفولة المبكرة والظروف السياسية والاقتصادية تلقي بثقلها على أطفال العرب


يتفاوت مدى اهتمام الدول العربية بقضايا الطفولة بشكل عام والطفولة المبكرة ، و تتأثر تربية الطفولة بما تعيشه هذه الدول من ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية ، وما يجمع تلك الدول وجود الرغبة بتحدي الظروف ، و تأمين مستوى عالي من الخدمات لأطفالها ، وهو ما كشفه مشاركة أغلب الدول العربية بالمؤتمر الإقليمي حول رعاية الطفولة المبكرة و المنعقد بدمشق، وخلال مواكبة دام برس لأعمال المؤتمر تعرض لثلاث تجارب عربية بهذا المضمار لكل منها خصوصيتها ، فالتجربة الأردنية ذات الباع الطويل برعاية الطفولة ، و السورية التي قطعت أشواط جيدة خلال السنوات العشر الماضية و بدأت نتائجها بالظهور ، فيما يسعى القائمون على التربية العراقية للملة الجراح ، والانطلاق بالطفولة بعيداً عن دوي التفجيرات و خوف الأهالي من جهة ، وضعف البنية التحتية من جهة أخرى .

طفولة العراق من الركام لمخاوف الأهل من التفجيرات و الخطف

يبرر عادل عبد الرحيم لبيب مدير التعليم العام بوزارة التربية العراقية بحديثه لدام برس نسب الالتحاق المحدودة بالمراحل المبكرة بخوف الأهالي من إرسال أبنائهم لرياض الأطفال نظراً للعامل الأمني الذي يؤثر سلبياً عبر إثارة مخاوف الأهالي من التفجيرات و عمليات الخطف ، و هو ما يحتاج لتوعية خاصة بالأهل قبل الأطفال للانطلاق ببرامج الطفولة المبكرة .، ويضيف لبيب بالقول " يرمي ضعف البنية التحتية في العراق بكاهله على أي خطوة جدية للعمل بالنظر للضرر البالغ بالمنشآت و التي تقتصر على مراكز المدن فيما تكاد تكون معدومة بالأطراف و الأرياف ، و هو ما يحتاج لجهد كبير و استثنائي لنشر الوعي وتوفير البنية التحتية من أبنية و مدرسين مختصين وهو ما تعمل عليه أكثر من مؤسسة تربوية عبر إعداد كوادر وطنية ذات سوية عالية من التدريب و المهارات " .
و لفت عبد الرحيم لنسب الالتحاق بالمدارس الابتدائية العراقية و التي وصلت بحدود 88 % للبنين و 86 % للإناث ، وما تبذله الوزارة بالتعاون مع المنظمات الدولية و الأهلية لحث الآباء على إرسال أبنائهم للمدارس عبر تفعيل قانون التعليم الإلزامي ، و قال " استلمت الوزارة العملية التعليمية كركام حيث نعمل على النهوض بها من جديد ببذل جهود استثنائية " .
و عن دور المؤسسات التعليمية ورياض الأطفال بتوحيد العراقيين حول فكرة الوطن بدلاً من الالتفاف حول الطوائف و العشائر قال عبد الرحيم " التربية الوطنية محور ترابط المجتمعات و أجواء العراق الطائفية غير خافية على أحد ، ونبذل الجهود لتعزيز الجو الديمقراطي ، و نشر التوعية بحقوق الإنسان التي تكاد تكون ثقافة جديدة ، و هي بحاجة لإدراك المعلم أولاً بحقوق الإنسان بحيث يعامل طلابه بما تقتضيه ، و التعامل بين أفراد المجتمع بجو وطني يضمن السلم الأهلي ، كما نعمل على إعادة دراسة المناهج المدرسية خاصة مواد التاريخ والتربية الإسلامية لتحقيق انسجام يبعد المشاكل بين أطياف الوطن الواحد " و تابع بالقول " العراق بحاجة لنقلة نوعية لتعود المؤسسة التربوية لسابق عهدها مؤسسة عريقة وحاضنة لطالبي العلم من أبناء الوطن العربي " .

نقلة سورية نوعية خلال السنوات العشر الماضية

خطت سورية خلال السنوات العشر الماضية خطوات واثقة لتأمين رعاية سليمة للطفولة عبر إحداث الهيئات المشرفة على العمل التربوي و الأسري كهيئة شؤون الأسرة و المركز الإقليمي لتنمية الطفولة المبكرة و المعتمد من قبل اليونسكو و الذي سيقدم خدمات للمنطقة العربية في مجال عمله و إصدار قانون التعليم الخاص الذي سمح بإحداث القطاع الخاص لرياض الأطفال بالإضافة لمشروع مسار كجزء من الأمانة السورية للتنمية و التي أنشئت بمبادرة ورعاية من السيدة أسماء الأسد حيث تعمل برامج مسار على تنمية مهارات أطفال سورية بحيث وصل عدد المستفيدين من البرامج 175 ألف طفل حول سورية بمعدل 1200 طفل يومياً .
ونوه وزير التربية السوري الدكتور علي سعد بالجهود التي تبذل على المستويات كافة و قال " لحسن الحظ تهتم الإرادة السياسية العليا متمثلة بالسيد الرئيس بشار الأسد وعقيلته أسماء بالطفولة حيث أشرفت على المؤتمر و أعطته الكثير من الرعاية هذه الإرادة التي تدعم الجهود ، حيث أعطى الاهتمام السياسي التجربة السورية التميز عبر متابعة الدولة لمسألة رعاية الطفولة مما يبشر بنتائج طيبة بهذا المجال " وتابع بالقول " اهتمت التجربة السورية خلال السنوات العشر الماضية بالجانب الفيزيولوجي السليم و دمج ذوي الحاجات الخاصة بالمدارس الرسمية و الخاصة أو بالأولمبياد الخاص الذي تستعد سورية لاستضافته ".
و رأى سعد بان ما يبذل من جهود للاهتمام بطفل اليوم يعد استثمار للغد بالقول " الإطار المرجعي يقول بأن أي اهتمام بهذه المرحلة هو اهتمام بالمستقبل ، وما يقدم لمراحل الطفولة المبكرة لا يعد خدمات بقدر ما يحسب كاستثمار مستقبلي ، فالاهتمام بالطفل يبدأ من ما قبل الولادة وحتى عمر الثامنة ، ولا يقف عند هذا الحد ".



تجربة عريقة

تعد التجربة الأردنية من أقوى التجارب العربية بالتعامل مع الطفولة المبكرة حيث أدركت الأردن أهمية الطفولة المبكرة حيث نظمت البرامج المتطورة و أعدت السياسات الخاصة و المبادرات لدعم الفئات العمرية الأولية الغنية بالمثيرات التي تدفع لتكامل النمو العقلي و الجسمي و الاجتماعي و العلمي
و أشاد تيسير النهار وزير التربية الأردني السابق لدام برس بالتجربة الأردنية الواضحة للعيان كمثال حي تستشهد بها المنظمات الدولية و الدول العربية و التي يميزها الإرادة السياسية الأردنية لدعم برامج الطفولة المبكرة عبر التركيز على المناطق البعيدة و النائية بالأرياف ، و إحكام التنسيق القائم بين الجهات المختلفة لتحقيق التكامل بالخدمات الاجتماعية و الصحية و التربوية أو ما يتعلق بحماية الطفل .
و أضاف النهار " قطع الأردن أشواط متقدمة بهذا المجال عبر إستراتيجية وطنية خاصة بالطفولة عام 2002 محددة بأطر زمنية وبرامج و مؤشرات تحقق للطفل نمو متوازن ".
و أضاف النهار " واقع الطفل العربي ليس بالوضع المقبول حيث تبلغ نسب الالتحاق ببرامج تربوية قبل المدرسة فقط 15 % من الأطفال ، عدا عن تحديات الخدمات الصحية و الحماية و الأمان " .
و رأى بضرورة الارتكاز على قاعدة سليمة تتمثل بالاهتمام بالطفولة المبكرة و التي ترفع من استعداد الطفل العربي للتعلم ، وبالتالي نقضي على الفجوات اللاحقة ، حيث أثبت الدراسات بأن الأطفال الخاضعين لبرامج تربوية مبكرة يستمرون بمدارسهم ولا يتسربون منها ، مما يحمي مستقبل التعليم ببلداننا العربية ".
وعن الرؤية الوطنية الموحدة في ظل العدد الكبير من المؤسسات التربوية بالأردن قال النهار " الرؤية الموحدة لا تعني النمطية ، إنما تعني الإفصاح عن الرؤية و الأهداف الوطنية ، و الخطوط العريضة للعملية التربوية و العمل على استنباط سياسات و معايير تضمن الجودة بكل المؤسسات".

المؤتمر فرصة لتقديم رؤية موحدة

رأى وزير التربية السوري علي سعد خلال حديثه للصحفين على هامش المؤتمر بالمؤتمر فرصة لوضع رؤية عربية وتنسيق بالبرامج والسياسات ، والانتقال من المستوى النظرية لمستويات تبادل الخبرات والتطبيق العملي حيث هناك قرار بتنسيق الجهود و الخبرات على مستوى الطفولة المبكرة و أضاف سعد " سيصدر عن المؤتمر إعلان دمشق سينتقل ليعرض باسم المجموعة العربية بمؤتمر دولي يعقد بموسكو أواخر الشهر الحالي ".
و عن دور المؤتمر بتقديم رؤية واضحة لتربية الجيل الجديد قال تيسير النهار " هذا هو السؤال الكبير أمام المؤتمر حيث لا تقف الدول العربية على مسافة واحدة من قضاياها المصيرية ، و رؤيتها التعليمية و نأمل التوصل لإطار كبير فضفاض يستوعب التطوير المستمر ، و التجديد لبرامج الطفولة المبكرة و نأمل بعرض تجاربنا العربية بالمؤتمر ، و تحليلها واستنباط عناصر القوة و النجاح فيها ، و ما يهمنا كيف نؤمن لطفلنا العربي حقه بالتعليم الجيد و بالحياة الآمنة و السعيدة و في إطار جهد بناء تكاملي من خلال مداخل متعددة سواء بالخدمات الصحية أو الاجتماعية أو التربوية أو عناصر النماء الاجتماعي و شموليتها " وتابع بالقول كلنا نأمل ببناء طفل يساهم ببناء إنسان منفتح غير تقليدي يفكر بصورة صحيحة كون التحدي الأكبر عند الأجيال العربية كيف ندخل مجتمع المعرفة بصورة واثقة و صحيحة من خلال مداخل بناء شخصية الجيدة " .

معلومات أولية

تهتم مرحلة الطفولة المبكرة بالطفل من عمر 0 وحتى 8 سنوات
بلغت نسبة القيد الإجمالية في التعلم قبل الابتدائي للدول العربية عام 2007 للذكور 20% و الإناث 18 % فيما بلغت عام 1999 للذكور 17 و الإناث 13 % فيما تصل بدول أمريكا الشمالية و أوروبا الغربية 82 % .
يتميز دماغ الطفل بعمر الثالثة بأعلى كثافة من عدد الواصلات بين الخلايا الدماغية.
سبع عوامل أساسية تساعد على نمو دماغ الطفل الانفعال و الحركة و الرؤية والسمع والتفكير والموسيقى و التغذية .

دام برس : سعد الله الخليل
sadalakh@yahoo.com

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=8005