دام برس ـ طرطوس ـ سهى سليمان :
حزن وغصة امتلأت بها قلوب ذوي الجرحى والشهداء، بعد أن عجز صوتهم بالوصول إلى من يلبي نداء الحقّ، جلّ مطالبهم أدوية أو معالجات طبية، أو حتى فرص عمل تؤمن لهم معيشة كريمة بعد أن قدم أولادهم أرواحهم فداءً لهذا الوطن.
هذا ما كان في احتفال تكريمي لذوي الشهداء والجرحى يوم السبت 15 نيسان 2017 في المركز الثقافي بمنطقة القدموس، حيث افتتح الاحتفال بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، ثم النشيد العربي السوري، تلاه تكريم السيد رئيس مجلس الوزراء عشرات العوائل من ذوي الجرحى والشهداء.
وكان السيد رئيس المجلس والوفد المرافق له رحب بذوي الشهداء والجرحى، بعد أن نقل لهم تحية السيد الرئيس بشار الاسد وتقديره لتضحياتهم، مؤكداً على أهمية اللقاء بذوي الشهداء والجرحى الذين ضحى أبنائهم بأرواحهم وروا بدمائهم الطاهرة تراب الوطن.
مؤسسة دام برس حضرت حفل التكريم والتقت عدداً من ذوي الشهداء والجرحى لتنقل لكم معاناتهم ومطالبهم:
المعونات حقّ... لكننا نشحدها!!
السيد محمد راشد علي، والد الشهيد حكيم محمد راشد الذي استشهد في جوبر، ذكر أن هذا التكريم يمثّل فخراً له لبطولة ولده ولكّل الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل رفعة البلد، ودافعوا عن العرض والوجود.
وأوضح والد الشهيد أنه رجل كفيف فاقد لبصره منذ أربعين عاماً وربى أولاده كالأيتام فهو لم يراهم نهائياً، وتعب كثيراً للحصول على وظيفة لمتابعة تربية أولاده لكنه لم يستطع، وبعد استشهاد ولده حاول كثيراً الحصول على "كولبة" ليتمكن من خلالها تأمين قوت يومه وأولاده لكنه عجز عن ذلك.
وقال إنه قدم إلى المحافظة طلباً للحصول على "كولبة" لكنهم أبعدوه متهماً البعض بأنهم يريدون أموالاً وأن من لا يملك نقوداً لن يعطوه شيء، إضافة إلى معاملته السيئة في المحافظة.
وفيما يتعلق بالمعونات ادعى أنه لم يحصل على أي معونة خاصة بالشهداء في ظلّ عذاب كبير يتعرض له من خلال مطالبتهم بأوراق عدة عدا عن الوقوف الطويل على الدور إلى أن وصل به الحدّ درجة اليأس ولم يعد يرغب بهذه المعونة.
واتهم البعض بأنه يقوم بتخزين المعونات إلى أن تفسد ثم يقوم ببيعها بعد فسادها كأعلاف للأغنام، بدلاً من توزيعها على المحتاجين وأصحاب الحقّ.
أما والدة الشهيد حكيم راشد، تحدثت أن ابنها أتمّ أربعين يوماً على استشهاده، ولا تريد شيئاً بعد أن فقدت ولدها، حيث دعت الله أن يرحم جميع الشهداء والشفاء العاجل للجرحى والنصر للجيش والوطن والقائد.
الحكومة مقصرة... وحقوقنا لم نحصل عليها
وعبر السيد علي نزهة والد الشهيد الملازم الأول غدير علي نزهة الذي استشهد في حقل شاعر بتدمر في 9/12/2017، عن انزعاجه وحزنه من تقصير الحكومة، حيث أنها لا تقدم شيئاً لذوي الشهداء، وأن هذا التكريم وإن كان فخر له لكنه لا يعني له شيئاً بعد أن راح ابنه.
وأضاف أن لديه خمسة أولاد (أحدهم استشهد، وأربعة منهم يؤدون خدمتهم العسكرية في حمص ودمشق، من ضمنهم ولد له 6 سنوات في الخدمة الاحتياطية بحلب تعرض للتهجير وتدمير منزله واضطر للاستئجار في ظلّ راتب لا يكفيه قوت يومه مع عائلته).
وطالب الحكومة بأمور عدة أولها أن ينقل أحد أولاده ويوضع بمنطقة قريبة منه، ثانياً فيما يتعلق بوظائف ذوي الشهداء أوضح أنه حقّ يجب الحصول عليه لكن للأسف لم نحصل عليه، متسائلاً "بدنا نشحد شحادة من الحكومة؟".
ودعا الحكومة إلى تضميد جروح ذوي الشهداء والجرحى من خلال الاهتمام بهم أكثر واحترام تضحيات أبنائهم، إضافة إلى توظيف أولادهم وذويهم.
بدورها والدة الشهيد غدير شلهوم الذي استشهد في حرستا منذ ستة أشهر بيّنت أنها لا تريد شيئاً من الحكومة، ويكفيها تكريم ربّ العالمين باستشهاد ولدها، فيكفينا هذا العزّ والفخار.
أما والد الشهيد فقد أكد على أن هذا المصاب هو مصاب عزّ والحمد الله صابرين على ما كتبه الله لنا، ونحن ندعو الله أن يرحم جميع الشهداء ويسكنهم فسيح جنانه، وأن ينصر الجيش على أعدائه.
ذوي الشهداء والجرحى: لا علاج ولا فرص عمل...
المصاب مؤيد علي علوش أخ لشهيدين، الشهيد غازي محسن علوش الذي استشهد في جزل بتدمر والشهيد محسن علي علوش الذي استشهد في تفجير الشيخ مسكين مساكن الضباط ولغاية الآن لم يكرمهم الله بدفنه. عبّر المصاب مؤيد عن انزعاجه من التقصير في متابعة وضعه الصحي حيث يحتاج لعمل جراحي لا يمكن القيام به في سورية، حيث أنه يعاني منذ سنوات أربع من مشكلات عدة وكتل (نورما) على العصب نتيجة طلقات سامة أصيب بها.
وطالب الحكومة بتأمين العلاج اللازم له بعد عذابه المستمر، حيث أنه لا يرغب بشيء سوى العلاج، قائلاً إنه يريد النوم لليلة واحد دون أن يتعرض لنوبة شدّ العصب، كما أشار إلى فرص العمل التي من المفترض الحصول عليها ذوي الشهداء وخاصة أن في العائلة شهيدين لكن إلى غاية الآن لم يحصلوا على أي فرصة بعد تقديمهم مرات عدة منذ ثلاث سنوات.
واجب الحزب إيصال المعونات إلى منازل ذوي الشهداء والجرحى
وفي لقاء خاص مع أمين شعبة الحزب في منطقة القدموس إبراهيم مرجان بدأه بالترحم على أرواح الشهداء الشرفاء والدعوة بالشفاء العاجل للجرحى والعودة السالمة والسريعة لجميع المخطوفين، مشيراً إلى أن عملهم كشعبة حزب يبدأ منذ لحظة خبر الاستشهاد من خلال المشاركة في مراسم التشييع والعزاء وتقديم المباركة لأهل الشهيد، إضافة إلى تقديم مساهمة مادية بسيطة لذوي الشهيد.
وأضاف أنهم يقومون بتسجيل أسماء الشهداء وتنظيمها وفق قوائم محددة، ليتمّ متابعة أمورهم وتكريمهم، حيث كرّمت الشعبة لمرات عدة عدد كبير من ذوي الشهداء على مستوى المنطقة، وذلك يتم بشكل دوري على أن لا يتكرر التكريم أكثر من مرة، موضحاً أنه يحدث في بعض الأحيان بعض التضارب بين الجهات المكرمة الحكومية أو الخاصة دون التنسيق مع الشعبة وهذا ما يؤدي إلى تكريم لذوي شهيد معين أكثر من غيره.
وأكبر مثال على ذلك التضارب في التكريم الذي حدث اليوم في المركز الثقافي حيث وجدنا 40 أسماً مكرمين دون علم الشعبة بذلك، وبعضهم مكرمون سابقاً، مؤكداً أن التكريم الذي يحدث أكثر من مرة يكون وفقاً لوضع ذوي الشهيد إن كان من الطبقة الفقيرة أو لديه وضع صحي سيء بحيث يكون التكريم نوع من الدعم المعنوي والمادي له.
أما بالنسبة لتوزيع المعونات فتحدث أن العملية تتمّ عن طريق الشعب والفرق الحزبية وتصل إلى ذوي الشهيد كل شهرين مباشرة، حتى أن هناك توزيع المعونات على ذوي شهداء حرب تشرين التحريرية، مؤكداً عدم تجاهل أي أسرة شهيد بل على العكس يتمّ أحياناً توزيع المعونات أو السلل الغذائية على زوجات الشهداء وأهلهم، علماً أن هذا يتناقض مع قوانين مؤسسة الهلال الأحمر التي تعمد إلى استهداف متضرري الحرب فقط.
وعن النقص أو بيع بعض المعونات ذكر أمين الشعبة أنه ليس من مسؤولية الحزب متابعة الأمور الرقابية وإنما مهمة الشعبة إيصال السلة إلى مستحقيها، ونحن لا نستهدف سوى ذوي الشهداء والجرحى والمفقودين، في حين تقوم بعض الجهات الحكومية أو الأهلية بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر باستهداف بعض الأسر الفقيرة جداً والتي لم تحصل على سلل غذائية إطلاقاً وذلك بموجب دفتر العائلة.
تجدر الإشارة إلى أن الحفل حضره رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس وعدد كبير من الوزراء ومحافظ طرطوس صفوان أبو سعدى وأمين فرع الحزب مهنا مهنا، إضافة إلى عدد كبير من الجهات الحكومية والشعبية، إضافة إلى أمهات وزوجات الشهداء المكرمين، وعدد آخر من المهتمين.
وفي الختام مؤسسة دام برس الإعلامية تشكر كل القائمين على هذا التكريم، وتدعو الجهات المعنية في المحافظة للاهتمام بذوي الشهداء والجرحى والمفقودين ورعايتهم الرعاية المثلى، وتأمين مطالبهم المحقة بعد التضحيات الكبيرة التي قدمها أولادهم.